أزمة «العيش المصري» إلى أين؟
يكاد لا يمر يوم من دون أن تنشر الصحف المصرية أنباء عن مقتل أو جرح مواطنين جراء مشاحنات عنيفة في طوابير أفران «الخبز المدعّم» ذي القروش الخمسة (أقل من سنت)، بعدما ضربت أزمة شحّ الرغيف الأسر المصرية، مع القفزة المفاجئة للاسعار في أسواق القمح العالمية.
وإن بدأت «المشاحنات» أمام أفران الرغيف المدعوم حكومياً بالجدال والصراخ، فكثيرها لا ينتهي بغير السكاكين والرصاص، حتى بلغ ضحاياها 15 قتيلاً على الاقل، بدأ البعض يطالب مراجع الافتاء بتصنيفهم «شهداء».
يومياً، تصطف طوابير الرجــال والــنساء بالمئات منذ ساعات الفجر الاولى، أمام مخــابز القاهرة. ولأن هذه الافــران تقـفل أبوابهــا عند منتصــف الليل تماما، فدرجة التــوتر تبلغ ذروتــها بين المنتظرين قبيل الثانية عشرة ليلاً، خشية ضياع فرصتهم من الخبز.
ويوضح صلاح، المسؤول في مخبز «زهرة غمرة»، أن «عدداً قليلاً» من هؤلاء ينال الخبز بعد طول انتظاره، «وفي كثير من الأحيان يصب المواطنون جام غضبهم على موظفي المخبز»، مشيراً إلى أن الازدحام بدأ يتزايد «منذ ستة أشهر تحديداً».
منتظراً في الطابور، يقول المواطن رضا محمود «ما نحن فيه الآن أقرب إلى المجاعة. لا نستطيع الحصول على أكثر من 20 رغيفا من الخبز يوميا، وهو ما لا يكفي حاجة الأسرة». تضيف مواطنة باكية إن أصحاب المخبز لا يلتزمون بالطابور و«يبيعون الخبز لمعارفهم».
وتحاول الحكومة المصرية، من جهتها، احتواء الأزمة: فأطلقت شركة مساهمة لتوزيع الخبز في أحياء القاهرة وضواحيها، وقالت إنها اعتمدت 4.5 مليار جنيه (نحو 800 مليون دولار) لدعم الخبز وتغطية فرق السعر، مؤكدة أن كمية الدقيق المدعّم التي توفرها بأسعار بخسة للمخابز تكفي حاجة المواطنين، لكن أصحاب المخابز يعيدون بيع الدقيق في السوق السوداء بأرباح كبيرة.
في هذه الاثناء، يحذر الخبراء من أن زيادة سعر الرغيف المدعّم، والذي لم يتجاوز ثمنه خمسة قروش منذ 20 عاماً، قد يؤدي إلى ثورة شعبية في ظل عدم زيادة الأجور، كـ«انتفاضة الخبز» التي شهدتها مصر في العام .1977
وكان ارتفاع أسعار القمح عالمياً السبب في غلاء ما كان يسمى بـ«الرغيف السياحي» من 10 ـ 25 قرشا إلى 35 قرشاً، ما دفع بمستهلكيه إلى التحول صوب الرغيف المدعم. يضاف إلى ذلك غلاء أسعار معظم السلع الاساسية الأخرى، ما زاد اعتماد الاسر المصرية الفقيرة على الخبز.
وكان برنامج الغذاء العالمي أشار، في مطلع الشهر الحالي، إلى أن مصاريف الاسرة المتوسطة المصرية ازدادت بنسبة 50 في المئة منذ مطلع العام، فيما يؤكد خبراء أن نسبة التضخم أكبر بكثير من الارقام التي تعلنها الحكومة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد