وزيرة سابقة: هذا هو المطلوب اليوم من الحاكم الجديد للمصرف المركزي
تصاغ السياسات النقدية في كل دول العالم بعيداً عن الجمهور، لأن استخدام الأدوات النقدية من إصدار سندات وتحديد لسعر الصرف والفائدة وغيرها، عملية تحتاج لخبرات اقتصادية ونقدية ومصرفية، ولكن في سورية أصبحت تلك السياسات بكل تفاصيلها هي الشغل الشاغل لكل الناس, لما لها من انعكاس مباشر على الحياة المعيشية للناس حيث يتم تسعير السلع والخدمات حتى تلك التي تنتجها المؤسسات الحكومية بما يتوافق مع أسعار صرف العملات الأجنبية رغم ما يقال لهم بأنها أسعار غير حقيقية.
مع أنه عادة ما ينخفض سعر العملة المحلية عند إقالة حاكم المصرف المركزي، لأن الناس تشعر باهتزاز الثقة بالعملة الوطنية إلا أنه في سورية حصل العكس تماماً، فإن إنهاء تعيين (السيد قرفول ) ، ترافق مع ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
واتخذت من قبل السلطات النقدية عدة إجراءات، نتج عنها تعديل السعر الرسمي لسعر الصرف وأسعار الحوالات وسعر التحويل للمواطنين عند المنافذ الحدودية بشكل يقترب من السعر المتداول، هذه الخطوات وإن كانت ابتدائية إلا أنها أعادت الثقة تدريجيا الى الليرة السورية وبدأت أموال الحوالات بالتدفق على البلد من جديد، وهذه الحوالات تعتبر من المصادر الدولارية الهامة للبنك المركزي.
يأمل كل المتابعين للشأن الاقتصادي أن تعاد صياغة السياسات النقدية وتعديلها بما يتوافق مع متطلبات السوق وتعزيز القدرة الشرائية لليرة السورية والسيطرة على سعر الصرف، بعدما ازدهرت المضاربة وشهد سعر الصرف انفلاتاً غير مسبوق ولم تنفع في لجمه الإجراءات الزجرية في ظل غياب شبه تام للسياسات النقدية, والاكتفاء بالتصريحات الرنانة بأن السعر المتداول “وهمي” الذي بقي مثار جدل حيناً وتندراً أحياناً أخرى.
المطلوب اليوم من الحاكم الجديد للمصرف المركزي، إعادة رسم السياسة النقدية وتحقيق هدفين:
1- تحسين موارد البنك من العملات الصعبة، لكي يستطيع وبقوة من السيطرة على سوق الصرف ورفع القدرة الشرائية لليرة السورية، التي فقدت كثيرا من قيمتها، فخسر المواطن دخله ومصدر رزقه والدولة خسرت أموالها الموجودة في المصارف ومواردها من الرسوم والضرائب وغيره مما أضعف قدرتها على التدخل الفعال في الأنشطة الاقتصادية.
2- تكوين احتياطيات نقدية جديدة، بعد أن استنفذت سنوات الحرب الاحتياطيات التي كانت موجودة إضافة إلى بعض الإجراءات الخاطئة التي ساهمت بهدرها من قبل الحكومات المتعاقبة والمصرف المركزي.
في السنوات الأخيرة انخفض سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، هذا التغير يفرض على المركزي سياسات مختلفة، ولعل الأولويات الأساسية التي تستدعي الكثير من الجهود هي:
1- العمل على توحيد سعر الصرف بشكل تدريجي وتقليل الفجوات بين الأسعار ، بدلا من تعددها وتفاوتها بطريقة غير منطقية وغير عادلة وتؤدي إلى تربح غير مشروع، في الفترة السابقة تعددت الأسعار لدى المركزي حيث السعر الرسمي وسعر المنظمات وسعر البدلات وغيره.
2- إعادة العمل بتعهد إعادة القطع ولو جزئياً بالنسبة للمصدرين، وخصوصاً من يحصلون على دعم جمركي في استيراد المواد الأولية من الدولة.
3- تعديل سعر الحوالات بشكل يقترب من السعر المتداول للعملات الأجنبية في الأسواق، للحفاظ على تدفقات مالية ترفع موارد البنك من العملات الصعبة.
4- تمويل المستوردين بسعر معقول (قريب جدا) من سعر سوق القطع الأجنبي وبإشراف المركزي.
5- دراسات معمقة لموضوع القروض وطرق استخدامها وربطها بالمشاريع الإنتاجية، ومكافحة سوء استخدامها.
مراعاة صياغة سياسة نقدية جديدة تكون أكثر مرونة واستجابة لمتغيرات السوق يعزز قدرة المصرف المركزي على مواجهة المضاربة بشقيها الداخلي والخارجي والتي سببت تدني كبير في القدرة الشرائية للمواطن، وانعكاس ذلك على الحياة المعيشية للمواطنين مما أوقعهم في دائرة العوز والجوع.
المصدر: المشهد
إضافة تعليق جديد