طرح كردي لتقسيم العراق رسمياً
مجموعة من الأسئلة الملحة باتت تحاصر مصير العراق والحفاظ على وحدته مع صعود وتيرة التصريحات والمواقف التي تعبر عن خطوات أكثر جدية نحو طروحات التقسيم، خصوصاً تلك التي تأتي من واشنطن، وتناقش خطوات عملية في هذا الإطار، مثل عمليات التسليح والتدريب، وربطها ببعض الفصائل العراقية ذات الطموحات الانعزالية.
وبعد الطرح الذي خرج به محافظ نينوى أثيل النجيفي خلال جولته على عدد من المسؤولين الأميركيين في واشنطن، الأسبوع الماضي، وتمثل بتسليح ما أسماه «المنظمات السنية» تمهيداً لإنشاء إقليم للسنة في العراق، عبَّر أول مسؤول كردي رفيع، أمس، عن هذا التوجه أيضاً، معتبراً أن على الحكومة العراقية إعطاء المزيد من السلطات لمراكز القوى المحلية ــ مع احتمال السماح بإنشاء إقليم سني ــ إذا ما أراد العراق الصمود في المعركة بوجه تنظيم «داعش».
وأكد نائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد الطالباني، وهو ابن الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، أن «إعطاء السنة في العراق القدرة على التحكم سياسياً في مناطقهم بشكل واسع قد تكون الطريقة الوحيدة من أجل إبقائهم بعيداً عن الانضمام إلى تنظيم داعش».
وكان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن قد طرح مشروع تقسيم العراق في العام 2006، وأعاد تكراره مع بداية الهجوم الذي شنه تنظيم «داعش» على المناطق العراقية، كما طرح هذا المشروع سابقاً قبيل خروج الاحتلال الأميركي من العراق في العام 2011، ولكنه عاد إلى الواجهة اليوم مدعوماً من عدد من الخبراء العسكريين والديبلوماسيين.
وخلال مشاركته في أعمال البعثة الديبلوماسية لإقليم كردستان في واشنطن، أكد الطالباني أنه على الرغم من أن الفكرة قد لا تبدو بديهية و«لكن الطريقة الوحيدة لإبقاء العراق مجموعاً هي بسحب السلطة من بغداد»، ورداً على سؤال حول ما إذا كان تصوره قائماً على حكومة محلية في إقليم ذي حكم ذاتي للسنة قال «بالتأكيد»، وكررها أكثر من مرة.
واعتبر الطالباني أن الحكومة المركزية في العراق، «أثبتت أنها غير مستعدة للتخلي عن السلطات لمصلحة الأقاليم والمناطق في البلاد، حتى لو أنها كانت قادرة على القيام بذلك وفق الدستور»، لافتاً إلى أن محصلة هذا الأمر كانت «حرمان أغلب البلاد من السلطة وعوائد النفط، ما أدى إلى حالة من الإحباط بين الأقلية السنية والأكراد، وحتى لدى بعض الشيعة».
وكان رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي قد أكد خلال مقابلة تلفزيونية مؤخراً أنه لا يمانع تعزيز السلطات في الأقاليم، وفي هذا السياق اعتبر الطالباني أن العبادي وبعكس سلفه نوري المالكي شخص «براغماتي وعملي» بما يكفي ليقبل بنقل سلطات العاصمة بغداد إلى المناطق.
وربط الطالباني مسألة عدم إقامة إقليم للسنة في العراق باستمرار الأزمة الأمنية الحالية، متوقعاً أن تكون لدى العراقيين «أسباب قليلة لمقاومة تنظيم داعش ما داموا يشعرون أنهم مهمشون على مستوى السلطة»، وأضاف «ليس من الصائب القضاء على داعش عسكرياً وإبقاء النظام السياسي الحالي قائماً، لأن ذلك سيؤدي إلى ظهور داعش2»، في أول طرح سياسي صريح لتغيير النظام السياسي القائم في العراق.
ودفعت الولايات المتحدة بعد احتلال العراق نحو إنشاء نظام لا مركزي يعطي المزيد من الصلاحيات للمسؤولين المحليين في الأقاليم، وعبَّر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، عن اعتقاده أنه لا يزال من «المبكر النظر في إنشاء المنطقة التي يحكمها السنة في العراق».
إلى ذلك، رشح عن لقاءات وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل في العراق، أمس الأول، أنه تم العمل على إنشاء أربع قواعد لتدريب القوات العراقية، مع مدربين من الولايات المتحدة ودول «التحالف»، بعدما أكد الجنرال الأميركي المسؤول عن القوات الأميركية في العراق وسوريا جايمس تيري أن 1500 مدرب تم انتقائهم من عدد من البلدان من أوروبا والشرق الأوسط سوف يشاركون في عمليات التدريب، في إشارة إلى احتمال أن تشمل هذه الدفعة جنوداً من البلدان العربية.
ويقول الضابط المتقاعد وعميد كلية «فليتشر للقانون والديبلوماسية» في جامعة «تافتس» جايمس ستافريديس، إن تدريب ومشورة القوات العراقية ستتطلب من 8 إلى 10 آلاف جندي، معتبراً أن خطوة إرسال مدربين من «التحالف» هي الخطوة الأكثر أهمية وتعدّ تطوراً هاماً في سياق العمليات على تنظيم «داعش»، مشدداً على أن «ربح الحرب من قبل جنود الحلفاء على الأرض يبدأ من أعمال التدريب والمشورة والتأثير في الجيش العراقي».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن وتيرة الطلعات الجوية الأميركية سترتفع مع بدء العمليات العسكرية العراقية الميدانية التي تحضر لها القيادة الأميركية في العراق، كما اعتبر محللون أن المعركة التي يحضر لها في الموصل قد تؤدي إلى إقحام القوات الأميركية في الميدان بدافع «تنسيق العمليات»، حيث لفت هايغل إلى أن هذه المعركة باتت «وشيكة».
وفي هذا السياق اعتبر المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية ( سي اي ايه) بروس ريدل أن «الحرب في العراق التي أراد الشعب الأميركي والحكومة الأميركية الخروج منها»، أصبح «معنياً بها مجدداً»، بينما وافق المسؤول الآخر سابقاً في «سي اي ايه» ويعمل مدرساً في جامعة جون هوبكينز جون ماكلولين على ذلك، مؤكداً أن مشكلة «داعش» ليست من «المشاكل التي يمكن تسويتها من الجو .. لقد سمح ذلك بإضعافهم ما دام هناك اهداف يمكن قصفها، لكن عددها يقل، ولن نتمكن من تسوية هذه المشكلة من دون رجال على الأرض، وسنحتاج إلى جيش عراقي قوي وحضور ميداني بشكل أو بآخر».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد