اللاجئون والوافدون العرب يؤجرون السوريين شققاً في دمشق
انخرط مئات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين في نسيج المجتمع السوري وفي اقتصاده الزراعي والسكني والتجاري والوظيفي وغير ذلك... انما « الوجود العراقي» في سورية يشغل الواجهة حالياً لارتباطه بازمة أسعار وعقارات غير مسبوقة؟!
لاندري مدى الدقة العلمية التي تتيح الآن استعمال مصطلح« وجود عراقي في سورية» المهم هنا ان نتناول هذا الوجود من زاوية اقتصادية بحتةو« ضريبته» على قطاع العقارات، اذ كان ذلك القطاع مشتعلاً قبل قدوم الوافدين فأسهموا في اشتعاله اكثر عبر حاجتهم الماسة الى السكن...
وانتقل بعض العراقيين من إشغال كثيف لشقق الايجار الى مرحلة فتحهم مكاتب للتأجير لأنه من السهل معرفتهم بالزبائن العراقيين من طالبي سكن الاجرة وغيره... وهكذا عبر استئجار العراقيين وتأجيرهم ارتفعت الاسعار الى قيمة قياسية لم تشهدها العقارات عبر تاريخ سورية وواجهتها قيمة الايجار الشهري؟!
مادام الشيء بالشيء يذكرفإنه لدى اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية مساهمة قليلة في« سوق» السكن عبر قيامهم بتأجير نسبة قليلة من المواطنين السوريين لديهم، وهنا يبدو الامر مفارقة مريرة نأخذها من الجانب الاقتصادي البحت لندرجها كبند من بنود الاجحاف السكني الوطني عندما يجد بعض المواطنين ملاذاً بسكن ايجار عند لاجئين؟ وتتركز هذه الظاهرة في دمشق وهي اكثر و ضوحاً في تجمع احياء مخيمي فلسطين واليرموك والتقدم والحجر الاسود:
وطبعاً الحالة تعجيزية اذا اردنا معرفة عدد المواطنين الذين يسكنون ايجاراً عند اللاجئين، مع أن معرفة عدد اللاجئين المقيمين في سورية أمر سهل ومعلوم؟
كذلك فإن السهولة متوفرة في معرفة عدد الوافدين العراقيين الذين يزورون سورية أو يقيمون فيها، ولكن طبعاً الحالة تعجيزية اذا اردنا معرفة كم سوري سكن بالاجرة عن طريق وافد عراقي في ضوء امتهان بعض العراقيين لمهنة« الدلالة» ويصعب حتماً معرفة كم « دلال» عراقي أمن سكن إيجار للمواطنين السوريين في عقر دارهم مادامت الدلالة هي مهنة غير منظمة ويصعب تنظيمها؟
ومجدداً ننبه الى اننا نتناول الموضوع هنا من جانب اقتصادي بحت ولايمكن تحميل مسؤوليته للاجئين والوافدين، بل للاداء الحكومي الذي يضيف الى فصول السكن فصولاً جديدة، فالمواطن يجدها« كبيرة عليه» في أن يقطن عند « الضيف» في ارض سورية، وهذا الاحساس حقيقي وان حدثت مكابرة في التعبير عنه، وهو لايلغي او يسيء الى منابع الانسانية والقومية الثرة والصريحة لدى السوريين من جهة استيعاب واستقبال الاخوة العرب خصوصاً من شردتهم الاحتلالات وتبقى المسألة بجانبها الاقتصادي السكني مهما ابدى السوريون حرصهم على حق العودة المقدس لمن شردتهم الاحتلالات؟!
في رحلة بحث مع آخرين على شقق للايجار فوجئنا في احد المكاتب العقارية بأن الدلال يجيب على طلبنا بالقول:« ماكو..؟» ثلاثة مكاتب اخرى يديرها عراقيون وبذات الجواب« ماكو»، وعبر الدردشة معهم تبين انهم يركزون على تأجير العراقيين ايضاً بينما يكون طلب السوري غير مستجاب بسبب انه يتم تأجير العراقيين بثمن مرتفع نظراً لحاجتهم الماسة ولملاءمتهم، وكونهم يستأجرون غالباً سكناً مفروشاً وهو مالايناسب المواطن السوري ايضاً... وتبدأ اجرة الشقة المفروشة بغرفتين في حي كالتضامن مثلاً من سبعة آلاف ل.س شهرياً فما فوق، بينما تزيد بنصف قيمة الاحياء الشعبية الاخرى، وهي اخفض قليلاً في حمص، وشكل هذا استثماراً جيداً لشريحة من مالكي السكن في سورية، وكان بعضهم يحجم عن التأجير فأصبح بفضل العراقيين مقتنعاً برزقة التأجير... ولا أعتقد ان تكون المسألة« سطحية» عندما تتمثل بانسداد الافق السكني في وجه المواطن حتى في حيازة سكن بالايجار، بل هي في غاية الاهمية عندما يصبح« استئجار بيت حلماً، انها حالة اقتصادية معيبة، وقد يكون من الانصاف مساواة« تأجير السوري» بـ« تأجير العراقي» ،ألايقول المثل:« من ساواك بنفسه ما ظلمك؟! لذلك أسأل: لماذا أصبح تأجير العراقيين مفضلاً لدى اصحاب السكن على تأجير السوريين؟ الجواب تفسيره الوحيد بأنه يتم استغلال حاجة العراقيين للسكن برفع قيمة الاجرة وهذا ما انعكس سلباً على المواطن الذي لايجد سكناً مادام غيره يسدد الاجرة الاغلى...؟!
طبعاً الحكومة وقفت متفرجة مع أن الأمر لايمس بأية قناعة قومية، ولايمكن تسييسه، اذ ببعض الاجراءات الحكومية التي يمكن ان تطول« المؤجرين» يمكن على الاقل ضبط العملية السكنية في جانب الايجار، حيث تتحقق المساواة بين « المستأجر» السوري والـ« المستأجر» العراقي، ويجب الانتباه الى أن الذي يطلب المساواة ليس الوافد العراقي بل المواطن الذي يساوي الاخ العراقي بنفسه وعلى ارض وطنه الثاني سورية. يقولون:« الطفران يمشي في السوق مستعجل»، ولكن الطفران الذي يفتش عن بيت ليستأجره هو يذهب الى سوق الاجرة« ليفليه» فهل يجد حاجته؟!
الجواب اقتصادي بحت يعرفه القاصي والداني والمؤجر والمستأجر والفلسطيني والعراقي ولكن تتناساه الحكومة؟!
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد