رحيل الباحث السوري حسين العودات
غيب الموت، أمس الخميس، المفكر السوري حسين العودات عن 79 عاماً من عمره، بحسب ما أفادت عائلته جريدة "السفير" اليوم.
والعودات هو كاتب وناشر وصحافي سوري، نشر معظم مقالاته في صحيفة "السفير" اللبنانية، ولد في العام 1937، في بلدة أم المياذن، شرق محافظة درعا. درس إختصاصات عدة في الجامعة ونال إجازة "ليسانس" في الجغرافيا وإجازة في اللغة الفرنسية ودبلوم في الصحافة.
ولقد اتخذ موقفاً معارضاً صريحاً، لكنه أصرّ على البقاء في منزله في دمشق، وخرج من "هيئة التنسيق" المعارضة لعدم فعاليتها، وانصرف إلى الكتابة.
يقول في إحدى مقالاته التي نشرتها "السفير" في 30 أيار 2015: "يبدو أن تنظيم «داعش» في طريقه لتدمير ماضي السوريين وهويتهم وتراثهم الثقافي والحضاري والعمراني أيضاً. كما أن النظام السياسي يدمّر بدوره حاضرهم ومستقبلهم الثقافي والحضاري والعمراني أيضاً. وبذلك يتم تجريد السوريين من هويتهم وثقافتهم ويتحوّلون إلى مجتمع مفكك لا تربطه قيم ولا تقاليد ولا تراث ثقافي وأخلاقي وحضاري، ويشغلون وقتهم بالحديث عن نتائج الشروخ التي أدّى إليها عنف السلطة وممارساتها الهمجية خلال السنوات الأربع الماضية، مثل تعميق الشرخ الطائفي والقومي والشروخ القيميّة".
وكان المعارض السوري المستقل، يستبعد أن يقوم أي طرف دولي بتدخل عسكري مباشر في بلاده، معتبراً أن حجم القتال الدائر بين الجيش والمعارضة المسلحة لم يترك مجالاً لأي حل سياسي.
وفي مواقفه الأخيرة رأى العودات أن "الأزمة السورية أضحت أكثر تعقيداً مما كانت عليه في البداية، في حين اعتقد النظام ان الحل الأمني سيقضي على هذه الانتفاضة، وسيعيد الأمور كما كانت عليه"، معتبراً أن هذا ما أعطى المجال لتحول النزاع بالكامل تقريباً الى نزاع عسكري.
وفي المقابل، اعتقد الناشط الراحل بـ"وجود أمراض كثيرة في المعارضة السورية، اضافة الى قلة خبرة البعض ووجود مطامح شخصية لدى البعض الآخر وجهل بعضهم بالواقع السوري". ولفت الانتباه إلى أن بعض الأطراف لديه أصدقاء في الخارج يضغطون عليهم، وقد اعتقدوا منذ البداية أن الأمر سهل أن ننادي قوة أجنبية تأتي وتحل المشكلة وهذا ليس حلاً"، مؤكداً أن الحل داخل الحدود السورية، وان خطأ "المجلس الوطني السوري" المعارض انه اعتقد ان الحل من الخارج.
اما فيما يخص "هيئة التنسيق" فكان يرى، في تصريح أدلى بها في العام 2012، أنها كانت أقل فعالية بنشاطها ولم تكن تستطيع أن تعقد صلة حقيقية مع الحراك السوري والتنسيقيات.
عمل الكاتب الراحل في التدريس بين العامين 1956 و 1963.
ثم عمل مفتشاً في التربية بين العامين 1963 و 1964. وتولى بعدها إدارة تربية محافظة درعا حتى العام 1966.
وفي الاعلام، شغل العودات منصب مدير عام وكالة الأنباء السورية "سانا"، بين العامين 1966 و 1970، ثم مستشاراً لرئيس الوزراء لشؤون الصحافة والثقافة بين العامين 1971 و 1986. كما عمل استاذاً محاضراً في قسم الصحافة في جامعة دمشق بين العامين 1985 و 1986.
واضافة الى اهتماماته الأكاديمية والصحافية، فإن الناشط السياسي عمل في مجال النشر، إذ تولى منصب مدير عام "دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع" في العام 1987.
علاوة على ذلك، فإن العودات خبير غير متفرغ لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "أليكسو".
وللراحل ثروة فكرية ثقافية مهمة تمثلت بمجموعة من الكتب التي أصدرها والموسوعات التي أنجزها مع آخرين من الكتاب والباحثين، وهي:
"الموت في الديانات الشرقية"، دمشق 1986. و"وثائق فلسطين" ( 1879 – 1987) تونس 1989. و"المشرف العام على موسوعة المدن الفلسطينية"، تونس 1990.و"موسوعة الصحافة في بلاد الشام" (مع آخرين) تونس 1991. و"موسوعة الصحافة في بلاد المُغتَرب" ( مع آخرين) تونس 1991. ومن كتبه أيضاً "العرب النصارى"، دمشق 1992.و"المرأة العربية في الدين والمجتمع"، دمشق 1996. و"دراسات إعلامية"، 2006. و"الآخر في الثقافة العربية"، بيروت 2010.
شارك الكاتب السوري الراحل مع الكاتب سعد لبيب في تحرير "النظام العربي الجديد للإعلام والاتصال"، 1985.
وفي مجال الدراسات، فإن للعودات عشرات الدراسات حول شؤون الإعلام والثقافة في البلدان العربية، لـ"المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم"، واتحاد إذاعات الدول العربية، ومنظمة "يونسكو"، و"المعهد العربي للدراسات الاستراتيجية".
وكان قد صدر للكاتب العودات كتاب بعنوان «صورة العرب لدى الآخر في ضوء العلاقات التاريخية»، عن "دار الساقي" في بيروت. وفيه يلقي الكتاب الضوء على علاقات العرب بمعظم الشعوب طوال خمسة عشر قرناً، ويخص منهم الفُرس والترك والسلاف والصينيين والهنود والأفارقة واليهود والأوروبيين. ويشير الكتاب خصوصاً إلى الظروف الموضوعية وإلى الفئات الدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها التي لعبت دوراً هاماً في تشكيل تصورات الآخرين عن العرب.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد