من نصيب إلى الزبداني .. الحدود الساخنة
كل المؤشرات الواردة من جنوب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية كانت توحي بأن معبر نصيب هو الوجهة المقبلة لهجمات مسلحي «جبهة النصرة» و «الجيش الحر»، وهو ما حصل بالفعل، وسط أسئلة عن مصير الحدود الجنوبية ودور الأردن مما يجري.
ومع ساعات صباح أمس الأول سحبت الاستخبارات الأردنية عناصر الجمارك والموظفين المدنيين تمهيداً لإغلاق معبر نصيب، وهو ما ردت الحكومة السورية عليه بخطوة مماثلة قبل أن تعتبر أي دخول أو خروج من النقطة الحدودية عملاً غير شرعي، في وقت سيطر مقاتلو «النصرة» و «جيش اليرموك» و «فرقة فلوجة حوران» و «أسود السنة» و «فرقة 18 آذار» على المعبر خلال ساعات الليل.
ورفع مقاتلو «النصرة» رايتهم على الأبنية عند البوابة الوحيدة بين سوريا والأردن، فيما أكدت مصادر ميدانية حدوث عمليات نهب للبضائع وشحنات أغذية وأموال وسيارات كانت لمدنيين تركوها خلال الاشتباكات.
واستهدفت طوافات سورية منطقة قرب الحدود الأردنية بعد أن سيطر مقاتلون على معبر نصيب الحدودي.
ولا يعد هذا الهجوم هو الأول من نوعه، بل سبق أن أطلقت بعض الفصائل معركة باتجاهه الشتاء الماضي، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ. واللافت أن القوى المشاركة في المعارك هي ذاتها التي شنت الهجوم السابق، وفي مقدمتها «تحالف صقور الجنوب»، الذي يضم «فرقة فلوجة حوران» و «جيش اليرموك» بقيادة ياسر العبود، الذي، وبحسب مصادر معارضة في حوران، كان رأس الحربة في المواجهات الماضية.
وثمة معلومات تفيد بطلب الجانب الأردني، الذي يعمل العبود معه ومع «غرفة الموك»، أن يتولى «جيش اليرموك» إدارة المعبر، وهو ما رفضته باقي المجموعات المسلحة، على اعتبار انه سيفرض رسوماً عالية على الدخول والخروج، وحتى تنقل جرحى باقي الفصائل، ما دفعهم للضغط لإلغاء المعركة، بالإضافة إلى قلق عمان من سيطرة «النصرة» على المعبر، على غرار نقطة الجمرك.
لكن السيطرة على المعبر لن تعني بالضرورة مشهداً مشابهاً لما جرى على معبري باب السلامة وباب الهوى شمالاً عند الحدود التركية، ذلك أن ممراً حدودياً إضافياً بين سوريا والأردن يمكن تشغيله من جهة محافظة السويداء، والذي يقابل مدينة الرويشد الأردنية، ما يعني أن السيطرة على المنفذ ستكون مثل عدمها إن قررت عمان التعامل مع الحكومة السورية من النقطة الحدودية الجديدة.
يشار إلى أن الحدود الشمالية للأردن تشكل شرياناً اقتصادياً مهماً للتجارة من لبنان وسوريا إلى الأردن وباقي الخليج العربي، وإغلاقها بالكامل يعني خنقاً لاقتصاد الجار الجنوبي لدمشق، بينما ترجح معلومات المعارضة أن يترك معبر نصيب لإمرار الأسلحة والمساعدات ونقل الجرحى عبر طرق معبدة أكثر سهولة من النقاط الخاصة بالتهريب، لا سيما في ريف درعا الغربي.
ومن الجنوب إلى جبال القلمون، فبعد إحكام الجيش سيطرته على السلسلة الغربية للجبال المطلة على الزبداني، تتجه الأنظار إلى معركة البلدة التي تعد من المعاقل القليلة الباقية لـ «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» في المنطقة.
وجاءت سيطرة الجيش السوري على نقاط ضهرة الزيتونة وشير النسور ورأس الخشعة وشير القرنة وجبل الشيخ منصور ورأس القرن وتل الهوة، الذي يعد أعلى مرتفع في السلسلة الجبلية، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي «أحرار الشام» و «النصرة»، الذين يعتبرون هذه المواقع مهمة جداً، لقربها من الحدود اللبنانية من جهة وإطلالتها على طريق دمشق - بيروت الدولي من جهة أخرى، ما يعني فرصة كبيرة في فتح طرق إمداد من البقاع الأوسط لبنانياً وقطع الخط الدولي والتقدم حتى نحو نقطة المصنع الحدودية. والأهم أنها تشكل مواقع آمنة من ضربات المدفعية والطيران وحتى لمعسكرات تدريب.
طارق العبد: السفير
إضافة تعليق جديد