هل تعيد الأجندة 47 ترامب للبيت الأبيض؟
قبل ثمانين عامًا، تناول المنظر السياسي والاقتصادي البريطاني هارولد لاسكي في كتابه “الحريات في الدولة الحديثة” موضوع العلاقة بين السياسة والاقتصاد، مشيرًا إلى أن الدول الناجحة عادة ما تجعل السياسة تعمل لصالح الاقتصاد وليس العكس.
واستعرض لاسكي حالة الاقتصاد الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، والذي كان يواجه حينها خطر تراجع صادراته.
قدم لاسكي ثلاثة حلول لمعالجة هذا الوضع: أولًا، إعادة تنظيم القوى الشرائية للمواطنين من خلال نموذج اقتصاد مخطط لتعويض التراجع في التجارة الخارجية.
ثانيًا، تقديم الحكومة الأمريكية المزيد من القروض لتعزيز القدرة الشرائية والاستهلاكية للعملاء الأجانب. ثالثًا، فرض الصادرات الأمريكية على الأسواق العالمية من خلال العقوبات والحروب الاقتصادية.
بشكل مثير للاهتمام، تتقاطع هذه الاستشرافات مع ما قام به دونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى (2016-2020) وما يخطط له في حال فوزه في انتخابات 2024.
تتمثل الأجندة الاقتصادية المقبلة لترامب، والمعروفة باسم “الأجندة 47″، في التركيز على تعزيز الاقتصاد الأمريكي من خلال سياسات تشبه تلك التي اقترحها لاسكي.
فقد وعد ترامب بتحسين مستوى معيشة الأمريكيين عبر خفض تكاليف الكهرباء والطاقة وتقديم تخفيضات ضريبية للشركات المحلية ودعم استقلال الولايات المتحدة في مجال النفط والغاز، بما يتوافق مع رؤية نائبه المختار جاي دي فانس، مؤلف كتاب “Hillbilly Elegy”.
نجاح ترامب في تحقيق هذه الوعود قد يكون تجسيدًا عمليًا لاقتراحات لاسكي حول تعزيز الطلب المحلي على المنتجات الأمريكية.
ومع ذلك، فإن هذا النهج يتطلب نفقات رأسمالية كبيرة، ومن المتوقع أن يؤدي إلى زيادة الدين الأمريكي بمقدار 4.6 تريليون دولار بحلول عام 2034، وفقًا لتوقعات وكالة “موديز” للتصنيفات الائتمانية.
أما بالنسبة للحروب الاقتصادية، فقد كانت الحرب التجارية مع الصين خلال فترة ترامب الأولى مثالًا واضحًا على ذلك، ومن المتوقع أن يستأنف ترامب هذه السياسات إذا عاد إلى البيت الأبيض، مع فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 10% على جميع الواردات الأمريكية و60-100% على الواردات من الصين.
في المقابل، يواجه الاقتصاد الصيني تحديات كبيرة، مع تباطؤ في النمو الاقتصادي وتراجع معنويات المستهلكين والشركات، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الديون.
وقد أشار خبراء إلى أن الصين قد تواجه مخاطر انكماش اقتصادي مشابه لما حدث في اليابان في التسعينيات.
على الرغم من الانتقادات الواسعة لأجندة ترامب، إلا أن هناك إجماعًا على أن السياسة الأمريكية تخدم الاقتصاد، خاصة في عهد ترامب، الذي يسعى للبقاء في مركز الضوء وتوجيه دفة الاقتصاد الأمريكي نحو النمو والازدهار، ما يمنح المواطنين الأمريكيين المزيد من الحرية والثقة.
عربي بوست
إضافة تعليق جديد