«ناصر».. هوس بالتفاصيل لملاقاة التوقعات

كانت الساعة تتجاوز الخامسة عصراً حين طلب المخرج السوري باسل الخطيب من فريق مسلسل »ناصر« أخذ ساعة راحة »بريك«، لتناول الغداء قبل استئناف التصوير داخل »بلاتوه ١« في ستديو »الأهرام«. وكانت خبيرة الماكياج الإيرانية سودا بيا في الغرفة »رقم١« ومعها فريقها يتناقشون مع الفنان مجدي كامل (الذي يجسّد شخصية الزعيم جمال عبد الناصر) في تفاصيل تتعلق بملامح الرئيس خلال فترة حرب ١٩٦٧ ومدى تأثّره بالهزيمة..
لم تكن فترة »البريك« للراحة والغداء بقدر ما كانت فترة استعداد وتحضير للمَشاهد المُنتظر تصويرها في نهاية اليوم. الكل في حالة من الانشغال: تمسك الفنانة لقاء الخميسي بيدها ورقة السيناريو لمراجعة دور شخصية تحية كاظم زوجة الرئيس جمال عبد الناصر. يبحث الممثل شريف حلمي عن ملابس شخصية الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل التي يجسدها. أما الفنان عبد الرحمن أبو زهرة فيتأكد من وجود اكسسوارات ملابسه العسكرية التي يؤدي بها شخصية اللواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر. فيما يجلس الفنان محمد وفيق إلى جوار المؤلف يسري الجندي للتفاهم معه في تفاصيل تتعلق بشخصية والد الرئيس جمال عبدالناصر، وهي الشخصية التي يقدّمها وفيق في العمل، ومعهما تجلس الفنانة وفاء عامر للتأكد من بعض تفاصيل شخصية والدة الرئيس جمال عبد الناصر. هكذا يتوزع فريق العمل ضمن مجموعات تنسّق مشاهد التصوير الثانية. وحده الممثل مجدي صبحي الذي يجسد شخصية الصحافي علي أمين، مؤسس جريدة »أخبار اليوم«، يتابع أمام شاشة صغيرة آخر مشهد قام بتصويره قبل موعد الاستراحة. 
في حديث مع المخرج السوري باسل الخطيب الذي بدا متفائلاً لجهة ساعات التصوير والمونتاج التي حققها فريق العمل: »أنجزنا شوطاً كبيراً من التصوير في سوريا ومصر، وخلال أيام قليلة ننتهي من تصوير جميع مشاهد المسلسل ليصبح جاهزاً للعرض خلال رمضان«.
وعن مدى صعوبة تجسيد شخصية لها وزن عبد الناصر قال الخطيب: »لست مصرياً، لكني عربي، وأعرف قيمة وقدر الرئيس جمال عبد الناصر جيداً. أنا مؤمن جداً بالقضية والشخصية التي أطرحها، أعشق هذا الرجل وأجتهد من أجل الوصول لروح الشخصية، يساعدني في ذلك الفنان مجدي كامل الذي يجسدها ببراعة، ويعاوننا في هذا فريق الماكياج الإيراني الذي يسعى جاهداً، بلغة الصورة، الى الوصول لنسخة تحاكي الواقع تمام المحاكاة«. وأضاف الخطيب: »كلنا درسنا الشخصية بتفاصيلها ودقائق ما أحاط بها من خلال قراءة الكتب والجرائد ومشاهدة الفيديو لخطابات الرئيس، بالإضافة إلى مشاهدة ألبومات الصور الفوتوغرافية المتوفرة لدينا عن الرئيس عبد الناصر. لقد درست السينما في روسيا وهناك عرفت عبد الناصر ومدى تأثيره الدولي، ومن أجل هذا المسلسل اعتذرت عن العديد من الأعمال ومنها مسلسل »أسمهان«، واعتبر أن مسلسل »ناصر« أهم محطاتي الفنية«. يحرص المخرج على الإشارة إلى نقطة يعتبرها تُميّز المسلسل عن باقي الأعمال التي سبق ونفذت: »ستحضر شخصيات أتوقع أن تكون مفاجِئة للمشاهد، لأنها لم تظهر في الأعمال الفنية الأخرى التي تناولت الرئيس عبد الناصر، ومنها شخصية الليثي شقيق الرئيس عبد الناصر، وكذلك جده الذي يجسّد شخصيته الفنان محمد الدفراوي، وعمّه الذي علّمه السياسة«.
بدوره، تحدث الفنان مجدي كامل عن استعداداته ورأي عائلة الزعيم عبد الناصر: »بعد أن بدأنا التصوير تلقيت اتصالات عديدة من أسرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للتهنئة على العمل. كما أعطوني بعض النصائح والإرشادات في ما يتعلق بعادات الرئيس اليومية وتفاصيل دقيقة حول مظهره، ومنها أنه لم يكن يترك الكرافتة مفتوحة أبداً وإنما كان يربطها طالما هو يرتديها، وانه كان يفضّل الجلوس في مكتبه ويستمع للإذاعة أو يقرأ الصحف والكتب، كما كان يحرص على ارتداء »الروب« فوق »البيجاما« (أو البدلة الصيفية التي يرتديها في منزله). وتابع كامل: »بالاضافة إلى تلك النصائح أدرس الصور الفوتوغرافية جيداً لحفظ انفعالات عبد الناصر التي رصدتها كاميرات المصورين، ثم أحاول نقلها أمام الكاميرا كما هي«.
بدورها، تتحدث الفنانة لقاء الخميسي بحماس عن شخصية زوجة الرئيس تحية كاظم: »أبهرتني تلك الشخصية حين قرأت الدور. هي امرأة قوية، ولم تشعر بالضعف إلا لحظة وفاة زوجها، حين صرخت من فرط الألم والحزن على فراقه«. وتضيف الخميسي: »هذا العمل بمثابة محطة فنية مهمة ليس لي وحدي وإنما لكل من شارك فيه، ونتمنى أن ينال إعجاب الناس«.
قبل أن تكمل الفنانة حديثها، كان المخرج باسل الخطيب قد قرر استدعاء الممثلين مجدداً إلى البلاتوه، فقد انتهت ساعة الاستراحة. وكما لو أن أحداث المسلسل انعكست على سلوكيات العاملين فيه، اجتمع الفريق والتزم الكل بتوجيهات المخرج بمجرد أن أشار بيده بتحبّب من بعيد.

محمد الحسن

المصدر: السفير