النفوذ الحدودي: هل يقود الى حروب اسرائيلية-أميركية-إيرانية؟
تحاول اسرائيل ممارسة كل الضغوط الدولية لمنع وجود نفوذ إيراني على حدودها، أي في جنوب سوريا ولبنان. تل ابيب تعتبر تمركز “حزب الله” على طول تلك الحدود بأنه يشكل خطرا حقيقيا عليها. لذلك تسعى لفرض إبعاد الحزب لمسافة عشرين كيلومترا على طول حدودها الشمالية مع لبنان وسوريا. لا تقتصر الخشية من “النفوذ الايراني” على تلك الحدود، بل يسعى الأميركيون أيضا لابعاد حلفاء ايران عن الحدود العراقية مع الاردن، والسعودية، لذلك يأتي الدفع الاميركي-العربي في فتح الطريق الدولية بين العراق والمملكة الهاشمية الاردنية، لتعزيز التواصل العراقي-الاردني، وفي السياق نفسه اتى فتح المعبر الحدودي بين السعودية والعراق.
يروي المقربون من واشنطن في مجالسهم أن الاميركيين يريدون ضرب النفوذ الايراني الذي تمدد في السنوات الماضية ليصل الى حدود الاردن والسعودية واسرائيل بكل الاتجاهات. لا يعني ذلك بتعزيز فرضية الحرب العسكرية المباشرة، بل بتأخير التسويات السياسية وعرقلة التقدم الميداني السوري والعراقي في المواجهة مع الارهاب، ومحاولة الايقاع بين موسكو وطهران.
عندما رفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سقف خطابه ضد الاسرائيليين، كان يستند الى معلومات عن ضغوط اسرائيلية لإبعاد الحزب عن الحدود الجنوبية، وإعادة تل ابيب التلويح بورقة القرار الدولي القائم 1701. تريد إسرائيل فرض حدود آمنة لها، بما يشبه منطقة منزوعة السلاح، وخصوصا على الحدود مع سوريا حيث عزز حلف المقاومة تواجده العسكري والتسليحي. سبق وان طرح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الأمر خلال زيارته الأخيرة الى روسيا. كان الحل الروسي يقضي بنشر شرطة عسكرية روسية في الجنوب السوري المحاذي لاسرائيل، لكن ذلك لا يقلل من حقيقة تواجد “حلف المقاومة” هناك.
كل تلك الضغوط توحي بأن المنطقة تعيش مرحلة التحضير للتسويات بالمفرق أو بالجملة، وتسعى تل ابيب لحصد مكاسب أمنية لوجودها. استطاعت عبر الاميركيين تهدئة الساحة الفلسطينية الى حد قول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد مصالحة فتح-حماس، أنه لن يسمح بتكرار تجربة “حزب الله”.
لكن رفض اقتراح تل ابيب لا يصل الى حد نشوء الحرب، لأسباب عدة:
-أي معركة ستكون مفتوحة، وهذا ما لا تتحمله اسرائيل.
-توسعة ميادين القتال كما قال السيد نصرالله، ما يعني ان الساحات السورية والعراقية اضافة الى اللبنانية ستكون منصّات لاطلاق صواريخ بعيدة المدى وذات فاعلية تطال كل المساحات الاسرائيلية.
سيشارك مقاتلون متعددو الجنسيات الى جانب “حزب الله” في حربه، سبق لهم بأن خاضوا تجربة الحرب السورية معا، ما يضع اسرائيل في ازمة غير مضمونة المسار ولا النتائج.
علما ان خبرة وقدرات المقاومة ازدادت أضعافا عما كانت عليه، بما يفوق قدراتها خلال حرب تموز عام 2006.
والاهم أن أي حرب اسرائيلية ستضع المنطقة برمتها تحت رحمة بركان مشتعل يطيح عمليا بالمصالح الروسية، في ظل امساك موسكو بقواعد اللعبة في الشرق الأوسط. هنا تبدو الفرملة الروسية كافية لكبح جماح تل ابيب.
مجرد رفع السيد نصرالله خطابه يعني استعداد الحلف الذي ينتمي اليه للذهاب حتى النهاية بعد تحقيقه انتصارات ضد الارهاب. فهمت اسرائيل الرسالة التي تقول: لن نبعد عن الحدود، ولن نتخلى عن عناصر قوتنا.
فكيف ستتصرف اسرائيل؟ هي التي اعترفت بإنتصار الرئيس السوري بشار الاسد، تعرف ان الرهانات لاسقاط محور سوريا-ايران سقط. ستبحث عن البدائل السياسية والضغط لمنع تدحرج سريع للانتصارات في سوريا والعراق. ستحاول تل ابيب دق اسفين بين الروس والايرانيين. سيقول آخرون ايضا ان مصلحة موسكو تقضي بتفعيل التعاون مع الرياض، على حساب طهران. لكن الروس يمسكون العصا من وسطها، لفرض توازن بين أطراف المنطقة. سيكونون الوسطاء بين الايرانيين والسعوديين لحل مشكلة اليمن اولا ومحاولة لملمة اوراق منطقة بات لهم اليد الطولى فيها. هذا ما يلمسه الملك السعودي في زيارته لروسيا.
عباس ضاهر- النشرة
إضافة تعليق جديد