مؤتمر تجديد الفكر القومي يختتم أعماله
اختتم مؤتمر تجديد الفكر القومي والمصير العربي الذي عقد في دمشق في الفترة ما بين الخامس عشر والتاسع عشر من شهر نيسان الجاري أعماله بعد ظهر أمس وجاء في البيان الختامي للمؤتمر:
أمام ما تتعرض له امتنا العربية من خطر اقتلاع وجودها وفي هذه اللحظة التاريخية التي بلغت فيها امتنا من التشتت والضياع والتمزق والصراعات والاحتلالات مبلغا لا سابق له انعقد المؤتمر بمشاركة نخبة من المفكرين الساعين الى بناء رؤية نهضوية شاملة ومعمقة لواقع الامة العربية ومستقبلها وتطلعاتها التي يجب ان تقوم على الوعي والمواطنة والديمقراطية وتنوع الحريات وقيام الدولة العصرية ومواكبة التطور العالمي للمشاركة في صناعة التاريخ.
وأشار البيان إلى أن المشاركين بحثوا خلال المؤتمر مسالة الهوية وتجديد الفكر القومي والوحدة العربية والطريق إلى الدولة الامة والديمقراطية والمواطنة والقومية العربية والدين وحركات المقاومة وتهمة الارهاب والتجديد بين الثقافة العربية والرابطة القومية مؤكدين على رفض الرؤى والحلول القطرية للصراع العربي الإسرائيلي ومشددين على ان عروبة فلسطين تقع فى صميم المسؤولية القومية.
وسلط المؤتمر الضوء على ما تنطوي عليه الاستراتيجيتان الصهيونية والامريكية من مخاطر على الامة العربية ومصيرها القومي.
وجاء في البيان..اذ يعي المؤتمرون اهمية تلك القضايا وضرورة مواصلة التفكير فيها يدركون الحاجة إلى رفدها بمحاور وقضايا اخرى في آفق يوسعه نطاق المقاربة الفكرية لمسائل المصير القومى العربى من منظور يرمي إلى تجديد الرؤية الفكرية لهذه المسائل ما يفرض ديمومة الاستمرار في تقويم الفكر القومي العربي وتنقيحه وتصحيحه واغنائه ليكون معطى مصيريا حياً قابلا للتعديل والتراكم والتطور داعيا الى تكريس هذا المؤتمر سنويا مع توسيع دائرة المشاركة بين الاجيال والتمثيل الجغرافى المتوازن للوطن العربي.
واكد البيان على ان العمل الفكرى والمنتج لا يستقيم الا باقرار الحق في الاختلاف والاعتراف بالاخر وبالتنوع والانفتاح على سائر الثقافات والدفاع عن وظيفة الفكر والثقافة والابداع.
ووجه المؤتمرون في ختام البيان الشكر لسورية رئيساً وشعباً مؤكدين أن دمشق جديرة بأن تكون عاصمة الثقافة العربية ولها الشكر على عطائها القومي والثقافي الدائم وحرصها على ان تبقى هذه الامة قامة حضارية تساهم في جعل الحياة على هذه الارض مناسبة للابداع والحرية والعدالة والسلام والتقدم.
وأصدر المؤتمر في ختام أعماله توصياته التى أكدت على ان يكون مؤتمر تجديد الفكر القومي والمصير العربي دورياً سنوياً مع تشكيل هيئة له أو لجنة للمتابعة والتنسيق ومأسسة المؤتمر بما يسمح له باستمرار عمله الثقافي والفكري وبأن يتحول إلى نشاط فكري دائم عبر هذه المؤسسة.
وأوصى المؤتمر بتكليف الدكتورة العطار برئاسته والمسؤولية عن متابعة لجانه وأنشطته وقضاياه.
كما أوصى بان تصدر اعمال المؤتمر بكتاب وينشأ موقع خاص به على شبكة الانترنت يكون تفاعليا ومرنا وجذابا وان يواصل اعماله ومناقشاته وحواراته ويوسع اتصالاته بالمثقفين والمفكرين العرب فى الوطن والمهاجر وفق ما تراه لجنة المتابعة مناسبا وبصورة منهجية منتظمة مع ايلاء التواصل بين الاجيال الاهتمام الكافى من جانب المؤتمر وايجاد وسائل لاشراك المرأة والشباب بنشاطات وفعاليات المؤتمر القادم.
- وكان المؤتمر قد تابع فعاليات يومه الخامس بجلسته الأولى التي قدم فيها الإعلامي اللبناني رفيق نصر الله ورقة عمل حول دور الإعلام في زمن الميديا في تجديد الفكر القومي.
ونبه نصر الله في ورقة العمل إلى خطورة وسائل الإعلام والسطوة التي تشكلها الميديا على كل وثائقنا الأمر الذي جعل الإعلام المحرك الأساس لصناعة القرارات الاستراتيجية أو نقل صورة وترجمة هذه القرارات بما في ذلك خوض الحروب والدور الخطير للميديا في تغيير القناعات وفي إعادة صناعة الرأي العام.
وشدد نصر الله على ضرورة امتلاك زمام المبادرة وتوظيف وسائل الإعلام لإعادة تجديد الفكر القومي انطلاقاً من امتلاك منظومة كاملة من الميديا الإعلامية.
وقال إن هذا ليس فقط من مسؤوليات الدولة بل من مسؤوليات النخب والأحزاب والمجتمعات الأهلية مشيراً إلى أن الأفكار والإيديولوجيات تحتاج إلى تسويق لكي تكون على خريطة الميديا والتأثير.
وأضاف نصر الله إننا نشهد الآن وجهاً من وجوه الحرب المفتوحة علينا وبالتالي هي جزء من معركة لا وقف لإطلاق النار فيها.. بل هناك صراع حقيقي بكل أبعاده الحضارية والإنسانية والسياسية والاجتماعية لأن هذا الصراع يطول الهوية والشخصيات واختتمت الجلسة الأولى بمداخلات ومشاركات تناولت دور الاعلام فى تجديد الفكر القومي.
قالوا في المؤتمر:
وقال نصر الله إن مؤتمر تجديد الفكر القومي والمصير العربي شكل نقطة ملامسة لتطلعات تجديدية لدى النخبويين العرب ولدى شريحة كبيرة من المثقفين العرب باتجاه إمكانية تجديد الفكر القومي العربي.
وشدد نصر الله على ضرورة الخروج من مجرد التوصل لقرارات إلى محاولة إيجاد مشروع يمتلك آليات لتطبيق هذه القرارات وتعميم هذه الثقافة الجديدة على المستوى العربي العام مؤكداً أن ما طرح في هذا المؤتمر يشكل حقيقة الهواجس التي نعيشها على مستوى الوطن العربي وكيفية مواجهة تحديات هذه المرحلة.
من جانبه قال الباحث المصري الدكتور جلال أمين: إن الحوارات التي تناولها المؤتمر كانت ذات سوية عالية ومهمة جداً وساد فيها جو من الحماس يعيدنا بالذاكرة إلى زمن الفكر القومي العربي.
وأضاف: إنه من الضروري التقاط نقاط محددة من هذا المؤتمر وإقامة ندوات مصغرة كندوات حول الإعلام والعولمة وموضوعات أخرى متخصصة.
من جهته وصف الباحث العراقي الدكتور فاضل الربيعي المؤتمر بأنه مهم للغاية مؤكداً أن الانطباع الذي يخرج منه المرء في ختام هذا المؤتمر هو أنه يضع الأساس الصحيح لقيام إطار ثقافي وفكري جديد يقدم رؤية استراتيجية عن التحديات التي تواجه الأمة العربية والفكر القومي في هذه المرحلة.
وأضاف: إن أهمية هذا المؤتمر ستتحدد في إمكانية تشكيل إطار فعال يجمع المفكرين حول رؤية استراتيجية جديدة معرباً عن الأمل في قيام هيئة أو لجنة دائمة تعني بتحويل توصيات وقرارات هذا المؤتمر إلى مواد وفعاليات وورشات عمل من أجل تطوير رؤية فكرية استراتيجية.
من جانبه قال الباحث اللبناني: هاني مندس منسق عام مؤتمر مقاومة الغزو الثقافي الصهيوني أن أهمية المؤتمر في زمانه ومكانه في دمشق التي هي الملاذ والمدافع الأول عن العروبة والقومية العربية وهي الصامدة في وجه المخططات الأميركية والصهيونية رغم كل التحديات.
ونبه مندس إلى خطورة المخططات الإمبريالية في طورها الجديد المتمثل بمحاولة منع التطور في البلدان النامية وإثارة التمييز العنصري والكراهية في العالم بهدف تفتيت المجتمعات الأخرى.
وشدد مندس على ضرورة تجديد الفكر القومي عن طريق تجديد الوسائل وطرح سياسة متكاملة وكيفية فهم العدو لمواجهة المخاطر والتحديات التي يفرضها وجود الاحتلال وفي مقدمتها تهديد الهوية العربية.
بدوره قال الباحث المصري محمد السعيد إدريس: إن هذا المؤتمر كشف عن عدد من الحقائق وأظهر حاجة المفكرين العرب إلى لقاء يجمعهم لتبادل الرؤى والأفكار من أجل النهوض بمهمة تاريخية لتجديد الفكر العربي لمواجهة التحديات والقضايا الجديدة التي تحتاج إلى رؤى وفكر عربي جديد.
وأضاف: إن هذا المؤتمر أظهر أيضاً حاجة المفكرين إلى اتخاذ مواقف متقاربة من قضايا لم تعد تقبل الاختلاف.
وأوضح إدريس أن المؤتمر أظهر أن سورية هي القلعة الباقية المنيعة لحماية الوعي والعقل العربي.
ووجه إدريس الشكر إلى سورية لتنظيم هذا المؤتمر معرباً عن أمله في أن يكون عام دمشق عاصمة للثقافة العربية عاماً لإعادة استرداد مابقي من ذخيرة في الوطن العربي حول هويتنا العربية ومكانتنا العالمية وأن تسخر عامها لحماية الثقافة الملتزمة والمبدعة وليست ثقافة الترفيه التي ضللت الوعي العربي.
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد