تتغير الأحكام بتغير الأزمان

د.محمد سلمان:

الحيرة وألم الحزن يرافقني منذ حدوث الزلزال المفاجيء الذي أضاف تراكمات طارئة على تراكم المشكلات وصعاب الحياة التي نعيشها جميعا طيلة اثني عشرة عاما، حربا وحصارا موتا وجراحا، تشظيا وتشتتا عوزا وفقرا.

في لقاء جمعي والحديث عما خلفه الزلزال المدمر من موت وخراب وتشرد دون تفريق بين مناطق تحت السيطرة واُخرى خارجها وعن تسابق ارتفاع أسعار السلع والدولار، بادرني أحد الحضور سائلا الى أين نسير وما الحل، أجبته: لقد استمعت وقرأت خطاب رئيس الجمهورية بعد زيارته الى المناطق المنكوبة وانتهاء عمليات البحث عن ناجين في محافظتي حلب واللاذقية واطلاعه على الفظاعة التي احدثها الزلزال ومشاهدته تسابق المواطنين من كل أنحاء سوريا بما فيهم سوريي الجولان المحتل على تقديم العون الى المنكوبين، حماسا لا يقل عن حماس ومناصرة العرب شعوبا وحكومات سواء في اتصالاتهم الهاتفية أو بإرسال الوفود الشعبية والرسمية لتعلن وقوفها من دمشق الى جانب سوريا في نكبتها وتقديم المساعدات الإنسانية، متسامية على كل خلاف ومتجاوزة كل قيود. لتبقى دمشق للعرب والعرب لدمشق ولا يفرق بينهم أحد.

أزمة وحدت المشاعر الإنسانية عند السوريين والعرب وأعادت سوريا الى واجهة الإهتمام وولدت أفكارا جديدة لدى غالبية الحكام العرب في التعامل معها، ولدى الرئيس بشار الأسد الذي خاطب الشعب قائلا: يبدو المشهد معقدا وحل المشكلات المتراكمة يحتاج الى امتلاك الرؤية المبنية على توافق وطني منطلق من حوار واسع.
كلام مهم يستحق الوقوف عنده وتسليط الضوء عليه.

أعتقد انه أمسك بالحقيقة وصار لديه أسس للشروع بإيجاد الحل ولملمة التشظي الشعبي، وبقي على المعارضة الوطنية السورية التي قالت يوما لا للتدخل الخارجي ولا للطائفية ولا للعنف الإستجابة والمشاركة الإيجابيتين في الحوار المنتظر.

سألني آخر وكأني في موقع المسؤولية يريد مني جوابا عن متى سيكون الحوار ومن سيقوده، أجبته بان هذا بالتأكيد لا يعود إلا لصاحب القرار.

هناك قاعدة فقهية تقول (تتغير الأحكام بتغير الأزمان) ولا ضير اليوم في أحوالنا المتردية أن تتنازل بعض الشيء كل الأطراف المعنية بالشان السوري لأجل مصلحة الجميع، لاشيء يؤخذ بالمجان، كل عطاء سيكون له مقابل ولا ينسى احد ممن شاهد تلك الطفلة وهي تحت الأنقاض تلف أخيها حين أبصرت المنقذ وناشدته ببراءة 
الطفولة (طالعني بشتغل عندك خدامة)