22ألف تقرير طبي خاص بمعاملة الزواج في دمشق في 2014
أدركت الكثير من الدول في العالم أهمية الفحص الطبي قبل الزواج لتجنب كثير من الأمراض ذات الطابع الوراثي والعائلي حيث اكتسبت هذه الفحوص الطبية للمقبلين على الزواج مع مرور الوقت قبولاً أكبر في أغلب المجتمعات أما في سورية فقد بدأ إجراء هذه الفحوصات منذ عام 2010 وكانت البداية في دمشق بإحداث عيادة ومخبر تحاليل ما قبل الزواج ثم توالى افتتاح مراكز أخرى لتشمل معظم المحافظات وأصبح التقرير الطبي الصادر عنها وثيقة ضرورية لإتمام معاملة الزواج في حال كانت النتائج ايجابية.
وقد بينت إحصائيات عيادة ومخبر تحاليل ما قبل الزواج بدمشق أن عدد التقارير الصادرة عن المخبر خلال العام المنصرم 2014 بلغت نحو 22 ألف تقرير طبي منها 86 تقرير منع زواج بسبب أمراض وراثية يحملها كلا الخاطبين مقابل 52 حالة منع زواج عام 2013 من أصل 20 ألف تقرير طبي.
وأشارت مديرة العيادة الدكتورة لبنى سليمان إلى أن أغلب حالات منع الزواج تتعلق بأمراض الدم الوراثية التي يحملها كلا الخاطبين فنتائج هذه الفحوص قد لا تمنع الزواج لكن تمنع الإنجاب ومن أهمها الخل المنجلي والتلاسيميا وهنا ليس بالضرورة أن يكون الشخص الحامل للمرض مريضاً بل هو شخص سليم ولكنه يحمل صفات وراثية يمكن أن ينقلها لذريته إذا حدث وكانت الزوجة أو الزوج أيضاً حاملين للمرض نفسه مشيرة إلى أنه يجب النظر إلى هذا التقرير على أنه مطلب أساسي وعامل وقائي يحمي جيلاً كاملاً من الإصابة بأمراض وراثية يسبب بعضها إعاقات دائمة وتحمّل الأسر والمجتمع عبئاً صحياً ونفسياً ومادياً.
وأضافت: في حال اكتشاف أمراض وراثية لدى الخاطبين يتم شرح الأمر لهما لتبيان خطورة زواجهما على صحة أطفالهما مشيرة إلى أن امتثال الطرفين لنتائج التقرير تشكل حالات قليلة فهما يجدان صعوبة في قرار الانفصال وفي هذه الحالات بدأنا نأخذ تعهداً من الطرفين بعدم الزواج أو الإنجاب كاشفة أنه من خلال متابعة بعض الحالات التي تم فيها منع الزواج تبين أن الطرفان قد أتما فعلياً معاملة الزواج سواء في إطار المحكمة الشرعية أو الزواج العرفي ومنهم فتيات قاصرات بين عمر 14-16 عاماً ما ينذر بعواقب خطرة على الأطفال الذين سيأتون نتيجة هذه الزواج.
وللوقوف على مصير تقارير منع الزواج في المحكمة الشرعية أكد القاضي الشرعي الأول بدمشق محمود المعراوي أن تعميم وزارة العدل كان واضحاً إلى جميع محاكم الأحوال الشخصية في سورية سواء محاكم شرعية أو روحية أو مذهبية بألا يتم إجراء عقود زواج إلا بموجب تقرير طبي نظامي من أحد مراكز تحاليل ما قبل الزواج المعتمدة من وزارة الصحة المنتشرة في المحافظات لافتاً إلى وجود بعض التقارير يدون عليها عبارة «ينصح بعدم الزواج لأسباب تتعلق بإصابة الطرفين أو أحدهما بأحد الأمراض الوراثية أو المعدية» ولدى الاستفسار من المركز عن هذه الأمراض تبين أن تأثيرها ينحصر بالأولاد الذين يأتون نتيجة هذا الزواج مثل الخلي المنجلي والتلاسيميا وغيرها من الأمراض الوراثية ولكن نسبة هذه الحالات قليلة بمعدل حالة أو حالتين في الشهر.
وأوضح المعروي أنه في الحالات التي تثبت إصابة الطرفين معاً بأحد الأمراض الوراثية فإن المحكمة الشرعية تمنع هذا الزواج ولكن في بعض هذه الحالات وأمام إصرار الطرفين على الزواج وتفادياً للجوء الطرفين إلى الزواج العرفي خارج المحكمة الشرعية فإننا نأخذ من الخاطبين تعهداً خطياً يدون بحقل ملاحظات عقد الزواج مفاده «كل طرف علم بمرض الآخر ووافق عليه «وتعهداً ثانياً مكملاً» يتعهد الزوجان بموجبه أن يتابعا وضعهما عند طبيب مختص في حال كان المرض قابل للعلاج وألا ينجبا أولاداً إلا باستشارة طبيب وفي حال كان مرضهما غير قابل للعلاج وتأكد علمياً أن نسبة إنجاب أطفال مصابين كبيرة فإنا نأخذ عليهم تعهداً بعدم «الإنجاب» مشيراً إلى أنه في بعض الحالات نتجاوز نتيجة التقرير الطبي في عقد الزواج إذا كانت المخطوبة قد بلغت سناً تجاوزت فيه عمر الإنجاب أو كانت الزوجة مطلقة ويريد الزوج إعادتها إلى عصمته.
ولفت القاضي الشرعي إلى أنه في أغلب الحالات التي نمنع فيها الزواج يلجأ الخاطبان إلى الزواج العرفي خارج المحكمة الشرعية وبعد حدوث الحمل أو إنجاب أطفال يأتون إلى المحكمة لتثبيت الحمل بما فيه الفتيات القاصرات وفي هذه الحالات وبموجب القانون الحالي نحن أمام أمرين متعارضين الأول مشكلة انتقال الأمراض الوراثية إلى الأبناء والثاني حفظ النسب الذي يقدم على أي أمر آخر وهذا يأتي بعد التأكد من الحمل من خلال تقرير رسمي من أحد المشافي يؤكد الحمل بمدة تتجاوز أربعة أشهر وبحسب القانون فإن وجود حمل ظاهر أو إنجاب طفل فإن عقد الزواج لا يستدعي إبراز الأوراق المطلوبة لإتمام عقد الزواج كاشفاً عن أن نسبة من يلجؤون إلى الزواج العرفي ممن لم يحصلوا على تقرير «لا مانع من الزواج» تصل إلى 99%.
وبما يخص حالات منع الزواج التي تخص القاصرات أكد المعراوي أن نسبة عقود زواج القاصرات كاملات الأهلية في إطار الشروط والضوابط الموضوعة بلغت نسبتها 11% من عدد المعاملات المقدمة إلى المحكمة بدمشق خلال عام 2014 كما أن عدد عقود الزواج الصادرة عن المحكمة الشرعية بدمشق بلغت 21 ألف عقد، مشدداً على ضرورة أن يعي المشايخ والعلماء الذين يكتبون عقود زواج عرفية وخاصة للقاصرات وجود إمكانية كبيرة بعدم موافقة القاضي على هذه العقود ما يضيع حقوق الفتاة لعدم إمكانياته تثبيت الزواج مشيراً إلى وجود دراسة بهذا الخصوص سيصدر بها قريباً تعميم متكامل بالتشارك مع وزارتي الأوقاف والعدل.
وأكد القاضي الشرعي وجود تقصير من الجهات المتخصصة في نشر التوعية الصحية حول أهمية إجراء التحاليل الطبية للخاطبين قبل الزواج حيث لا وجود لأي برامج تثقيفي توعي حول هذا الموضوع الحساس داعياً وزارة الصحة والإعلام تنظيم ندوات وبرامج تتناول عواقب الزواج في حال وجود عوائق صحية وخطورته على المجتمع وتوعية الأهل لتجنيب بناتهم الإقدام على هذا الزواج خارج إطار المحكمة الشرعية.
رجاء يونس
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد