قرار توجيه الدعم متهم بزيادة الأسعار
في الصراع الأزلي مع الأسعار يتجدد السؤال : لماذا ارتفعت الأخيرة بعد قرار إعادة هيكلة الدعم ؟ ارتفاع رصدته ” تشرين ” طال مجمل المواد الغذائية والخضراوات و الفواكه واللحوم والألبان والأجبان وغير ذلك ، ناهيك بموجة جديدة من التباين السعري للمادة الواحدة بين المحل ونظيره وفي الحارة ذاتها .
ارتفاع وتباين تنفي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك علاقتها بقرار رفع الدعم ، في حين يؤكدها الرأي الاقتصادي المختص .
الحق على ضعاف النفوس والمناخ !
مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تمام العقدة قال لـ ” تشرين “: لا علاقة لقرار رفع الدعم بقفزة الأسعار الأخيرة، إنّما سببها محاولات بعض ضعاف النفوس وبعض التجار استغلال القرار، وأما ارتفاع أسعار بعض الخضراوات فسببه الظروف المناخية وقاعدة ” بداية الموسم ونهايته ” التي تتجدد في كل عام, لكنها تزامنت مصادفة مع قرار رفع الدعم هذه المرة ”
بالمرصاد
ما نفاه العقدة يؤكده المحلل الاقتصادي فاخر قربي لـ” تشرين” : ” إن ارتفاع الأسعار الأخير سببه قرار إلغاء الدعم عن بعض المواد ، فالأخير يعني سحبها من السوق بطريقة افتراضية, وبالتالي فقدانها من العرض وزيادة الطلب عليها وارتفاع سعرها، إضافة إلى تعدد أسعار المواد البترولية والخبز، الأمر الذي أفسح المجال أمام تجار السوق السوداء ، كل ذلك في ظل غياب غير مبرر للرقابة التموينية ” ، وهو ما ردَّ عليه العقدة ، ” بانتشار الدوريات التموينية في كل الأسواق والوقوف لضعاف النفوس بالمرصاد ”
هنا الكارثة ! ..
بالعودة إلى سجل الضبوط الذي حصلت ” تشرين ” على نسخة منه من مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد إبراهيم ، بلغ عدد المخالفات المضبوطة بعد قرار رفع الدعم خلال شباط الجاري وحتى تاريخه 459 ضبطاً، من بينها 9 ضبوط فقط للبيع بسعر زائد، وما تبقّى يتراوح بين ما تطلق عليه الوزارة اسم المخالفات الجسيمة وغير الجسيمة ، فهل ذلك العدد كافٍ قياساً بواقع تجاوزات الأسعار التي تشهدها أسواق دمشق ؟ وإذا أردنا المقارنة بين عدد الضبوط المسجلة لدى المديرية قبل قرار رفع الدعم، أي خلال شهر كانون الأول لعام 2021 ، والذي بلغ 613 ضبطاً , من بينها 24 ضبطاً للبيع بسعر زائد ، و بين عدد الضبوط بعد قرار توجيه الدعم الذي أوردناه سابقاً , ندرك أن عدد الضبوط تراجع ، فما مؤشرات هذا التراجع في ظل قفزة الأسعار الأخيرة التي أنهكت المواطن ؟!
المنطق يقول إن عدد الضبوط ليس معياراً يمكن الاعتماد عليه في كبح ارتفاع الأسعار وجشع التجار وإذا تم الاعتماد عليه كحل، فهنا الكارثة !.
تصريحات متلاطمة !
سواء أكان ارتفاع الأسعار الأخير سببه قرار توجيه الدعم أم لم يكن ؟ فالمواطن الذي يغرق كل مرة في أشبار التصريحات المتلاطمة يسأل عن الحل تارة، وعن الوفر الناتج عن توجيه الدعم تارة أخرى .
عن الحل، اعتادت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن ترد عليه بجملة يتوارثها المسؤولون : ” دوريات ضبط المخالفات تعمل ليل نهار ، وفي كل المحافظات ” ودليلهم عدد الضبوط الدورية المسجلة لديهم .
وعن الوفر ، صرّح العقدة بأنه سينعكس على المواطن بالشكل الإيجابي التدريجي، نافياً زيادة عدد أو كميات المواد المدعومة والمخصصة لكل أسرة ، فالعدد حسب كلامه سيبقى ثابتاً ، في حين ستقل الفترة الزمنية لورود تلك المواد للمواطن، طارحاً مثالاً أسطوانة الغاز التي يتم تسليمها للأسرة كل ( 40 – 60 ) يوماً ستختصر المدة إلى ( 10 – 15 ) يوماً ، وكذلك رسائل السكر والزيت وغيرها .
غير مقبول
في حين يرى قربي أن توجيه الوفر الناتج عن قرار توجيه الدعم وتحويله إلى تقليل العجز في الموازنة العامة غير مقبول، متسائلاً : “من أين يأتي العجز في الموازنة ولم نصل للربع الثاني من العام ؟ “، وعن تحويله لصالح قطاعي الصحة والتعليم فغير مقبول لأن تلك القطاعات تتميز بكتلة نقدية لا يستهان بها من الميزانية العامة للدولة، وحتى الرواتب والأجور لن تستفيد من قرار إعادة هيكلة ولاسيما أن الضرائب على شرائح الرواتب تنهشها بفئات معينة على حد تعبيره الحل- حسب قربي- بعودة الدعم لجميع القطاعات والفئات ومراقبة الأسعار في الأسواق واعتماد الاقتصاد المنتج بدلاً عن المستهلك وتقديم تسهيلات للقروض وخاصة الحرفية والإنتاجية وبهذه الطريقة يتم إنعاش الوضع الاقتصادي للمواطن بشكل عام ، كما يجب تشكيل خلية اقتصادية تبحث في أسباب ارتفاع الأسعار وتراقب السياسة المالية و المصرفية، وتفسح المجال أمام القطاع الإنتاجي والاستثمار، بالتزامن مع مراقبة دعم المزارعين وما نتج عنه، وإعطاء الخبز الأولوية القصوى بعيداً عن سياسة الدعم واعتباره غير قابل للتداول في القرارات الحكومية
تشرين
إضافة تعليق جديد