أسر سورية تنتظر دورها للحصول على أطفال حديثي الولادة من مجهولي النسب
نفت مديرة مجمع لحن الحياة هنادي الخيمي ما يشاع عن ارتفاع عدد مجهولي النسب الذي يصلون إلى المجمع، وقالت: إنما هو ذاته منذ ثلاث سنوات وحتى الآن وإنما ازداد تسليط الضوء عليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ورأت الخيمي في حديثها لـ«الوطن» أن أسباب ازدياد ظاهرة ترك الأطفال في الشارع هي أسباب اجتماعية واقتصادية، لافتة إلى أن عدد الأطفال المتخلى عنهم منذ بداية العام الحالي وحتى لا يزيد على 10 حالات، على حين بلغ عددهم في العام الماضي 50 حالة تقريبا.
وعن وجود تفاوت بين المحافظات في هذه الظاهرة أكدت الخيمي أن الحالات في جميع المحافظات متقاربة، ولا ترتيب إحصائياً متزايد أو متناقص بين المحافظات، مؤكدة أن مصير هؤلاء الأطفال هو إلحاقهم بأسر تقوم برعايتهم بكل أمورهم ومتابعة هذه الحالات والإشراف عليها من المجمع.
وأشارت إلى أنه يتم استقبال الأطفال مجهولي النسب عن طريق أقسام الشرطة حيث تحضر الشرطة الطفل بموجب ضبط ليتم تسجيله بالسجل المدني ليحمل قيداً مدنياً، بعد أن يتم اختيار الاسم الأول له، والطفل مجهول النسب المسجل يمتلك كل الحقوق التي يملكها المواطن السوري. ويتم إلحاق كل الأطفال الرضع بأسر خلال فترة قصيرة بعد وجودهم بالمجمع، وذلك من خلال عقد إلحاق.
وبالنسبة لعقد الإلحاق بينت أنه يتم من خلال إجراء دراسة اجتماعية عن الزوجين الراغبين في إلحاق الطفل بأسرتهما والذين يجب أن تنحصر أعمارهما بين 30-50 والأفضلية لغير القادر على الإنجاب، موضحة أنه لا مجال للأسرة بالاختيار للطفل، لكونه بالحد الأدنى هناك عشرات الأسر قيد الانتظار أمام عدد قليل جداً من الأطفال بالتالي لا يلبث الطفل الرضيع في المجمع حتى يتم إلحاقه.
وبينت الخيمي أنه يوجد حالياً 30-40 طلباً لأسر ترغب بالإلحاق، وتم إلحاق 45 طفلاً العام الماضي، والطفل الملحق يحمل لقب العائلة فقط إن أراد الزوجان ذلك، ولا يترتب عليه أي أثر، ولا يسجل في دفتر العائلة ولا يرث.
وعن إجراءات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للحد من هذه الظاهرة. بينت الخيمي أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ليس لها سلطة رادعة وإنما يتوقف دورها على الدور الرعائي الذي تقوم به من خلال الدور المخصصة لهؤلاء الأطفال ومتابعتهم بكل نواحي الحياة التعليمية والاجتماعية والصحية والترفيهية.
جدير بالذكر أن هناك قانوناً سُنَّ لمجهولي النسب عام 1970، ولم يخضع لأي تعديل جوهري منذ ذلك الوقت، سوى بصدور بعض المراسيم، مثل تغير كلمة «لقيط» إلى «مجهول النسب». وفي عام 2018، طُرح مشروع قانون جديد لمجهولي النسب تحت قبة مجلس الشعب لمناقشته. وعلى الرغم من أنه ليس جديداً بمضمونه، ومصاغ فحسب وفق صياغة تشريعية جديدة، فلم يتم إقراره بعد.
يضم «مجمع لحن الحياة» اليوم نحو مئة وثلاثين طفلاً، وهو عبارة عن بناءين، واحد للفتيات وآخر للفتيان، وقسم للأطفال الرضع. يعتمد البناء على نظام الشقق، فيتوزع كل ستة أو سبعة أطفال في بيت داخل أسوار المجمع، ويتم توفير الخدمات التعليمية والأنشطة لهم، إضافة إلى الغذاء والرعاية. وثمة سيدة مسؤولة عن كل بيت تُدعى «الأم»، ومعها مساعدة لها تدعى «الخالة»، تكون أدنى منها في الترتيب الوظيفي.
يبلغ عدد الموظفين في المجمع 60 موظفاً وموظفة بين مشرفات وأمهات وخالات وطباخات، ويوجد طبيبة تتابع الوضع الصحي، كما تتوزع كاميرات المراقبة في كامل البناء، ويستقبل المجمع الأطفال ويقدم لهم الرعاية، شريطة أن يكونوا مجهولي النسب، وشريطة أن يتراوح عمر الطفل عند قبوله بين يوم واحد وثلاث سنوات، ثم يبقى في المجمع حتى إتمام الثامنة عشرة.
المجمع يُعتبر مسكناً للأطفال فقط، وعندما يصل الطفل لعمر (6 -7) سنوات يسجل مع أقرانه في مدرسة حكومية نظامية خارج المجمع، وبما أن الجمعية تتكفل بمصاريف الدراسة، فالمتفوق يحظى باهتمام أكبر، ويتم وضعه في مدارس خاصة. وفق القانون القائم، يعامل الطفل الذي يلحق بأسرة ويتربّى في كنفها، معاملة الوحيد في سجلات الدولة، وحينما يسجّل الطفل في المدرسة تكون إدارتها على علم بوضع الطالب، وأنه «ابن المجمع»، لذلك يكون التواصل بين المدرسة والمجمع في حال التقصير في الدراسة أو حتى التفوق، فالأمهات البديلات هن من يراجعن المدرسة عند الضرورة.
الجانب المهم أن الأمر محسوم شرعاً بتحريم التبني، ويوافق القانون السوري الشرع في منع التبني وتغيير الأنساب، ولكن يُسمح بما يسمى «الإلحاق»، أو ما يعرف بالأسرة البديلة أو الحاضنة. والأسرة التي ترغب برعاية طفل من المجمع تأخذه بموجب عقد يسمى «عقد الإلحاق» لكن بشروط وبنود محددة وواضحة، من أهمها أن يكون وضعهم المادي جيداً، وتكون الأسرة قادرة على تربيته، وتزويد الدار بتقارير طبية تثبت أن أحد الزوجين لا ينجب، وأنه قد مضى على زواجهم خمس سنوات، وفي حال كانت أنثى عازبة يحق لها الحصول على طفل، ولكن يجب أن تثبت أنها غير قادرة على الإنجاب، وأيضاً ألا يقل عمرها عن الثلاثين، ولا يزيد على 55 سنة.
محمود الصالح
إضافة تعليق جديد