شاهد جديد من جماعة خدام ضمن مسلسل شهود اغتيال الحريري
من بين الشهود الذين قدّموا معلومات لسلطات التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كُشف النقاب حتى اليوم عن أربعة: اثنان منهم تراجعا عن إفاداتهما عبر وسائل الإعلام، والثالث صار مشتبهاً فيه بالضلوع في اغتيال الحريري. أما الرابع فيشتبه في وجود علاقة له بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، واليوم يتكشّف «شاهد» خامس
ذكرت مصادر مطّلعة على سير التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، أن لجنة التحقيق الدولية «أُرهِقت»، بعد تسلّم القاضي البلجيكي سيرج براميرتس رئاستها، بتقويم عدد كبير من الشهود الذين قدّموا إفاداتهم إلى اللجنة من دون أن يكونوا قد أقاموا أدلّة على المعلومات التي يدلون بها. وذكرت المصادر أن المشترك بين العدد الأكبر من هؤلاء الشهود هو تقدّمهم للإدلاء بما يملكون من معلومات بعد المرور في «معبر سياسي لبناني ينتمي إلى فريق السلطة».
وبعد محمد زهير الصديق، وهسام هسام، وابراهيم جرجورة وعبد الباسط بني عودة، ذكرت المصادر أن شاهداً آخر تقدّم لسلطات التحقيق اللبنانية، مدلياً بمعلومات تكاد تكون في مضمونها مطابقة لما رواه الشهود الآخرون.
أضافت المصادر أن الشاهد الأخير، ويدعى محمد شحّود، سوري الجنسية من مواليد حلب عام 1957، ادّعى خلال إدلائه بإفادته أنه كان قد أسّس في سوريا تنظيماً سمّاه الحزب الديموقراطي الحر، وأن السلطات السورية ترى حزبه منظّمة سرّية غير شرعيّة. وخلال الثمانينيات، كان يعمل مخبراً لحساب المخابرات السورية، وكانت مهمته مراقبة عدد من الأشخاص داخل سوريا. لاحقاً، أوقفه الأمن السوري أشهراً عدة بتهمة جنائية عادية (غير سياسية أو أمنية). وبعد الإفراج عنه، عاد لممارسة مهنته الأصلية وهي ميكانيك السيارات. عام 2006، انتقل من سوريا إلى لبنان حيث التقى عدداً من السياسيين في فريق السلطة، ومنهم أحد المراجع الرسميين المدنيين من الصفّ الأول. بعد ذلك، تقدّم من الجهاز الأمني الذي يتولى التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الأخرى، مدلياً بمعلومات عن اغتيال الحريري. وذكر محمد في إفادته أنه من مناصري نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، وأن ما دفعه للقدوم إلى لبنان والإدلاء بما لديه من معطيات هو شجاعة خدّام التي تبدّت من خلال ظهوره على وسائل الإعلام مهاجماً النظام السوري. وأضاف أن من اتخذوا قرار اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأشرفوا على التنفيذ، هم رئيس الاستخبارات العسكرية السورية اللواء آصف شوكت واللواء غازي كنعان والعميد رستم غزالي. وأكّد محمّد أن تنظيماً لبنانياً ساعد في الإعداد للاغتيال، لكن منفّذي العملية هم سوريون. وعن مصدر معلوماته، قال إنه تمكّن من الحصول عليها عبر علاقاته داخل جهاز الاستخبارات السوري. وطالب محمد خلال التحقيق بمنحه الجنسية اللبنانية، خاتماً إفادته بمطالعة سياسية عن الوضع السوري الداخلي، رأى فيها نظامَ بلاده نظاماً أقلوياً يقمع الأكثرية الشعبية التي لا يستطيع أحد أفرادها نيل أي خدمة من دون أن تكون له علاقات مع الطائفة الحاكمة، أو مرضيّاً عنه من مسؤوليها.
إضافة إلى شحّود، وكانت لجنة التحقيق الدولية قد استمعت إلى إفادة عبد الباسط بني عودة، في إحدى الدول الأوروبية، بعدما ادّعى امتلاكه لمعلومات تفيد التحقيق بقضية اغتيال الرئيس الحريري. وكان بني عودة يعيش داخل أراضي الـ48 ويحمل أوراقاً ثبوتية إسرائيلية، وتحدّثت تقارير أمنية عن علاقة له بـ«الموساد» الاسرائيلي. ودخل عبد الباسط لبنان خلسة عبر الحدود الجنوبية بعد تحرير الجنوب عام 2000، وسلّم نفسه الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مدعياً أمامها أنه هرب من إسرائيل التي تلاحقه بتهمة التعامل مع السلطة الفلسطينية، وأنه يريد من هربه الى لبنان الحصول على فرصة للسفر الى دولة اخرى. لكن حصل أن أوقف لمدة من الوقت قبل أن يصار إلى الحصول له على سمة دخول الى السويد بواسطة مكتب اللاجئين في الأمم المتحدة، فسافر إليها حيث أقام هناك، بعدما استحصل على جواز سفر باسم آخر هو انطونيوس بني عودة.
وادعى بني عودة أمام لجنة التحقيق أنه خلال فترة توقيفه لدى الأمن العام اللبناني حصل معه ما يجعله يوجه الاتهام إلى عدد من المسؤولين اللبنانيين بالتورط في جريمة الاغتيال. وأظهرت التحقيقات اللاحقة معه أنه كان على صلة بالأجهزة الأمنية الاسرائيلية بما فيها «الموساد».
شاهد آخر ظهر على شاشات التلفزة، هو ابراهيم جرجورة، الذي تراجع خلال ظهوره الإعلامي عن إفادة كان قد أدلى بها للقضاء اللبناني، ومفادها أن باستطاعته الحصول على وثائق من سوريا تثبت تورّط النظام السوري، والضباط اللبنانيين الأربعة، بالإعداد لاغتيال الرئيس رفيق الحريري وتنفيذه. وادّعى جرجورة في الشريط المصوّر الذي بثته قنوات تلفزيونية، أن من دفعه للتقدّم بإفادته هو وزير الاتصالات اللبناني مروان حمادة.
وخلال الفترة الفاصلة بين التقريرن الأول والثاني اللذين أصدرتهما لجنة التحقيق الدولية عندما كانت برئاسة ديتليف ميليس، ظهر هسام هسام مقدّماً نفسه على أنه شاهد أساسي لدى لجنة التحقيق الدولية، متراجعاً عن إفادته التي ذكر فيها أن سياسيين لبنانيين هم من دفعوه للتقدم من لجنة التحقيق الدولية والإدلاء بإفادته أمام لجنة التحقيق. وقد ذكر التقرير الثاني للجنة في الفقرة الثلاثين منه أن هسام كان أحد المصادر السرية للتحقيق.
وكان محمد زهير الصديق أوّل «الشهود» الذين أعلن عنهم في قضية الحريري، حين ورد اسمه في التقرير الأول للجنة التحقيق الدولية (في الفقرة 104 منه)، حيث ذكر أن الصديق تحوّل من شاهد إلى مشتبه فيه. وكان الصديق قد زعم في إفادته امام اللجنة أن سبعة مسؤولين سوريين والضباط اللبنانيين الأربعة ضالعون في خطة اغتيال الحريري، وأن الاجتماعات التخطيطية لعملية الاغتيال عُقدت في شقته بمنطقة خلدة، قبل أن يغيّر مكانها إلى شقة أخرى في الضاحية. كذلك، تحدّث الصدّيق عن شاحنة الميتسوبيشي التي استخدمت في التفجير، قائلاً إنه شاهدها في معسكر الزبداني، قبل أن يعترف يوم 27 أيلول 2005، «في وثيقة خطية، بأنه شارك في مرحلة التخطيط المباشرة التي سبقت الاغتيال وأنه عمل سائقاً لعدة أشخاص من المشتبه فيهم طوال يوم 14 شباط 2005»، كما ورد في الفقرة 112 من التقرير نفسه.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد