وكيل مزعوم لشركة يعلن توزيع 100 مليون ليرة شهريا على الشباب
لم يكن أكثر من إعلان منشور في أسفل إحدى صفحات جريدة إعلانية أسبوعية، إلا أن كلماته كانت توحي بظاهرها أن هناك تجمعا «خيرياً» كبيراً لعدد من رجال الأعمال تنبهوا فجأة إلى مسؤولياتهم الاجتماعية، فقرروا مساعدة الشباب و إمدادهم بالتمويل اللازم لإحداث مشاريعهم الخاصة وحل أزماتهم المالية، بحيث لا يطلب من الشاب إلا صورة عن هوية الشخصية دون ضمانات أو كفلاء ... والكرم الطائي في الموضوع أن القروض التي أعلن عن تقديمها و التي هي بلا فائدة تصل لنحو 100 مليون ليرة وذلك عبر التعاون مع بعض البنوك الوطنية الخاصة المحترمة .... هذا كله ما ظهر من الإعلان .... لكن و كما يقولون ما خفي كان أعظم، فقد كشفت المعلومات الأولية عن أن الإعلان المذكور ليس أكثر من عملية نصب واضحة المعالم .... بل انها كانت تشكل قمة الوقاحة في النصب ....!.
فالمصارف الخاصة والتي اتصلنا بأحدها لم يكن لها علم بالموضوع، مؤكدة أنها لم تتعاون مع أية شركة تحمل اسم الشركة المزعومة و أنها بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة .
فيما أكد مكتب محامي البنك الخاص أن القضية حدثت منذ فترة وتم نشر إعلان في ذات المطبوعة الإعلانية في العدد التالي تم فيه نفي علاقة المصرف بتلك الشركة ....
اللافت في الإعلان المذكور ثلاث نقاط رئيسية شكلت ركائز عملية النصب:
- التخفي تحت شركة مزعومة أعطيت اسم مدينة خليجية لزيادة الثقة بالقدرة المالية لدى الشريحة المستهدفة من الشباب المحتاجين لتمويل معين !.
- تقديم مزايا خيالية كمنح القروض دون فوائد أو ضمانات على أن التسديد يمكن أن يتم بشكل يسير، و لدرجة أن المطلوب أيضا من الشاب إحضار هويته الشخصية فقط ...!.
- تحديد فترة التسجيل خلال اقل من شهر وهو ما يتناقض مع مقدمة الإعلان المتضمنة توزيع 100 مليون ليرة شهريا لدعم الشباب السوري، و سبب تحديد تلك المهلة تكشف مع زيارة صديق لنا لمقر الشركة المزعوم في جرمانا حيث تبين أن الشاب الزائر أو الراغب بالاستفادة من العرض يطلب منه تسديد مبلغ رمزي من المال كرسوم و أجور معاملة، وعلينا أن نتصور حجم ما كان سوف يجمعه أصحاب هذا المشروع خلال فترة شهر و قبل تشميع الخيط ..... لكن يبدو أن خيط هؤلاء هو الذي شمع! .
و طيلة عدة أسابيع ونحن نحاول الاتصال برقم الخلوي المنشور أسفل الإعلان للاستعلام والاستفسار عن ذلك الإعلان، لكن لا أحد كان يجيب عليه .....؟! .
بهذه القصة وغيرها تعود مسألة الإعلانات إلى واجهة الحديث لتعاود طرح ذات الأسئلة المثارة منذ عدة سنوات ..... هل نشر أي إعلان يجب أن يخضع لإجراءات معينة تضمن حسن نية ذلك الإعلان وغايته وهدفه؟! و إذا كان الأمر كذلك هل الجهة المعنية بذلك يجب أن تكون المؤسسة العربية للإعلان أم المطبوعات الإعلانية والإعلامية أم الجهة العامة المعنية مباشرة بذلك الإعلان؟! .
إذا كان حماية المواطن والمستهلك من عمليات الاحتيال والنصب التي تقدم نفسها عبر إعلانات معينة يشكل مهمة عامة وخاصة، فإن ضمان حق الفعاليات التجارية والصناعية والسياحية والخدمية في الترويج لأنشطتها وخدماتها و علاماتها التجارية يشكل أيضا حقا بذات الأهمية، ولذلك تبدو عملية المواءمة بين الهدفين تحتاج لدقة في الإجراءات ومزيدا من التعاون بين مختلف الجهات، ولعل ما تم لجهة مطالبة وزارة العمل بعدم نشر إعلانات طلب وظائف إلا بعد موافقتها وما نجم عنه من إشكالات تبين ما قصدناه من كلامنا السابق .... فلا يعقل أن يتم إيقاف إعلان لمؤسسة تعليمية خاصة في البلد تطلب فيه مدرسين لحين موافقة وزارة العمل، وتعامل بذات الطريقة إعلان غامض لا يذكر فيه اسم الشركة، ولا أية معلومات مطمئنة ... فقط يطلب آنسات للعمل كمندوبات مبيعات أو سكرتيرات ....و السلام!.
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد