كوليت بهنا : عجائبنا السبعة
انتهت الشهر الفائت مسابقة اختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهي المسابقة الأضخم التي شارك فيها 100 مليون نسمة من كافة أنحاء العالم صوتوا عبر الانترنيت ورسائل الجوال القصيرة في صناعة قرار عالمي بهذا الحجم احتفوا بما يليق به ضمن احتفالية عالمية أقيمت في استاد بنفيكا البرتغالي.
عجائب العالم التي صوت لها العالم ، ليست عجائب أو معجزات فوق-أرضية ، وإنما هي في النهاية صروح جمالية أبدعتها البشرية على الأرض تؤكد على قوة وإرادة الإنسان الحيّ الذي يمكنه أن يستثمر الحياة ليصنع العجائب ، ويمكن للحياة أن تستثمره لتحوله بذاته إلى أعجوبة.
1-أولى هذه النماذج هو المواطن العربي ( العادي) ، الأعجوبة الكبرى في الصمود في وجه كوارث الغلاء ونوائب التضخم. ينفق أكثر مما يقبضه بعشرات المرات في معادلة حسابية رياضية يعجز عن حلها المعلم فيثاغورث بذاته . هو مواطن خارق بجدارة عجنته أزمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطبابة وسوء التغذية وكافة أزمات المعيشة الكثيرة والمستمرة ، فبات يرى في العتمة مثل القطط أكثر مما يراه في الضوء ، ودرب مناعته حتى صارت تقاوم أعتى الجراثيم والطفيليات في أي نوع من أنواع المياه التي يتلقاها راضيا مرضيا لاينبس ببنت شفة بعد أن حدثت أعجوبة حقيقية في ملامحه فتغيرت جيناته مع الأيام واختفت شفتيه ، أو صار كما يقال (إلو تمّ ياكل مالو تم يحكي ).
2-الأعجوبة الثانية يحظى بها بلا منازع مواطن (غير عادي). فهذا المواطن يعمل غالبا كموظف درجة عادية في مؤسسة ما . ورغم ذلك تراه ماشاء الله حوله وحواليه يصرف جل وقته في العمل ليس لتصريف شؤون الناس ، بل لطموحاته الاستثمارية التي يمتلك لأجلها دهاء مميزا أمكنه أن يكون لديه في عرس كل جمعية سكنية قرص ، يثير لهيب عقاراته التي يمتلكها حسب (الهاي سيزن) ، ويحفظ عن ظهر قلب أسعار كل مواد البناء كما يحفظ كل مواد القانون وكيفية المراوغة بينها والخروج من أي أزمة مثل الشعرة من العجين.في النهاية هو مواطن أعجوبة حقا تدعوك حاله وأحواله إلى التأمل وطول التفكير ثم عدم التوصل إلى أي نتيجة سوى العجب ثم العجب ثم كثير من التعجب!!!
3- المستثنى ، على رأسه ريشة، ولاأحد سواه يعرف من وضعها له ولاأحد سواه يعرف من ينتفها له. في أيام سعادته ، يحظى بكل مايشتهي، وله كل الفرص والمنح والرحلات والهدايا والاحتكارات وكل ماتطلبه نفسه من ملذات. لايشبع إذا أكل ولايرتوي إذا شرب ، كريم مع نفسه وبخيل مع الجميع، ورغم أنه يكاد يغرق في النعم ، إلا أنه يقاتل بشراسة من أجل (فتفوتة) خبز يمكن أن تسقط من طبقه ويتلقفها سواه، لأنه يؤمن أنه أحق بها من الجميع ، وإلا مافئدة أن يكون اسمه المستثنى؟!!.
4- المثقف ، أعجوبة الأعاجيب في طول البقاء وقوة الصمود ، يلتقط لقمته كفاف يومه مثل عصفور نبت له مع الأيام جناحان صغيران يصلحان فقط لالتقاط الرزق ولايستعملان أبدا للطيران الحر. قدرته الفائقة على الالتفاف بمهارة بين تلافيف دماغ الرقابة غيرت شكل دماغه فجعلته لولبيا مرنا قابلا للطي عند الضرورة ، ونبت له إضافة إلى لسانه الأصلي القصير لسانا جديدا هو لسان حاله الذي نادرا مايستعمله حتى لو كان مع حاله.
5- الماحي، صديق الجميع بلا استثناء، وصديق المثقف بشكل خاص. إذا كان مزاجه معكراً يمكنه أن يمحي مايشاء. أما حين يكون مزاجه طيباً فهو قادر أن يمحي مايشاء ومن يشاء ساعة يشاء. خلق هذا الكائن ليكون(ماحياً ) فقط ، وأي تغيير في جيناته سيمحيه بنفسه إلى الأبد.
6- الشبح، يظلل على كل من تقدم أعلاه . يشعرون بحضوره دون أن يروه ، تلامسهم أنفاسه، يحوم حولهم ويتغلغل فيهم دون أن يلتقطوه . هو من أكثر الأعاجيب إثارة للحيرة والتساؤل ، إذ كيف يمتلك كل هذه القدرات الخفية ولايستطيع أن يظهر إلى العلن ويتخلص من (حالة تشبحه) كأسير لها مدى الحياة ؟
7- أما الأعجوبة السابعة ، فأترك الخيار للقارئ، وأعتقد أن النصيحة الأفضل هي أن ينظر كل إنسان إلى نفسه في المرآة مليا ، فقد يعثر في نفسه على أعجوبة خفية مختلفة ومميزة تليق به كي يحتل المنصب السابع ، ويكمل الحلقة الناقصة في سلسلة الأعاجيب السبعة وذمّتها..!
كوليت بهنا
المصدر: مجلة جهينة عدد أغسطس
إضافة تعليق جديد