إسرائيل تنسف التبادل مع «حزب الله» وتعلن مقتل الأسيرين
بدأت إسرائيل رسميا أمس أولى خطواتها لتفجير صفقة تبادل الأسرى مع «حزب الله»، بشروعها في إجراءات الإعلان عن مقتل الجنديين الأسيرين لدى الحزب إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف.
وتضاربت المواقف الإسرائيلية بشأن الصفقة مع «حزب الله». وفي حين أشارت وسائل الإعلام إلى تراجع رئيس الحكومة إيهود أولمرت عن موافقته عليها، وأنه أمر مبعوثه بالمطالبة بتعديلها، شدد رئيس الأركان غابي أشكنازي على الالتزام بإعادة الجنديين حتى لو لم يكونا على قيد الحياة. ودخل رئيس الأركان السابق موشيه يعلون على الخط، بإعلانه أنه يمكن أحيانا التضحية بأسير، إذا كان ثمن افتدائه باهظا.
وأعلن التلفزيون الإسرائيلي أن الجيش بدأ بإجراءات الإعلان عن مقتل الأسيرين. وعرض ضباط من الاستخبارات العسكرية أمس كل ما هو متوافر من معطيات استخباراتية عن الجنديين، على الحاخام الأكبر للجيش العميد آفي رونسكي. وتشير هذه المعطيات إلى أن لا أمل كبيرا في أن الاثنين على قيد الحياة. ويعتبر الحاخام الأكبر للجيش المرجعية المسؤولة عن الإعلان عن مقتل الجنديين. واعترف المراسل العسكري للقناة العاشرة بأن مثل هذا التطور، يقود إلى تفجير الصفقة التي كانت شبه مبرمة مع «حزب الله» لتبادل الأسرى.
وأشارت صحف إسرائيلية إلى تزايد العقبات أمام إبرام الصفقة، بسبب السجال في الجيش وداخل الحلبة السياسية عن الثمن الباهظ في استبدال «أحياء بأموات». وأفادت هذه الصحف بأن أولمرت بات يميل إلى الموافقة على توصية مرفوعة من الاستخبارات، بالإعلان عن وفاة الجنديين. ويعني هذا الإعلان تحويل قضية الإفراج عن عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار، إلى قضية إشكالية، ما يعني احتمال فشل الصفقة.
وربما من منطلق الإحساس بأن هذا ما يدبر، تشن عائلتا الجنديين أوسع حملة لإقناع الوزراء بتأييد الصفقة وعدم تأجيل البت فيها. واجتمعت العائلتان لهذه الغاية حتى الآن مع غالبية أعضاء المجلس الوزاري المصغر، بينهم وزراء الدفاع والخارجية والأمن الداخلي.
ونوقشت في اجتماع وزاري أمني أمس الأول، تفاصيل الصفقة بحضور كل من أولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ورئيس الأركان غابي اشكنازي ورئيس «الشاباك» يوفال ديسكين ورئيس «الموساد» مئير داغان ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين ومفوض شؤون الأسرى عوفر ديكل. وعرضت في الاجتماع كل بنود الصفقة، والتي تضمنت للمرة الأولى إشارة إلى الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
وبدا في المداولات أن كلا من رئيس «الموساد» ورئيس «الشاباك» يعارض بشدة صفقة تقوم على مبدأ «أحياء في مقابل أموات». بل إن رئيس «الشاباك» حذر من أن صفقة في مقابل جثتي الجنديين، قد تعني احتمال المس بحياة الأسير لدى حركة حماس في غزة جلعاد شاليت. وبرغم التقارير التي قدمها رجال الاستخبارات عن الاحتمالات العالية لأن يكون الجنديان ميتين، فإن المصادر السياسية الإسرائيلية كما أهالي الجنديين، يصرون على أنه «ليس هناك دليل قاطع على أنهما أموات».
وحث ديسكين وداغان أولمرت على عدم الموافقة على الصفقة بصيغتها الراهنة، خاصة أن «حزب الله» لم يقدم معلومات بخصوص مصير الملاح الجوي المفقود رون أراد. وثمة من رأى أن أولمرت تراجع، بضغط من «الموساد» و»الشاباك»، عن الصفقة التي تريدها قيادة الجيش. ومع ذلك فإن القرار النهائي لم يُتخذ، وثمة من يعتقد أنه قد يُتخذ غدا في اجتماع خاص للمجلس الوزاري المصغر.
وفي المقابل، يؤيد اشكنازي تنفيذ صفقة الأسرى مع «حزب الله»، خلافا لرأي قسم كبير من مرؤوسيه الأمنيين وبينهم رئيس شعبة الاستخبارات. وقال اشكنازي في المداولات أمس «لدينا التزام بإعادة الجنديين، حتى لو لم يكونا على قيد الحياة». وهكذا يكون قد ألمح الى تأييده الصفقة المتبلورة، وان لم يكن الجنديان على قيد الحياة.
ولكن رئيس الأركان الأسبق موشيه يعلون أعلن أنه «في أوضاع معينة، فإن ثمن الصفقة يكون أكبر بكثير من ثمن فقدان الجندي الأسير» معتبرا أن الاستجابة لدفع مثل هذا الثمن يشجع الطرف الآخر على مزيد من عمليات الاختطاف. وتابع «أننا نعيش في واقع واضح لنا فيه أننا سنحرر على الدوام، فيرغبون بالمزيد، وينفذون عمليات أكثر. والمعضلة ليست بسيطة».
ويرى معلقون أن قدرة «الموساد» و»الشاباك» على عرقلة الصفقة أكبر، إذا ترك القرار للمجلس الوزاري المصغر، في حين تتقلص هذه القدرة إذا اتخذ القرار في الحكومة بكاملها.
وكان المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر الأوضح في رواية بنود صفقة التبادل مع «حزب الله». وكتب أنه «بحسب مسار الصفقة المطروحة، والتي اتفق عليها مع الوسيط الألماني، سيعاد الجنديان المخطوفان في مقابل تحرير سمير القنطار وأربعة من مقاتلي حزب الله كانوا أسروا في حرب لبنان الثانية وكذلك في مقابل 199 جثة للبنانيين (بينهم فلسطينيون ايضا)».
وأشار إلى أن أولمرت أمر مفوض شؤون الأسرى عوفر ديكل «بالعودة مرة اخرى الى الوسيط الألماني لإحضار تفصيل إضافي في موضوع رون اراد. اسرائيل تتوقع الحصول من حزب الله على تقرير مفصل بشأن الجهود التي قام بها والشهادات التي جباها ممن رأوا اراد قبل أن يختفي في عام 1988».
وأوضح شيفر للمرة الاولى أن الوسيط الألماني كان قد توصل إلى حل وسط بين مطلب «حزب الله» بالإفراج عن أسرى فلسطينيين، والإصرار الإسرائيلي على رفض ذلك. وقال شيفر إن هذا الحل يتمثل «في رسالة للامين العام للامم المتحدة بان كي مون تتعهد فيها اسرائيل بأن تحرر بعد أسابيع من تنفيذ الصفقة، كبادرة طيبة شخصية للامين العام، سجناء فلسطينيين. ويقرر الجانب الاسرائيلي عدد الفلسطينيين المحررين».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد