14 آذار تنسف الحوار
نسفت قوى 14 آذار الحوار بين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والنائب اللبناني سعد الحريري وأطاحت بآمال الحل، بعدما أعلنت رفضها “أي صيغة ابتزاز تحت عنوان الثلث المعطّل أو الضامن وفق صيغة 19 + 11”، و“أي تعديل يمس جوهر أو أساس نظام المحكمة الدولية”، وأكدت “تمسكها بمؤسسة المجلس النيابي وتصميمها على تفعيل عملها لحسم كل الخيارات الوطنية والسياسية والتشريعية”.
هذه المواقف التصعيدية جاءت اثر اجتماع استضافه الحريري في قريطم، في حضور كل أركان الموالاة، تلاه بيان صدر في وقت متأخر، أكد «تصميم» قوى 14 آذار «على مواصلة الحوار، على رغم الكلام غير الدقيق وغير المسؤول الذي صدر عن ممثلي 8 آذار في الأيام الأخيرة»، في اشارة غير مباشرة الى ما أعلنه بري في مؤتمره الصحافي الثلاثاء الماضي. وفيما كررت تفويض الحريري تمثيلها في الحوار مع بري، أكدت «تفاهمها التام على كل العناوين الوطنية، وعلى رأسها التمسك بالمحكمة الدولية»، مطالبة قوى 8 آذار بـ «الكفّ عن استخدامها وسيلة ابتزاز في وجه الحكومة الشرعية».
كما أن جدلاً حاداً دار خلال الاجتماع تبودل فيه العتب حول الظروف التي رافقت حوار عين التينة.
ولوحظ ان البيان الليلي جاء بعد زيارتين قام بهما السفير الأميركي لرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية تحدث خلالهما عن استعداد الولايات المتحدة لاحتمال توجيه ضربة عسكرية الى ايران.
واعتبرت أوساط في المعارضة بيان قريطم وتحرك فيلتمان بمثابة «مشاغبة على المسعى السعودي، وعلى تجاوب المعارضة مع هذا المسعى».
وكانت مغادرة السفير السعودي عبد العزيز خوجة الى الرياض بددت الآمال في امكان التوصل الى اتفاق او “إعلان نيات” قبل انعقاد القمة العربية التي يبدو ان لبنان سيذهب اليها بوفدين منفصلين، فيما عاد فريقا المعارضة والسلطة الى البحث في وسائل المواجهة السياسية في المرحلة المقبلة.
وقال الرئيس بري، قبل صدور البيان، انه في مقابل الاصرار على استمرار الحوار، فان هناك شكوكاً في حدوث تطور مهم قبل انعقاد القمة. وأوضح انه ابلغ السفير السعودي رغبته بمواصلة الحوار سريعاً، وسمع منه موقفا مماثلا عن لسان الحريري الذي نقل عنه السفير المصري حسين ضرار أيضاً، اثر لقائهما في قريطم أمس، “استعدادا للعمل بجد ومثابرة لاستمرار الحوار والتواصل”. إلا أن رئيس المجلس استدرك قائلا: “مع ذلك ليست هناك مبادرات حتى الآن”.
وبدا بري مهتماً بالتركيز على تحديد سبل التعاطي مع المستقبل القريب والابعد، آخذاً في الاعتبار الاحتمالات السيئة، لأن الاكثرية تحاول كسب الوقت للقيام بخطوات على الصعد القانونية والدستورية بقصد ارباكه. وذكر زوّاره أنه سيوفد الاسبوع المقبل ممثلين الى البطريرك الماروني نصرالله صفير والرئيس ميشال عون وفرنجية وقيادات مسيحية أُخرى للتشاور معها في موضوع قانون الانتخاب الجديد الذي تحدث عنه في مؤتمره الصحافي الأخير، وأشار فيه الى امكان إعتماد القضاء دائرة إنتخابية لطمأنة المسيحيين. ونقل عن بري انه كما يشاور بكركي في ملف رئاسة الجمهورية، سيقف على رأيها في ملف قانون الانتخاب.
من جهة أخرى، وفي اطار الرد الاستباقي على نية نواب 14 اذار تنفيذ اعتصام تذكيري كل ثلاثاء في المجلس النيابي، علم ان قوى المعارضة تسعى الى تنفيذ اعتصام مضاد للوزراء المستقيلين كل خميس في السرايا الحكومية او في المقر المؤقت لمجلس الوزراء.
وفد أم وفدان الى القمة
الى ذلك تراجعت بقوة الامال بتشكيل وفد موحد الى القمة العربية. ومن المتوقع ان يتجه وفدان، رئاسي وحكومي، الى الرياض الذي قد ينعكس سلباً على القمة التي تواجه قضايا اخرى شائكة مثل الوضع العراقي والصراع العربي - الاسرائيلي.
ونقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” عن دبلوماسي اميركي في بيروت قوله ان «من السذاجة توقع حصول اختراق قبل القمة”، فيما إعتبر دبلوماسي عربي رفيع ان تمثيل لبنان بوفدين يعني “اننا نتجه نحو كارثة جديدة»، معتبرا ان الحل يتطلب توافق القوى الخارجية المؤثرة. وقال: “لبنان سيبقى رهينة طالما ان الاميركيين لم يستأنفوا الحديث مع سوريا وطالما لا توجد مصالحة حقيقية بين الرياض ودمشق».
لكن الرئيس اميل لحود أعلن امام زواره أمس انه لا يزال يأمل في تشكيل حكومة وحدة وطنية تؤلف وفدا واحدا «لأني لا استطيع ان اعترف بالحكومة الحالية التي لم تعد دستورية او شرعية». وقال: «لن اشكل الوفد الا في آخر لحظة فاذا تم الاتفاق اهلا وسهلا لأن المفروض ان يكون الوفد اللبناني واحدا يعكس الوحدة الوطنية، ولا حل في لبنان الا من خلال الوحدة الوطنية، فلا اميركا ولا فرنسا ولا دول العالم يمكن ان تحل مكان اللبنانيين».
من جهة اخرى يعود رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتس الى بيروت في الساعات المقبلة، لاستنئاف جولة جديدة من التحقيقات. وعلم ان امامه لائحة من 150 شاهدا. وهو سيبدأ بتحليل كل ما لديه من افادات بواسطة فريق كبير من المحللين الذين وقع معهم عقود عمل في الاسبوعين الماضيين. كما ارتفع عدد المحققين في اللجنة من خمسة إلى اربعين.
وكان براميرتس رفض امام اعضاء مجلس الامن الدولي توجيه الاتهامات لأحد، كما رفض تسمية اشخاص او دول، لافتاً الى أن ذلك من مهمة المحكمة الخاصة التي تتولى بعد تشكيلها تحليل التقارير والخروج باستنتاجات وإعلان أسماء المتهمين. واعتبر أن تشكيل المحكمة مفيد في هذا الظرف لمعالجة آلاف الوثائق التي يشارك القضاء اللبناني في تفاصيلها. وهو اعرب عن ارتياحه الى قرار التمديد للجنته لسنة جديدة، وللاتفاق على ان يصدر تقاريره من الان فصاعدا مرة كل اربعة اشهر.
وينتظر ان يعقد براميرتس اجتماعا هو الاهم له مع قاضي التحقيق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الياس عيد للبت في ملفات الموقوفين لدى القضاء اللبناني، حيث يتوقع ان يبلغ عيد صراحة ان ما لديه من معلومات صار في حوزة القضاء اللبناني الذي عليه اتخاذ القرار النهائي، وهو الامر الذي ابلغه القاضي البلجيكي الى سفراء اجانب في مجلس الامن والى وكلاء الدفاع عن الموقوفين.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد