مدرسة أم إصلاحية؟ العقل أم النقل ؟
لماذا لا يقرأ السوريون الكتب وكيف فقدنا قراءنا ؟
طرحت هذا السؤال أمام الصديق الدكتور هزوان الوز وزير التربية في لقاء مطول معه اليوم، وكعادة السوريين، الذين يعرفون كل شيء، أجبت عن سؤالي.. والواقع أن كل من دخل مدرسة سورية سوف يكره الكتب لسببين: الأول يتعلق بتصميم المدارس الهندسي الذي يشبه الإصلاحيات (حيث الأستاذ والتلاميذ في سجن واحد)، وثانياً لأن المواد التعليمة فيها تشبه الدواء المر غير المحلى بالسكر أو العسل.. وعند خلاص الطلاب من مراحلهم المدرسية سوف يُطًلق أغلبهم الكتاب، إلا إذا كانت لديه سوسة القراءة، وهذا أمر نادر، بدليل أن أفضل كتاب عندنا يطبع 3000 نسخة لـ 20 مليوناً .. وأكثر من ذلك فإن أولئك الذين لم يتأقلموا مع النظام المدرسي خرجوا من دون تعليم حقيقي وكان أغلبهم على رأس التمرد السلفي السوري، وأول ما انتقموا من المدارس، فدمروا الآلاف منها بفرح عارم..
وقد وافقني د.هزوان على ذلك، كما اتفقنا على أن إعادة الإعمار يجب أن تبدأ بتصميمات هندسية جديدة في بناء المدارس الذكية، تحقق (الراحة الحرارية والسمعية والبصرية بالإضافة إلى الشعور بالأمان) لتحسين سلوك الطلاب العدواني نظراً لما ذكرناه مقدماً من أن المدارس كما لو أنها إصلاحيات يستخدم فيها أسلوب الحفظ والتلقين بدلاً من تعليم التفكير..
وبما أن د. هزوان جاء من حقل القصة والرواية فقد وافقني أيضا على أن أفضل طريقة لتقديم منهاج ممتع ومفيد يكون عبر الحكاية التي تصوغ أغلب المواد المدرسية، حيث الحكاية هي ما يشكل ثقافة الشرقيين.. فنحن نملك 12 سنة من عمر المواطن يقضيها داخل مؤسساتنا التربوية، وهي فترة كافية لصياغته وتأهيله لدخول المستقبل بدلاً من إنتاج كاسيتات يبتلعها النسيان بعدما ينتهي الطالب من المرحلة الثانوية، باستثناء القراءة والحساب.. إن الثورة الحقيقية تكون في العلم والمعرفة وليس في اجترار المنقولات السلفية التي تنتج أجيالاً محافظة غير مؤهلة للمشاركة في سباق الأمم..
وفي نهاية اللقاء، الذي استمر ساعة ونصف الساعة، تبادلنا الهدايا، فأهداني بعض رواياته وقصصه وأهديته بعضا من كتبي وموسوعاتي، لأننا مصابان بسوسة القراءة التي لم يستطع نظامنا التعليمي تدميرها، واتفقنا أن أشاركه في اجتماعات تطوير المناهج التروية، وسأضعكم في تفاصيلها في حينه ..
نبيل صالح
التعليقات
أكيد أكيد أن تشعل شمعة خير من
وهديّة من عندي أيضاً ..فيما لو ..
إقرأ
إضافة تعليق جديد