اشتباكات مخيم “عين الحلوة”… الأسباب والسيناريوهات المقبلة
وسط حالة من الغضب والامتعاض اللذان يسودان الساحتين السياسية والشعبية اللبنانية تتواصل المعارك العنيفة داخل مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين بالقرب من صيدا في جنوب لبنان، بين عناصر من حركة “فتح” وجماعات إسلامية متشددة.
وفي السياق اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فتحي كليب، أن اشتباكات مخيم عين الحلوة المتواصلة منذ الشهر الماضي تقريبًا، “مؤسفة تدمي القلوب وتسيء إلى صورة الوجود الفلسطيني في لبنان”.
وفق تصريحات كليب قال إن “المتتبع لطبيعة واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من الواضح أنه منذ 10 سنوات تقريبًا هناك استهداف لهذا الوجود، ويأخذ أشكالًا متعددة أحيانًا أشكالا أمنية أو عسكرية أو حربا اقتصادية على الوجود الفلسطيني، بالتأكيد تصب في خدمة هدف واحد وهو الضغط على هذا الوجود تحقيقًا لأهداف سياسية تضر بالحقوق الوطنية الفلسطينية”.
مشيراً إلى أن “هذه الأحداث التي لم تتوقف رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار وخرقه أكثر من مرة، لأن طبيعة الأطراف المتداخلة مع هذه الأحداث تتوزع على أطراف فلسطينية وإقليمية لها مصلحة فيما يحدث، نعلم أن الذي يحدث ليس اقتتالًا فلسطينيًا فلسطينيًا كما يحاول البعض أن يصوره أو اقتتالًا فلسطينينًا لبنانيًا، هناك حركة “فتح” والأمن الوطني الفلسطيني المعروف مرجعيته السياسية والوطنية، لكن المجموعات المسلحة الأخرى ليس لها مرجع سياسي يمكن أن نتحدث معهم أو يمكن التواصل معهم، وهذا سبب عدم القدرة على نجاح وقف إطلاق النار أكثر من مرة”.
ورأى كليب أن “الأسباب المباشرة للأحداث هي اغتيال قائد الأمن الوطني العرموشي، إلا أنه بات واضحًا أن هناك أجندات سياسية لأكثر من طرف”، معتبرًا أن “الخوف الشديد الذي يمكن أن نتخوف منه الآن ومستقبلًا هو أن تتحول هذه الأحداث إلى روتين يومي لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يتعايش معه، المخيمات الفلسطينية سواء في لبنان أو سوريا أو قطاع غزة هي في مرمى النار الأمريكية الإسرائيلية، لذلك مسألة تهجير سكان المخيمات وافتعال الأحداث الأمنية يومًا بعد آخر يخدم المشروع الأمريكي الصهيوني”.
كليب شدد على أن “النقطة المركزية لوقف الاشتباكات هي تطبيق ما توافقت عليه القوى الفلسطينية ممثلة بهيئة العمل الفلسطيني المشترك والأحزاب اللبنانية التي شاركت في هذه الاجتماعات والسلطات اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، الذين توافقوا جميعًا على أن المدخل الرئيسي والمباشر لوقف هذه الأحداث تسليم من قام بجريمة اغتيال أبو أشرف العرموشي إلى السلطات اللبنانية لأن عدم تسليم من قام بهذه الجريمة من شأنه أن يحول المخيمات إلى غابة وإلى تصفية حسابات”.
مؤكداً أن “التداعيات مدمرة على الوجود الفلسطيني في لبنان، لأن الحالة الفلسطينية في لبنان لا يمكن أن تتحمل مثل هذه الأحداث لفترات طويلة، خاصة إذا ما حصل ما لا يحمد عقباه بانتقال هذه الأحداث إلى مخيمات أخرى، ونعلم أن هناك أكثر من طرف قادر على العبث بأمن واستقرار المخيمات”.
بالمقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي، قاسم قصير، لـ”سبوتنيك”، إن “الاشتباكات في مخيم عين الحلوة لها بعدان، بعد داخلي تفصيلي وهو صراع على نفوذ داخل المخيم بين حركة “فتح” من ناحية ومجموعات متشددة من ناحية أخرى، وبعد خارجي وإقليمي بأن هناك من يريد إدخال مخيم عين الحلوة في صراعات المنطقة، وحتى أن هناك تخوف من أن ما يجري هو من أجل تهجير الفلسطينيين مرة أخرى وضرب الوجود الفلسطيني في المخيمات”.
ورأى أن “الوضع ليس طبيعيًا، لأن استمرار الأحداث مؤشر خطير جدًا، رغم كل الجهود التي تبذل من أجل وقف إطلاق النار، هناك أمل كبير أن تحقق هذه الجهود وقف إطلاق نار، لكن في حال لم تتم معالجة جذرية للمشكلة فحتى لو حصل وقف إطلاق نار هناك خوف من أن تتجدد الاشتباكات بعد فترة”.
وأضاف قصير أن “هذه المسألة تنقل القضية الفلسطينية من قضية شعب يريد أن يحرر أرضه ومقاومة إلى قتال داخلي، وهذا ينعكس سلبًا على صورة الشعب الفلسطيني سواء في لبنان أو في المنطقة، والمسألة الثانية وهي الأخطر أن يكون هناك من يسعى لإلغاء الوجود الفلسطيني كلاجئين بأي تسوية أو مفاوضات تحصل في المنطقة، يصبح هناك نوع من التهجير كما حصل في مخيم نهر البارد وما يجري في مخيم عين الحلوة يمكن أن يتكرر في مناطق أخرى مما يعني ضرب قضية اللاجئين الفلسطينيين”.
كما أكد أن “الجيش اللبناني حريص على عدم التدخل المباشر في الأحداث، ولكن هو يريد الحفاظ على الأمن في لبنان وخصوصًا في مدينة صيدا ومحيط المخيم ومنع امتداد هذه الاشتباكات إلى مناطق أخرى ومنع تحول المخيم إلى سيطرة مجموعات متشددة”، لافتًا إلى أن “الجيش يتصرف بعقلانية، وكذلك الأمن العام اللبناني يقوم بمهمة من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النار، هناك حرص لبناني على وقف الاشتباكات وعدم تمددها، والجيش اللبناني حريص على عدم الدخول في هذه الاشتباكات”.
”سبوتنيك”
إضافة تعليق جديد