أسوأ موسم تسويقي للحمضيات
تتفاقم معاناة مزارعي الحمضيات في اللاذقية مع نضوج الثمار وبلوغ الموسم ذروته، فيما لا تزال الحلول الجذرية تتعثر في تسويق المحصول الذي يعيد في كل عام إنتاج مشاهد الكساد ذاتها وإحياء مشاعر الحسرة وتراكم الخسارات لدى المزارعين الذين باتوا اليوم يضربون الكف بالكف ويندبون محصولهم الحزين هذا العام كما الأعوام السابقة.
هموم بالجملة ومعاناة تعيد شرح ذاتها على لسان مزارعي الحمضيات الذين التقاهم مؤكدين أن عدداً منهم لم يجنِ محصوله حتى الآن بسبب ما يعانيه موسم التسويق من خسائر، معللين ذلك بالقول: “ترك الثمرة على الشجرة أهون من بيعها بتراب المصاري”.
ووفق ما بيّنه أحد المزارعين فإن موسم الحمضيات الحالي هو أسوأ موسم تسويقي على مدى سنوات طويلة، مشيراً إلى أن الأسعار التي تشتري بها السورية للتجارة المحصول بعد فرزه وتصنيفه بأول وثان وثالث قليلة ولا تتناسب مع تكاليف الإنتاج وتعب المزارع طيلة العام للوصول إلى الموسم، مستدركاً: “شراء السورية للتجارة لمحصول البرتقال هو قرار جيد بالعموم ولكن يجب أن تكون نسبة الكميات المسوقة أكبر، فكل عام لا تشتري المؤسسة سوى كميات قليلة وتترك الشقى على من بقى”.
إما السورية للتجارة أو سوق الهال، خياران أمام المزارعين لا ثالث لهما سوى أن يتركوا المحصول “على أمه”، والمزارعون الذين توجهوا بمحصولهم إلى سوق الهال لم يكونوا أفضل حالاً ممن ينتظر استجرار السورية للتجارة، إذ أكد أحد المزارعين أنه باع كيلو “أبو صرة” في سوق الهال بـ450 ليرة، وذلك قبيل بدء المنخفض الجوي لأن انتظار دوره في تسويق المحصول سيعرّض المحصول لعوامل الطقس القاسية كالصقيع والرياح مما سيؤدي إلى تلف قسم كبير من الثمار.
وبتهكم ممزوج بالحسرة، يضيف: “يشتري التاجر منا كيلو البرتقال صنف أول “بتراب المصاري”، ثم نجده يباع في محلات بيع الفواكه بأضعاف مضاعفة”، مدللاً ببيع كيلو أبو صرة “صنف أول” في المحال بـ1000 ليرة.
وأجمع المزارعون المنهكون من تراكم معاناتهم مع محصولهم عبر سنوات طويلة في سيناريو التعثر المتجدد سنوياً، على المطالبة بتصنيف الحمضيات محصول استراتيجي، وإنصاف المزارعين وذلك بشراء محصولهم بأسعار مقبولة ومنصفة، خاصة بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج.
بدوره قال رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية حكمت صقر لـ “أثر”: “معالجة الواقع التسويقي المتردي للحمضيات ممكنة إذا تم العمل بجدية على موضوع تصنيعها كعصائر وذلك بالإسراع بإنشاء معمل عصير الحمضيات الذي من شأنه استجرار كميات كبيرة من المحصول ويخلق روح المنافسة بينه وبين المعامل الأخرى الموجودة في المحافظة”.
وأكد صقر أنه طرح مرات عدة وفي أكثر من اجتماع مع الجهات المعنية، خطة لإنقاذ موسم الحمضيات عبر عدم السماح بزراعة غراس جديدة من الحمضيات والاكتفاء بما يوجد في المحافظة من أشجار، والتوجه لزراعة أصناف جديدة من الأشجار المثمرة الأخرى كالزيتون، بالإضافة للإسراع بإقامة معمل عصائر، والتسويق داخلياً عن طريق مؤسسات التدخل الإيجابي، وإيجاد أسواق خارجية، منوهاً بأن السوق التصديرية هي جزء من الحل بالرغم من ارتفاع تكاليف نقلها بالإضافة لوجود أصناف منافسة لها وخاصة في السوق العراقية التي تعج بالحمضيات المصرية والإيرانية والتركية.
كما أشار صقر إلى أن إنتاج اللاذقية من الحمضيات للموسم الحالي بلغ 570 ألف طن، حيث شدد على أنه إذا توفرت جميع العوامل السابقة سيتمكن مزارع الحمضيات من تسويق محصوله بأسعار جيدة ولن يكون هناك فائض في الأسواق خلال العام الحالي.
من جهته، أكد مدير المؤسسة السورية للتجارة في اللاذقية سامي هليل في تصريح صحفي أنه تم استجرار نحو 1125 طن، ولا تزال عملية الاستجرار مستمرة حتى نيسان المقبل.
وبيّن هليل أن أي مزارع يتواصل مع المؤسسة بغية استجرار محصوله، يتم التوجه إليه مباشرة حيث يتم استجرار محصوله من أرضه مباشرة، بما يوفر على المزارع العمولة وأجور النقل وثمن العبوات البلاستيكية.
يُشار إلى أن استجرار السورية للتجارة للحمضيات يتم وفق التسعيرة 650 ليرة للصنف الأول، و550 للثاني و350 ليرة للثالث، وتباع في صالات السورية بإضافة 50 ليرة كأجور نقل وثمن أكياس.
باسل يوسف –أثر
إضافة تعليق جديد