الرئاسة السورية تنفي وجود «مسودة دستورية» قيد النقاش
تدخلت الرئاسة السورية، أمس، في الجدل الدائر حول وجود مشروع دستوري جديد لسوريا، أعده الروس، نافية «بشكل قاطع» علاقتها بالمشاريع التي تطرح من الناحية الرسمية، ليضاف نفيها لنفي الروس لعلاقتهم بالوثيقة التي صدرت فعليا عن «مركز كارتر».
وجاء التدخل الرئاسي، وفق ما نقل الموقع الرسمي للرئاسة السورية على الانترنت، بعد ورود «خلال اليومين الماضيين أسئلة كثيرة حول ما يُطرح في بعض وسائل الإعلام عن مسودات لدستور سوري جديد تم عرضه على دمشق، وتعديلات سورية على هذا الدستور، وترافق ذلك مع أحاديث وتحليلات حول هذا الموضوع في الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي».
ويضيف التعليق أنه «في هذا السياق ومنعا لأي لَبْس يهمّنا التأكيد أنه لم يتم عرض أي مسودة دستور على الجمهورية العربية السورية، وكلّ ما تتناقله وسائل الإعلام حول هذا الموضوع عارٍ تماماً عن الصحة، وبأن أي دستور جديد لسوريا مستقبلاً لن يتمّ تقديمه من الخارج، بل سيكون سوريّاً فقط، يتناقش فيه ويتّفق عليه السوريون فيما بينهم حصراً، ويُطرح بعدها على الاستفتاء، وكلّ ما عدا ذلك لا قيمة ولا معنى له».
ووزع مقربون من الحكومة السورية وأعضاء مجلس شعب ومعارضون مقيمون في سوريا، خلال اليومين الماضيين، مشروع النص الدستوري الذي اقترحه معهد كارتر الأميركي، ونص في ختام استعراضه لعملية التشاور التي حصلت حول المسودة على أن كل ما يرد في الوثيقة «خاص بالمركز» من دون غيره، وذلك منعاً للتبويب ربما، والذي حصل بكل الأحوال، علماً أن المقدمة الرئيسية للنص، المؤلف من 59 صفحة بالانكليزية، تشير إلى حصول مشاورات «في روسيا وأميركا وجنيف» من دون أن تحدد مستواها، أو تسمي المشاركين بإعداد المسودة.
ووفق معلومات لا تشكل المسودة الحالية، الاقتراح الوحيد بتعديلات دستورية في سوريا، بل ثمة مشاريع أخرى وورشات عمل عديدة، يدعى إليها حتى اللحظة الراهنة، سوريون أكاديميون وإعلاميون وديبلوماسيون متقاعدون للغاية ذاتها.
وكما تشير الوثيقة السابقة، فإن ثمة اقتراحات (لا تزال متداولة) باعتماد دستور 1950 كمشروع مرحلة انتقالية، دون الحاجة لتعديل الحالي، وأخرى تقوم على بنيان تعديل ما هو موجود في دستور سوريا المجدد في عام 2012 كما حصل في وثيقة كارتر، ومشاريع اقتراحات بتوليد دستور جديد كلياً، يأخذ بعين الاعتبار «اختلاف العالم والإقليم» بعد تطورات الحرب السورية.
وجدير بالذكر أن دستور العام 2012 استغرق عدة أسابيع للإعداد، وأخرى للتدقيق، قبل أن يحصل على موافقة القيادة السورية، ومن ثم يطرح للاستفتاء الشعبي، وهو ما تشترطه الحكومة السورية من دون المعارضة (وهو أمر مستغرب منها) أن يحصل قبل الإقرار بأي تغييرات دستورية.
وكان سبق لمسؤول سوري رفيع المستوى أن قال حين بدأت واشنطن وموسكو بالحديث عن دستور في شهر آب، مع تجدد جلسات جنيف منذ شهرين، أنه «ليس ثمة مشكلة بالتواريخ، وليس ثمة مشكلة بكتابة دستور جديد»، مشيراً الى أن «نتائج الحرب هي التي تحدد شكل الدستور، وبالتالي فإن مناقشته لن تستغرق وقتاً طويلا»، وذلك في إشارة لتداخل المصالح الإقليمية والدولية في سوريا، وللأثر الكبير أيضاً الذي تركته الحرب على الداخل أيضاً.
وتحضر التجاذبات الإقليمية والدولية في حال إعادة فتح النقاش عن «وثيقة كارتر» التي يرغب البعض بتسميتها بـ»الوثيقة الروسية»، وذلك على اعتبار أن موسكو منذ أشهر الحرب الأولى تكرر استنادها «لما يقرره الداخل، سواء عبر الاستفتاءات أو أي نوع من الاتفاق الداخلي»، وهو أمر تؤكد دمشق أنه لم يتغير، ولا زال في أساسيات تعاطي موسكو مع الحرب السورية، فيما تبدو طهران أكثر مرونة في استقبالها للأفكار المرتبطة بمستقبل الجغرافيا السورية، ولا سيما في ضوء التجربة العراقية.
من جهتها، تمتلك الولايات المتحدة وإسرائيل تصورات مختلفة لنهايات الحرب السورية، ربما يكون اللجوء للتقسيم الفيدرالي بهدف إضعاف الدولة المركزية من ضمنها.
ويتخوف أحد المعارضين المقيمين في سوريا، من كون التسريب مقصودا «لغاية التشكيك بالإستراتيجية الروسية»، التي تضع استئناف العملية السياسية من ضمن أولوياتها، بعكس طهران التي تفضل العمل الميداني، و «تطهير» بعض الجبهات أولاً.
ويمارس الروس دوراً ميدانياً متحفظاً وبانتقائية عالية في الوقت الحالي، نتيجة رغبتهم بإبقاء روح جنيف حية، وإن بحال الاحتضار، والحفاظ على خطوط الاتصال مع الأميركيين، والذين بدورهم تناسبهم حالة الاستنزاف الحاصلة للقوى. من ناحيتها تفضل دمشق عودة الزخم الروسي الجوي كالسابق، لـ «حسم بعض الجبهات المهمة» قبل الشروع بتسويات سياسية.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد