الجولان المحتل: إسرائيل تتنبه لخطر «داعش»،تخوف من سلاح كيميائي وتنسيق مع الأردن؟
عنت الغارات التي شنّها سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع لـ «جيش خالد بن الوليد» قرب المثلث الحدودي السوري الأردني الفلسطيني أن حدث الجولان لم يكن عابراً. وخلافاً للانطباع الأولي الذي حاول الجيش الإسرائيلي إعطاءه في بياناته الأولية عن قتل مجموعة من أربعة أعضاء تابعة لـ «جيش خالد بن الوليد» الذي يدين بالولاء لتنظيم «داعش»، فإن العملية بقيت موضع استفهام.
وقالت أنباء إسرائيلية إن طائرات إسرائيلية هاجمت ليل الاثنين منشأةً تابعة لـ «جيش بن الوليد» في جنوب هضبة الجولان السورية بقذائف ثقيلة الوزن جداً يبلغ وزن الواحدة منها عشرة أطنان. وأضافت أن المنشأة فارغة وكانت تتبع القوات الدولية قبل أن يستخدمها أفراد هذا التنظيم قاعدةً لهم لتخزين أسلحة والتدرب عليها. وذكر مصدر إسرائيلي أن «الأمر يتعلق بعمليات استمرار للهجوم الذي تم أمس (الأول) والذي هدف إلى منع عودة المخربين للمنشأة التي شكلت تهديداً جوهرياً في المنطقة». وشدد متحدث بلسان الجيش الإسرائيلي على أن «الجيش سيواصل العمل لحماية سكان دولة إسرائيل عبر المحافظة على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في المنطقة السيادية لدولة إسرائيل، ولن يتردد في العمل ضد المنظمات الإرهابية التي تعمل ضدها».
وواضح أن الكلام عن أن حادث أمس الأول انتهى باستهداف الآلية التي قيل إنها أطلقت نيران رشاش ثقيل وقذائف هاون ومقتل أربعة ركابها باتجاه دورية إسرائيلية لم يكن دقيقاً. فالقوة الإسرائيلية لم تكن دورية، بل هي كمينٌ مرتب ومعد سلفاً، ما يثير تساؤلات وشكوكاً حول الرواية الإسرائيلية.
وكان بين أول من تساءل وأثار شكوكاً المعلق العسكري لـ «يديعوت» أليكس فيشمان الذي كتب: «هل يدور الحديث هنا حقاً عن صدفة نادرة؟ هل فقط بالصدفة أعدّ كمين لوحدة مختارة من غولاني بالذات في نقطة معينة على طول المئة كيلومتر من خط الحدود في هضبة الجولان، وبالصدفة فقط حامت في الوقت ذاته في سماء الجبهة طائرات سلاح الجو، وحقا بالصدفة علقت في المكان خلية لداعش أطلقت النار نحو ذاك الكمين، فتمت تصفيتها؟».
وفي نظره، فإن الجيش الإسرائيلي «يُصّر على أن هذا حدث موضعي، يعبر عن اليقظة الدقيقة التي تقوم بها إسرائيل لحماية سيادتها على الحدود السورية. ولكن لا يمكن لنا أن نتجاهل حقيقة انه في الشهور الاربعة الماضية ترتفع درجات الحرارة في مثلث الحدود اسرائيل ـ سوريا ـ الأردن. ثمة تخوف متصاعد من نيات تنظيم «شهداء اليرموك»، وهو فرع من «داعش» في الهضبة، لتنفيذ عمليات ضد اسرائيل: بداية ضد منفذي الأشغال على الحدود وانتهاء بأهداف مدنية في الجولان».
وفي إشارة لافتة أضاف فيشمان أنه «في الوقت ذاته انضمت الى شهداء اليرموك عصبة من الاكراد والسنة المتطرفين تسمى كتائب المثنى. وهذا جعل التهديد سواء للاردن ام لإسرائيل أشد ملموسية بكثير، بل مجنوناً. وبحسب تقارير في سوريا، أحضرت هذه العصبة صواريخ مضادة للطائرات ايضا. وكي نفهم أكثر مدى الجنون: قبل نحو سنة، بحسب منشورات أجنبية، سيطر رجال شهداء اليرموك على مخزون من قذائف الهاون التي تحمل رؤوسا كيميائية كانت تعود الى لواء سوري في الجبهة، الامر الذي خلق تخوفاً من أن يحاولوا إطلاقها نحو إسرائيل. وفي تلك الفترة، تفجرت سيارت مفخخة في لقاء قادة «شهداء اليرموك». مؤسس وقائد التنظيم، الشيخ الخال ومجموعة قادة كبار قتلوا. وأخذ تنظيم إسلامي معارض في الجولان المسؤولية عن ذلك».
وشدد فيشمان على أن «هناك انطباعا بأن في هذه الجبهة من مثلث الحدود مظاهر ما كانت لتخجل الحرب الباردة: فالاردنيون أنهوا مؤخرا جدارا في مواجهة داعش في الجولان يشبه الجدار الاسرائيلي. وفي تموز الماضي، هاجمت مروحيات أردنية أهدافا لداعش في وادي اليرموك في جنوب الجولان. الولايات المتحدة والاردن لهما قيادة مشتركة تدرب الثوار في جنوب سوريا للقتال ضد داعش. وتعمل قوات خاصة واستخبارات أردنية في المناطق التي فيها داعش لمنع انتقال رجاله الى مخيمات اللاجئين في شمال الاردن. ويهاجم الروس بين الحين والآخر مدينة درعا بهدف مساعدة اللواء السوري في المنطقة لاعادة السيطرة على مناطق في جنوب الجولان وقطع محاور الإمداد لداعش من دمشق. ويمكن لنا أن نفترض ان اسرائيل ايضا ليست غير مبالية لما يجري هناك».
وهنا لا بد من التذكير بما كان أعلنه الملك الأردني عبد الله الثاني في مقابلة قبل أيام مع قناة «إيه بي سي» الاسترالية حول «شطب داعش بمساعدة الشعب اليهودي». وفي مقابلة مع برنامج «لايت لاين» على تلك الشبكة، أشار الملك الأردني، وفق ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، إلى قضايا إقليمية عدة، وخصوصا الحرب الأهلية في سوريا. وقال إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سيعمل على القضاء على «داعش» و «أنا أعتقد أن شطب داعش ينبغي أن يقف على رأس أولوياتنا جميعا، وأنا أقول ذلك طوال الوقت. فالحرب الأساسية في العالم حاليا هي الحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي. ونحن ننظر إلى ذلك على أنها حرب، حرب أهلية داخل الإسلام، لكننا لا يمكننا أن نفعل ذلك من دون عون من المسيحيين واليهود، الأديان الأخرى والشعوب الأخرى». وربما أن هذا يفسر التطور الأخير في الموقف الإسرائيلي من أتباع «داعش» في الجولان وجنوبه.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد