التأثير السلبي للنوطات الجامعية
أصبحت تجارة الملخصات الجامعية المستخدمة بديلاً عن الكتاب الجامعي سوقاً مزدهرة, بل أفضل من أي سوق تجارية خاصة في فترة الامتحانات، تروجها أكشاك بأسماء معروفة تجني أرباحاً خيالية على امتداد جامعات القطر, لكن الأكثر خطورة في الموضوع هو انتشارها في الفروع العلمية على مرأى ومسمع الجهات المعنية, لتصل إلى الكليات العلمية وتخرّج طالباً من ملخص لا يتجاوز بضع وريقات.
النتيجة كارثية، وتؤدي إلى تخريج جيل (متواضع) علمياً على مدى عشرات السنوات، فهل السبب يعود لعدم تحديث الكتاب وفق التطورات الحاصلة؟ بمعنى؛ هل أصبح الكتاب هرماً ليتوجه الطالب إلى الأكشاك التي تحول العلم فيها إلى سلعة تباع وتشرى في أماكن مخصصة لم يعد ينقصها سوى قسم الامتحانات لتمنح الشهادة؟
طريقة مبسطة
تؤكد أليسار (طالبة حقوق سنة ثالثة) أن سبب اعتمادها على الملخص هو السهولة والبساطة في تقديم المعلومات، في حين أن الكتاب لا يتضمن سوى الحشو والتعقيد في تقديم المعلومات، ناهيك بالتكرار والضخامة، مشيرة إلى أن أغلبية الطلاب تعتمد هذه الطريقة المبسطة، ولاسيما أن الامتحانات لم تعد تعتمد طريقة الشرح والتحليل, وإنما الأتمتة وهي طريقة تعتمد على الفهم بعيداً عن الشرح والاستطراد.
كذلك إنانا (طالبة لغة عربية) تؤكد أن الاعتماد على الملخصات في بعض المواد سببه أنها جاذبة للدراسة وغير مملة، إضافة إلى أنها مختصرة.
لا نلزم أحداً
(أيمن) يعمل في أحد أكشاك كلية الآداب، مهمته تصوير (النوطات) والملخصات، وكانت إجابته مقتضبة عن طريقة العمل والحصول على محاضرات مدرس المادة لأي قسم من أقسام الجامعة بقوله: المعلومات التي يتم تصويرها دقيقة وواضحة, كما أنها تشمل المطلوب في نهاية كل فصل دراسي، والمكتبات والأكشاك لا تلزم أحداً من الطلاب في اعتمادها، وإنما هي قناعات شخصية وبناء على تجارب سابقة للطالب.
الأكثر مبيعاً
لمبيعات الكتب في مديرية الكتب الجامعية مؤشراتها التي تدل على عدم إقبال الطلبة على اقتناء الكتاب الجامعي, تؤكد ابتسام نجم المدير المالي في مديرية الكتب الجامعية أن نسبة مبيعات الكتب في الكليات الطبية لا تتجاوز الـ70% خاصة التحضيرية, في حين تسجل كليتا الآداب والحقوق أقل نسبة مبيع للكتب، لتبقى الهندسات الأقل اعتماداً على الملخصات، وتسجل كلية الشريعة نسبة المبيع الأعلى 100%, وفيما يتعلق بقسم التعليم المفتوح لا يوجد إلزام بشراء الكتب كما كان معمولاً به سابقاً.
المشكلة ؟؟
المشكلة تكمن في الأستاذ في الدرجة الأولى، لأنه هو من يروّج لهذا الموضوع، حتى إن البعض من الطلاب يتعامل مع بعض الأكشاك بصيغة العمل المأجور! هذا ما قالته د. فاتنة الشعال عميد كلية الآداب السابقة، وأضافت: عندما يدخل مدرّس المادة إلى المدرج يطلب من الطلاب شراء الملخص الذي أعدّه مسبقاً والموجود في مكتبة محددة بعينها.
وبيّنت أن الجامعة لم تتخذ الخطوات الحازمة وخرجت عن نطاق المسؤولية رغم أن الهيئة الطلابية أعدت ملخصات صحيحة ومجانية، والخطورة الأكبر أن تلك الأكشاك صارت تنجز أبحاثاً ومشاريع تخرّج حتى لمرحلة الماجستير من دون رقيب أو حسيب.
وتؤكد د.الشعال أنه في حال لا يوجد كتاب للمادة، يفترض على مدرس المادة إنجاز (نوطة) تباع بأسعار رمزية في مكتبة الجامعة, لكن يبقى الحل الأمثل هو الاعتماد على الكتاب وحضور المحاضرة, لكن في ظل هذه الظروف الضاغطة، وخاصة بالنسبة للطلاب غير القادرين على الدوام، فإن الاعتماد على الملخص حتى بالأخطاء التي يتضمنها في كثير من الأحيان هو الحل الأمثل لهم.
أزمة ورق
من الأسباب للاتجاه نحو الملخصات، هو أزمة الورق ، وتالياً التأخر في الطباعة.
ووفق د.منهل الأحمد مدير الكتب الجامعية في جامعة دمشق، أنه خلال السنة الواحدة يتم إبرام عقدين لاستجرار احتياجاتنا من الورق، وهذا ما يشكل عبئاً على مديرية الكتاب الجامعي، مضيفاً: مدرس المادة هو الأقدر على إقناع الطلبة بالاعتماد على الكتاب من خلال تنبيههم أو إلزامهم بالدراسة واعتماد الأسئلة الامتحانية من خلال الكتاب وليس من (النوطة).
تعميم
من وجهة نظر النائب الإداري في جامعة دمشق د.صبحي البحري فإنه ما دامت الأكشاك ومكاتب الرصيف موجودة في ظل أزمة صعوبة تأمين الورق وطباعة الكتب, قولاً واحداً لن نستطيع منع بيع الملخصات، لكن تم الإعلان عن إمكانية تحميل الكتاب إلكترونياً، وبهذه الطريقة يمكن الحد من اعتماد الملخصات، وهذا ما تم تعميمه لكل أقسام الجامعة ليقوم مدرس المادة بطلب تحميل الكتاب إلكترونياً، وبهذه الطريقة يتسنى للجميع الاعتماد عليه.
تشرين
إضافة تعليق جديد