الأسد يطالب أوروبا بدعم الوسيط التركي
طالب الرئيس بشار الأسد، أمس، أوروبا بتقديم الدعم اللازم لإحياء عملية السلام، عبر الوسيط التركي، مشيراً إلى عدم توفر الشريك الإسرائيلي اللازم للسير في هذا الاتجاه. ورحّب بما تم التوصل إليه في الملف النووي الإيراني عبر اعتماد لغة الحوار و«الذي أكدت أنه الأسلوب الوحيد لحل مشاكل المنطقة». وشدّد على أن الأولوية في سوريا هي للتعاون مع أوروبا وليس الشراكة، موضحاً أن «الشراكة بحاجة لمناقشة لم تنته بعد من الناحية القانونية والفنية، وذلك بما يحقق مصالح سوريا بشكل كامل».
وقال الأسد، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش في زغرب، إن الجانبين عملا على وضع أسس استراتيجية لعلاقاتهما الثنائية، مشدداً على أهمية ربط موانئ البحرين المتوسط والأدرياتيكي عبر مرافئ البلدين، منوهاً
بالعمل لإعداد اتفاقية بهذا الشأن، وهو الذي يسمح بامتداد خط التجارة القائم بين البحرين باتجاه القارة الأوروبية من الغرب.
وأكد الأسد، بعد جلستي مباحثات مع نظيره الكرواتي، إحداهما موسعة، أن محادثاته مع ميسيتش تهدف إلى «وضع أسس استراتيجية لعلاقات بلدينا السياسية والاقتصادية»، موضحاً أن الجانبين بحثا «الاتفاقيات المطلوب توقيعها، والتي تساعد المزيد من التعاون بين البلدين»، مشيراً إلى اتفاقيتين في هذا الصدد «للتعاون الاقتصادي وحماية الاستثمارات»، إضافة للاتفاقيات في مجال النقل البري والبحري «خاصة للوصل بين شواطئ المتوسط في سوريا وشواطئ البحر الادرياتيكي، إضافة للتعاون السياحي بين البلدين».
وأعلن الأسد أنه «سيتم الإسراع بدراسة الاتفاقيات بهدف توقيعها وفتح الأبواب أمام قطاع الأعمال الخاص بين البلدين، ومجالس رجال الأعمال، لكي تقوم بتوسيع التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين البلدين».
وعن الوضع الإقليمي، قال الأسد «شرحت لميسيتش وجهة نظر سوريا تجاه القضايا المطروحة، وخاصة قضية السلام، وأعدت التأكيد على موقف سوريا الساعي لتحقيق السلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية ومؤتمر مدريد، والذي يتطلب وجود شريك من الطرف الإسرائيلي لإتمام هذه العملية». ورأى أن «فشل عملية السلام خلال العقدين الماضيين لتحقيق السلام، يلقي عبئاً جديداً على الدول الأوروبية من أجل إحياء هذه العملية المتوقفة، والتي تضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم». وأكد أن «عملية السلام لا يمكن أن تنفصل عن الوضع الإنساني في الأراضي المحتلة، وبالتالي لا بد من فتح المعابر التي تسمح للمواطنين الفلسطينيين بالتواصل مع العالم الخارجي، إضافة لرفع الحصار وإزالة المستوطنات من الأراضي الفلسطينية».
وانتقل الأسد للملف النووي الإيراني فرحب بما تم التوصل إليه اتفاق بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران. وقال «عبرت عن ارتياحنا الكبير لما تم التوصل إليه في الموضوع النووي الإيراني مجددا من خلال إتباع سياسة الحوار، والذي أكدت أنه الأسلوب الوحيد لحل مشاكل المنطقة»، آخذين بعين الاعتبار الحق الشرعي لشعوب المنطقة في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية. وكرر موقف دمشق حول ضرورة «جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل». وشكر كرواتيا على مشاركتها في جهود حفظ السلام في المنطقة عبر مشاركة جنودها في قوات «الأندوف» في الجولان.
وعن كيفية انسجام كرواتيا ضمن رؤيته الاستراتيجية لربط البحار الأربعة، قال الأسد، الذي التقى رئيس البرلمان لوكا بيبتش ورئيسة الحكومة يادرنكا كوسور، «بالنسبة لوصل البحار فإنه إذا استطعنا وصل بحار العالم مع بعضها البعض من خلال علاقات اقتصادية وثقافية جيدة فهذا يخدم السلام ككل، لكن الجغرافيا مهمة، وكلما اقتربت هذه الجغرافيا كان تأثيرها المباشر علينا أقوى، سلباً أم إيجاباً». وأضاف «في هذا الإطار فان الأدرياتيكي والمتوسط هما بحر واحد، ولكن هناك تسمية الأدرياتيكي، لذا تحدثنا في جلسة المحادثات الموسعة عن ضرورة ربط هذه المرافئ بين سوريا وكرواتيا عبر اتفاقية النقل البحري».
وعن العلاقة مع أوروبا، فرق الأسد، الذي يلتقي اليوم بممثلين عن الجالية السورية، مجدداً بين عنصري التعاون والشراكة. وقال إن العلاقات السورية الأوروبية تتطور بشكل جيد و«هناك محوران لها، هما التعاون والشراكة». وأوضح أن «الشراكة هي إطار من اجل التعاون، وهي إطار قانوني ولكن في سوريا أعطينا الأولوية للتعاون وليس للشراكة، لأنها من الناحية القانونية والفنية بحاجة لبعض المناقشات التي لم تنته بعد، لكي ننظر إليها كإطار يحقق مصالح سوريا بشكل كامل».
وعن الحد الذي وصلت إليه مفاوضات السلام، قال الأسد «في سوريا هناك دعم شعبي لاستمرار المفاوضات للوصول إلى السلام، وهذا شيء مهم جداً لنا كحكومة ودولة، والحد الذي تسأل عنه يكتمل حين يكون هناك شريك إسرائيلي مستعداً للسير في هذا الاتجاه». وأضاف «طبعا نحن بحاجة لوسيط قوي راع لعملية التفاوض، ومن خلال تجربتنا مع تركيا العام الماضي حين أدارت مفاوضات غير مباشرة لمدة ثمانية أشهر، وكان الوسيط التركي ناجحاً جداً في إدارته لعملية التفاوض. المطلوب من البلدان الأوروبية، وهذا ما تحدثنا به بشكل متكرر مع مختلف المسؤولين الذين التقينا بهم، أن يقوموا بعملية دعم هذا الدور التركي في المرحلة الحالية».
من جهته، اتخذ الرئيس الكرواتي موقفاً متحفظاً في حديثه عن الشأن الإقليمي، مركزاً حديثه على التعاون الاقتصادي المرتقب بين البلدين. وأشار إلى أن زيارة الأسد إلى زغرب، والتي تستمر يومين، هي الأولى لرئيس سوري، كما كان الأمر بالنسبة لزيارته العام المـاضي إلى دمشق، معتبراً أن هذا «دليل على رغبة كل من الطرفين الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد