08-01-2018
في سورية لا يوجد فقط تجار أزمة .. بل يوجد صناعيو أزمة أيضاً !
قد يعتقد البعض أن تجار الأزمة هم الفئة الفاسدة في الضوء، أو هم فقط من يتاجر بغذاء الناس وحاجتهم، وأن هؤلاء فقط يجب أن يقام عليهم الحد وأن تقطع أيديهم.. لكن ماذا عن تجار وصناعيين يعملون في العتم كل ما يقوم به الآخرون في الضوء؟ لكن بطرق أكثر تحضراً وأكثر جاذبية وبموافقات قانونية وإجرائية!
وكي لا نطيل في الشرح هل لاحظت أخي المواطن أن كل أنواع أغذية الأطفال بكل مكوناتها بما تشمله من أنواع البسكويت والشوكولا تقلص حجمها إلى النصف وفي الوقت نفسه ضرب سعرها بعشرة أمثال؟
وهل لاحظت أن كل منتجات المنظفات تراجعت المادة الفعالة فيها، كما تراجع حجمها نسبياً أيضاً، وهل لاحظت عزيزي المواطن أن نوع الخيط هو الأسوأ الذي يستخدم في تاريخ صناعة الأقمشة والألبسة السورية بكل مكوناتها وفئاتها، وأن وجود القطن في هذه الأقمشة أصبح كوجود السمن العربي في الحليب الذي يغسله جارنا البقال بالماء، وإذا لم تلاحظ ذلك فانتبه لتأثير عوامل الطقس على لون القماش وعلى مقاومته للاحتكاك!
واستكمالاً للسؤال: هل لاحظت عزيزي المواطن أن ابريق الماء الذي كان عنوان ضيافة كل مطاعم ومقاهي دمشق افتخاراً بمياه نبعي الفيجة وبردى اللذين وهبتهما الطبيعة لدمشق واللذين حافظا على ديمومة الحياة فيها على مدى آلاف السنين استبدل هذا الإبريق بمياه العبوات البلاستيكية المدفوعة الثمن؟
متوالية من الأسئلة لم يفرضها تغير الحياة في بلادنا ولا تحديثها، إنما فرضها الجشع والطمع والحرب بكل ما حملته من أذى على المجتمع السوري.
ترافق ذلك مع غياب الرقابة الفعلية (القبلية والبعدية) بشكل شجع التماهي في المخالفات ومن ثم تقليد المخالفات، حيث أصبح المنتج غير المخالف كالعملات والطوابع النادرة.. وأصبح مجبراً على تقليد الآخرين، إذا ما أراد المنافسة والاستمرار في السوق.
صحيح أن القانون يعدّ تغيير حجم العلب واللعب بالكميات والنسب مخالفة صريحة تستوجب تسطير المخالفة، لكن من يراقب ويرى؟ فكل ما ذكرناه عن المخالفات موجود في كل السلع، وعلى رفوف المحلات وعلى البسطات في الطرقات كما في المطاعم ومحال بيع كل المنتجات الأخرى، ومع ذلك تقول الجهات الرقابية إنها أغلقت وخالفت وضبطت، لكن من المؤكد أن مخالفاتها أصبحت لا تردع وأن الحاجة اليوم أكبر لإعادة دراسة القوانين الناظمة للأسواق ولآليات الرقابة على المواصفة قبل الرقابة على السعر، لتعود الثقة بهذه المنتجات وبالصناعة السورية بشكل أعم وأشمل.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد