الجيش السوداني والدعم السريع يوافقان على هدنة مدةَ 3 أيام
أعلن الجيش السوداني، مساء الجمعة، وقفاً لإطلاق النار بعد معارك عنيفة شهدتها الخرطوم نهاراً، بين جنوده وقوات الدعم السريع، ووسط دعوات متزايدة إلى هدنة من أجل المدنيين في أول أيام عيد الفطر.
ومساءً، أفاد شهودٌ بأنّ الاشتباكات توقّفت في عدة أحياءٍ في العاصمة، بعد إعلان الجيش وقفاً لإطلاق النار، مدةَ ثلاثة أيام.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت هدنةً صباحاً، ولم تعلّق على إعلان الجيش وقفَ إطلاق النار في القتال، الذي بدأ في 15 نيسان/أبريل، وخلّف 413 قتيلاً و3551 جريحاً، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت نقابة أطباء السودان إنّ مستشفيات جديدة تضرّرت بشدّة في الخرطوم، وأُصيبت أربعة مستشفيات في الأبيض، الواقعة على بعد 350 كيلومتراً جنوبي الخرطوم.
ومن أجل مساعدة المدنيين، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى "السماح بوصول المساعدات الإنسانية فوراً مع استمرار أعمال القتال في السودان".
ودعت الهيئة الدولية "الأطراف مرة أخرى إلى احترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني".
وقال طبيب من منظمة أطباء بلا حدود إنّ "الوضع كارثي" في دارفور، التي تُعَدّ إحدى أفقر المناطق في السودان.
وأضاف أنه "يوجد كثيرون من المرضى، إلى درجة أنّهم يتلقّون العلاج على الأرض في الممرات، لأنه ببساطة لا توجد أسرّة كافية".
ولا يتردّد سلاح الجو، الذي يستهدف قواعد ومواقع لقوات الدعم السريع المنتشرة في المناطق السكنية، في إلقاء القنابل.
وذكرت نقابة الأطباء أنّ "سبعين في المئة من 74 مستشفى في الخرطوم، والمناطق المتضرّرة من القتال، توقّفت عن العمل"، إمّا لأنها قُصفت، وإمّا بسبب النقص في الإمدادات الطبية والكوادر، وإمّا بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.
وفي هذه الأثناء، تكثّفت الاتصالات الدبلوماسية في محاولة لإسكات المدافع. وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، الجمعة، إنه قطع زيارته لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ عدة أيام "بسبب الوضع في السودان".
والخميس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى وقف لإطلاق النار خلال أيام العيد الثلاثة "على الأقل".
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، أنها تنشر قوات في شرقي أفريقيا، تحسباً لاحتمال إجلاء موظفي السفارة الأميركية في السودان. كما سترسل كوريا الجنوبية واليابان طائرات، في الوقت الذي لا يزال مطار الخرطوم مغلقاً منذ السبت.
والجمعة، أعلن مسؤول في الاتّحاد الأوروبي أن التكتّل يُعِدّ خططاً لعمليات إجلاء محتملة لرعاياه من الخرطوم إذا سمح الوضع الأمني بذلك.
واندلعت المعارك بعد أن فشل البرهان ودقلو في التوصل إلى اتفاق بشأن شروط دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش السوداني، وذلك لاستكمال الاتفاق السياسي بشأن عودة المدنيين إلى السلطة.
وتسرع أعداد كبيرة من الناس، وأغلبيتهم من النساء والأطفال في الطرقات بين نقاط التفتيش والجثث، من أجل الفرار. وذكرت الأمم المتحدة أنّ بين عشرة آلاف وعشرين ألف شخص، وخصوصاً من النساء والأطفال، توجّهوا إلى تشاد المجاورة.
ويطلق كل من الجانبين إعلانات النصر، ويوجه اتهامات إلى الطرف الآخر، لا يمكن التحقق منها على الأرض، بسبب خطورة الوضع.
واضطرّت أغلبية المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداتها، وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص الجوعَ، في الأوقات العادية.
من جهتها، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الجمعة، أنّ أحد موظفيها قُتل في المعارك في مدينة الأُبيّض في جنوبي السودان، بعد أن علقت مركبته وسط تبادل لإطلاق النار.
وكان مركز الأبحاث "مجموعة الأزمات الدولية" حذّر من أنّ "لا البرهان ولا دقلو يريدان الاستسلام على ما يبدو. لذلك، فإن الوضع قد يزداد سوءاً".
وأضاف أنّ "نزاعاً طويل الأمد سيكون خراباً للسودان"، ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا، وإحدى أفقر دول العالم.
بدوره، اقترح رئيس كينيا، وليام روتو، توسّط بلاده في إعلان هدنة دائمة بين الجيش السوداني وقوات الرد السريع، واستضافتها مفاوضات تمهّد للتسوية في السودان.
وقال روتو: إنّ "كينيا تعرض استضافة عملية هدنة بين الطرفين من أجل دعم مزيد من التقدم في التسوية السلمية للنزاع في السودان،".
وأضاف: "نقدّم هذا الاقتراح بروح الأخوة والسلام والتضامن كمنصةٍ محايدة مقبولة، وأيضاً كطرفٍ معنيّ يدرك جيداً المشاكل التي تواجه منطقتنا".
واندلعت المواجهات المستمرة منذ سبعة أيام، في الخرطوم وفي دارفور (غرب) خصوصاً، بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي يُعَدّ الزعيم الفعلي للسودان منذ انقلاب عام 2021، وبين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وتحوّل النزاع على السلطة، الكامن لأسابيع بين الضابطين الكبيرين، إلى معركة ضارية.
الميادين
إضافة تعليق جديد