كيف هزم السوريون الأمريكيين في الحرب على جيوب المصريين؟
كان تناول البروستد (الدجاج المقلي) والبرغر في مطعمين يحمل كل منهما اسم ماركة أمريكية شهيرة، طقساً لا غنى عنه لدى مها صلاح عند الخروج مع أسرتها أو أصدقائها لتناول الطعام. فمن المستحيل أن تأكل أياً من هذه الوجبات في مطعم آخر. لكن الأمر بدأ يتغير قبل بضع سنوات وباتت تفضل مطاعم مصرية وسورية تقدم الأطعمة السريعة نفسها على العلامتين التجاريتين اللتين سيطرتا على السوق المصرية طوال عدة عقود.
تقول مها إنها تفضل تناول الدجاج المقلي من مطعم مصري في شارع الهرم بمحافظة الجيزة ومن مطعم آخر سوري بمنطقة المهندسين في نفس المحافظة، لأن جودتهما “أفضل من كنتاكي”، أما البرغر فتتناوله في واحد من مطعمين مصريين لهما عدة فروع في القاهرة الكبرى.
وتوضح سبب عزوفها عن مطعميهما المفضلين: “أيام إعدادي وثانوي كنت باكل هناك (تقصد المطعمين الأمريكيين) لكن وقت الجامعة بدأت اكتشف مطاعم تانيه بتقدم أكل بجودة أعلى بكتير وأسعار أحسن”. وأضافت: “كنتاكي وماكدونالدز عليهم ضغط كبير جدا رغم أن الكواليتي بتاعهتم في مصر أقل بكتير. على عكس المطاعم التانية؛ مش من زمان ولا واخدة نفس الشهرة بس دلوقتي هي أحلى”.
مثل مها، كان مصطفى محمد وصديقه عمر فتحي معتادين ارتياد الفروع المحلية للمطعمين العالميين، لكنهما الآن يذهبان إلى مطاعم مصرية وسورية تقدم نفس الطعام. يقول محمد، الذي كان يتناول الطعام في مطعم مصري يقدم البروستد بشارع اللبيني في محافظة الجيزة لرصيف22: “أنا ساكن في منطقة العشرين بفيصل وعديت على أكتر من 25 مطعم بيقدم البروستد منهم 3 فروع لكنتاكي تقريباً وجيت هنا عشان جودة الأكل أعلى وكمان السعر كويس”.
.
واستناداً للتقرير الإنمائي للأمم المتحدة االصادر في العام 2017، تستحوذ مصر على 23 مليار دولار أمريكي من أموال السوريين خارج وطنهم الأصلي، منها ملياران على الأقل يدوران في عجلة الاستثمارات، على الرغم من المعوقات. وبحسب رجال أعمال سوريين فإن المطاعم في عداد مجالات تتصدر استثمارات السوريين التي يأتي على رأسها قطاع الأنسجة والملبوسات.
لكن لتفوق المطاعم المصرية والسورية العديد من الأسباب الأخرى حسبما يرى مسؤولون في هذه المطاعم، منهم المصري محمد عبدالله، مدير أحد مطاعم البروستد الشهيرة في محافظة الجيزة، الذي يرى أن سبب تفوق المطاعم المصرية والسورية على نظيرتها الأمريكية يتصل بقدرتها على الوصول لطبقات مختلفة وتغيير مفهوم الوجبة السريعة من “أكلة مرتبطة بالخروج والفسح إلى وجبة تسد الاحتياج اليومي خاصة للعاملين المضطرين للبقاء فترات طويلة خارج البيت”، وما يتصل بهذا من كون الوجبة لا بد أن تكون مشبعة وبسعر مناسب والحصول عليها ممكن من مكان قريب. أما الأمر الثاني فيتمثل في أن العلامات الأمريكية “تستخدم الفراخ المجمدة في حين إن المصريين يفضلون الدجاج الفريش”، بحسب قوله.
وشدد عبدالله على أن النظافة من أهم الأسباب أيضاً، موضحاً: “لما البراند بيبقى ضخم بيبقى صعب السيطرة على مفاصل البراند نفسه في كذا نقطة زي الجودة والنظافة وهي أهم نقطة فيه. براند عنده 150 فرع غير براند عنده فرعين تلاتة، بيكون الأونر (المالك) نفسه عينه في المكان، موجود باستمرار، ومهما كان ليه هيبته عن مشرف جودة”.
ويعترف عبدالله أن هناك تفوقاً سورياً مصرياً في خدمة العملاء، المطاعم الصغيرة، يقول: “وبتكون حريصة على التعامل بشكل جيد مع العملاء وحل مشاكلهم، بعكس البراندات الكبيرة (يقصد الأمريكية) التي لا تحل مشاكل العملاء بنفس الطريقة، فده بيخلي العميل عنده ولاء للأماكن الأصغر لأنها بتعامله أحسن”.
منذ بدايات القرن الماضي، تمتع السوريون بسمعة طيبة في مصر فيما يتصل بجودة الطعام ونظافته، وهي السمعة التي أسهمت في ازدهار “بيزنس” المطاعم السورية خاصة في المناطق الشعبية
ويقول محمد عبدالرحمن، وهو مدير في أحد المطاعم السورية، إن أساليب التسويق التي تتبعها المطاعم المصرية والسورية تصنع الفرق وتساهم في انتشارها، موضحاً أن “هناك اهتماماً كبيراً لدى المطاعم السورية والمصرية بالسوشال ميديا، وهو ما لا تفعله العلامات الأمريكية التي تسوّق لنفسها في الصحف والإعلانات التلفزيونية نظرا لإمكاناتها الكبيرة، إلا أن النتائج أقل مما يحققه التسويق من خلال السوشال ميديا”.
وتعد فئة الشباب الأكثر إقبالاً على مطاعم “الفرايد تشيكن” و”البرغر” في مصر. وتجذب الطبقة الوسطى والطبقة العليا، ويتضح ذلك من انتشارها في المناطق الشعبية والراقية والإقبال عليها هناك.
وبحسب الذين تحدثنا إليهم فإن أسعار بعض المطاعم المصرية والسورية قد تزيد على أسعار العلامتين الأمريكيتين، ومع ذلك الإقبال عليها أكبر بسبب جودة الطعام. لكن أسعار المطاعم المتوسطة، خاصة المنتشرة في الأحياء الشعبية، ساهمت في التوسع الأفقي لهذه المطاعم، بحسب عاطف عبدالعزيز، الذي يسكن في منطقة فيصل.
رصيف24
إضافة تعليق جديد