معمل أسمدة حمص: مشكلة أكبر من قدرة الحكومة
بالرغم من أن مشكلة وجود الشركة العامة للأسمدة بحمص بالقرب من قرية قطينة والتسبب بالتلوث مشكلة قديمة جديدة إلا أن ما حصل بتاريخ 26/4/2007 يستدعي رسم الكثير من اشارات الاستفهام والشكوك في وقت حققت فيه الشركة العامة للأسمدة أعلى رقم بتاريخها منذ عام 1972 وحتى الآن وهو بقيمة 4,8 مليارات ليرة وقد قام وزير الصناعة بصرف مكافأة مالية لجميع عمالها كونها من الشركات الرابحة فماذا حصل بذلك اليوم حتى يطلب محافظ حمص إياد غزال إحالة إدارة الشركة ممثلة بمديرها العام إلى النيابة العامة بحمص.
محافظ حمص في كتابه الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء برقم 1841 ص 10/5 تاريخ 22/5/2007 يقول إنه في صباح يوم الخميس 26/4/2007 تعرضت قرية قطينة وسكانها إلى نسبة تلوث بيئي عالي المستوى ناتج عن معامل الاسمدة المجاورة مباشرة إلى هذه القرية مما عرض بعض التلاميذ إلى حالات الاغماء فيما أصيب الآخرون بنوبات سعال شديدة متأثرين بتلك الغازات السامة مما أدى لاعلام مدير التربية الذي أرسل اطباء الصحة المدرسية وبعد الكشف تبين اشتداد الحالات الربوية مع تهيج بالأغشية المخاطية والتي تؤدي إلى سعال شديد واقياءات مع ضيق شديد في التنفس.
ولذلك طلب الاطباء صرف التلاميذ فورا من المدارس وابعادهم عن مواقع التلوث وهذا أدى إلى هلع الأهالي وتخوفهم على حياة ابنائهم مما دفعهم إلى السير بشكل عفوي إلى الشركة العامة للأسمدة ليطالبوا بوقف هذا الخطر.
ويتابع الكتاب أنه بدلا من أن تقوم إدارة الشركة وعلى رأسها المدير العام باستقبال المواطنين ومعالجة الموضوع من خلال ايقاف المعمل المسبب لتلك الحالة تم اعطاء توجيه للحرس بمنع دخولهم وتم طلب سرية حفظ النظام مما زاد الطين بلة وكادت الأمور تأخذ منحى سلبيا لو لم يتم التدخل من قبل المحافظ وقد رفض مدير عام الاسمدة ايقاف المعمل لأنه لا يملك الصلاحية.
وإن المعمل الملوث للبيئة بشكل خاص هو معمل السوبر فوسفات (TSP) وهذا المعمل اصبح عمره أكثر من 25 سنة وهذا يعني بأن الاعطال ستزداد ونسب التلوث ستتضاعف وازدياد الضرر على المواطنين وخاصة على أهالي القرية.
وخلص الكتاب إلى اقتراح توقيف معمل السوبر فوسفات (TSP) وتفويض إدارة الشركة بإيقاف العمل في المعامل التي تطرح الملوثات الغازية بشكل يفوق الحدود المسموح بها وإحالة إدارة الشركة العامة للأسمدة بحمص ممثلة بمديرها العام إلى النيابة العامة لمخالفة ملوثات الشركة الغازية للمواصفات والتوجه إلى وزارة الري للاسراع في تنفيذ مشروع جر مياه الفرات إلى تدمر والاسراع في انشاء معمل جديد بديل في مناجم الفوسفات.
من جهتها الشركة العامة للأسمدة ردت على كتاب السيد محافظ حمص المحال إلى المؤسسة الكيميائية بحاشية السيد رئيس مجلس الوزراء بأن الوضع الانتاجي والفني في الشركة بذلك اليوم كانت تعمل كافة الاقسام بشكل طبيعي باستثناء بعض الانحرافات البسيطة في قسم انتاج حمض الكبريت مما تسبب بخروج نسبة قليلة جدا من الغازات من مدخنة الخط الأول وذلك بسبب اعطال فنية في مضخات الامتصاص التي تعمل على ضخ الحمض وكان اتجاه الرياح شمالياً وبسرعة بطيئة وبحكم الوضع الجغرافي لتوضع المعامل بالنسبة لبعضها أدى إلى اختلاط وامتزاج الغازات مع بعضها مما أدى إلى تفاعلات ثانوية أخرى وبسبب الرياح الشمالية الضعيفة توضعت هذه الغازات في السكن المجاور لقرية قطينة وفترات الانحرافات في تسرب تلك الغازات كانت لفترة بسيطة جدا لا تتجاوز 30 ثانية وذلك حسب ما جاء في تقرير مخابر مديرية البيئة.
وحول اندفاع اهالي القرية فقد اقتحموا الشركة دون موافقة حرس الشركة وهذا مخالف للأنظمة والقوانين و إن الشركة لم تطلب قوات حفظ النظام وإنما تم طلبهم عن طريق مخفر شرطة قطينة الذي كان يرافق مظاهرة أهالي قطينة.
وتم استقبالهم بشكل جيد وتم ايقاف الخط الغربي في قسم حمض الكبريت ومن ثم تم عقد اجتماع مهم بحضور اعضاء من قيادة فرع الحزب بحمص ومعاون قائد الشرطة ومندوب عن المكتب التنفيذي بالمحافظة ومدير البيئة فيها وقامت الشركة بعدة اجراءات فورية واتخاذ الخطوات اللازمة أهمها ايقاف الخط الغربي في قسم حمض الكبريت وغيرها من الاجراءات.
طالما أن المشكلة قديمة جديدة فقد تم سابقا عقد أكثر من اجتماع وعلى أعلى المستويات لايجاد حلول لهذه المشكلة غير أن الحلول رغم أنها جاءت متشابهة بل متطابقة على كثرة تلك الاجتماعات ومن تلك الاجتماعات الذي عقد في هيئة تخطيط الدولة بتاريخ 31/7/2005 برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري وحضور وزيري الاسكان والصناعة ومحافظ حمص ومدير عام المؤسسة الكيميائية خلص إلى عدم التوسع في الشركة العامة للاسمدة بحمص واستمرار العمل في معمل السوبر فوسفات القائم حاليا ريثما يتم انشاء معمل اخر في منطقة خنيفيس بتدمر مع الأخذ بعين الاعتبار اجراء عمليات الصيانة الضرورية للمعمل فالسؤال المطروح لماذا لم يتم انشاء المعمل في هذه المنطقة طالما أنه الحل الوحيد لمشكلة التلوث.
بخصوص ما حدث فإنه حدث أكثر من مرة وسيحدث طالما أن الشركة موجودة بهذا المكان فالجميع يعلم أن إنشاء المعمل يرجع إلى ثلاثين سنة ماضية وليست المشكلة مشكلة الادارة الحالية كما أنه ليس من صلاحيتها ايقاف المعمل عن العمل والمطلوب هو معالجة هذا الموضوع من جذوره خلال انشاء معمل جديد في تدمر بالقرب من مناجم الفوسفات خاصة أن انتاج السماد ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في الانتاج الزراعي.
عبد اللطيف يونس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد