سوريا:من يشفط مليارات القمامة؟
إذا استندنا إلى تجارب دول أخرى فإننا سنكتشف أن النفايات يمكن من خلال تدويرها إلى حبيبات بلاستيكية تستخدمها الكثير من الصناعات المحلية، تحقيق عوائد بالمليارات تُشكل موردا أساسيا ودائما لمحافظة دمشق أهم من مواردها الأخرى التي تستند على الرسوم أو تأجير عقاراتها أو زرع أرصفتها بمواقف السيارات وبالأكشاك المأجورة!!
وبما أن محافظة دمشق تتجاهل هذا المصدر الكبير للدخل فالسؤال: من يشفط مليارات النفايات.. هل هم الأطفال أم “شركات البحش والنبش” المنتشرة في الظلّ؟
وعندما يكشف مدير النظافة في محافظة دمشق أنه يتم ترحيل 3 آلاف طن يومياً من النفايات، أي أكثر من مليون طن سنوياً فإن السؤال: ماذا تفعل محافظة دمشق بهذه الأطنان.. تحرقها أم تطمرها أو تعالجها أو تدعها للنباشين الصغار والكبار؟
صحيح أن مجلس محافظة دمشق يناقش موضوع النفايات في دوراته المتتالية، لكنه لم يوصي المكتب التنفيذي باستثمار أطنان القمامة بما يحقق للمحافظة عائدات بالمليارات تتيح له استثمارها في تحسين البنية التحتية والمرافق العامة، وبما ينعكس إيجابا على المواطنين، بل كان جل اهتمامه ينصب على قمع ظاهرة “النبش” في القمامة أو باتهام مسؤولين في مديرية النظافة بإدارة عمليات “النبش” لمصالحهم الخاصة!
وبدلا من أن يثير أعضاء في محافظة دمشق موضوع “النبيشة“ .. لماذا لم يقترحوا على المكتب التنفيذي إنجاز مشروع متكامل للاستثمار في النفايات؟
ومثل هذا النوع من الاستثمار المدرّ للمليارات موجود في معظم دول العالم، في حين لا يزال عندنا مهنة بالنسبة لغالبيتنا وضيعة ونظرتنا لمن يمتهنها دونية إن لم تكن محتقرة!
والواقع الفعلي يؤكد العكس تماما، فانتشار عشرات المعامل المخالفة في ريف دمشق لإعادة تصنيع سلع من النفايات يؤكد أن تجارتهم رابحة، فهم يضخّون للسوق عشرات الآلاف من أكياس النايلون المخصصة للمواد غير الغذائية، والأواني والعبوات، والقضبان البلاستيكية، ويبدو أن هذه المعامل لا تزال حتى الآن خارج اهتمامات أجهزة الرقابة التموينية و المالية..!!
ولا يحتاج أصحاب ورشات أو معامل تصنيع القمامة إلى خطوط إنتاجية أو تقنيات حديثة، فعملية فرز القمامة يتم يدوياً في حال أتت إليهم “دوغما، لكن غالبا تأتيهم جاهزة أي “مفروزة“ سواء من الأطفال أو شركات الفرز، والتسمية المفضلة لدى معامل التدوير هي “المعتمد“ وهو صلة الوصل بين النباشين وأصحاب المعامل، ولأن هذه التجارة كبيرة والمتاجرين بها كثر، فقد أصبح لكل معمل معتمد خاص!!
وبعد وصول القمامة إلى المعامل وفرزها يدويا يتم تنقيتها من الشوائب بوساطة آلة بدائية، تمهيدا لطحنها، حيث ينتح عن الطن الواحد من القمامة 800 كيلو حبيبات يباع الكيلومنها بين 1500 ـ 1700 ليرة، وهذه الحبيبات تعتبر نوعاً ثانياً أو ثالثاً ولها عدة استخدامات ما عدا الحافظات الغذائية التي تستورد حبيباتها لأنها يجب أن تكون نخباً أول، لكن بسبب تكلفتها العالية، يعتمد عدد من الصناعيين على استخدام الحبيبات المنتجة من النفايات في صنع الحافظات الغذائية، لكونها أرخص وذات ربح عالٍ!!!
البعث
إضافة تعليق جديد