وزير النفط: لا نشتري من المسلحين
«كلام غير مسؤول وغير صحيح». بهذه العبارات نفى وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس ما يشاع عن شراء الحكومة السورية النفط والغاز من المجموعات المسلحة المسيطرة على معظم حقول الإنتاج في البلاد، لكنه أشار، في الوقت نفسه، إلى أنّ الحكومة «تضطر في بعض الأحيان إلى دفع مبالغ عالية نسبياً، تتناسب وظروف إجراء الإصلاحات على الخطوط وخطورتها». فالحكومة، على حد تعبيره، «تعمل في ظروف استثنائية، وقراراتها أيضاً استثنائية ترتقي الى مستوى المسؤولية في تأمين احتياجات المواطنين في شتى المجالات...»، متسائلاً: «الم تتخذ الحكومة قراراً بدفع أجور النقل بالأسعار الرائجة لمختلف البضائع مثلاً».
الوزير، رحّب «بأي عرض جدي لحماية مواقع الإنتاج ونقل وترفيق النفط»، مبيناً أنه لا يمكن التأكيد على النجاح التام أو الفشل التام في التعاون مع بعض الجهات المحلية لحماية المنشآت النفطية، «وإنما خلال إدارة الأزمة يجب تكرار المحاولات اللازمة للتغلب على المشاكل والتخفيف قدر الإمكان من الخسائر الحاصلة».
إجراءات قانونية
وحول كيفية تدبّر الوزارة إصلاح بعض الأضرار الناجمة عن عمليات التخريب، ولا سيما في مناطق سيطرة المسلحين، أكد العباس أنّه «رغم كل الصعوبات الأمنية لا يزال قسم من العاملين، وخاصة الإدارات، يعمل في الحقول والمنشآت، يشرف ويشغل ويُجري الصيانة والإصلاحات الإسعافية، ويُصلح خطوط النفط والغاز في ظروف صعبة ومعقدة، وأحياناً تجري الاستعانة ببعض المقاولين الثانويين الذين يمكنهم العمل بحرية أفضل من الورش التابعة للشركات النفطية والغازية التابعة للوزارة، وخاصة من ناحية تأمين المعدات اللازمة للإصلاح».
وكما هو معلوم فإن القطاع النفطي السوري، الذي كان يمثل نسبة كبيرة من إيرادات الدولة، يواجه مشكلتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بعمليات سرقة الإنتاج وبيعه لشبكات محلية وخارجية، وهنا يكشف الوزير عن إجراءات اتخذتها الوزارة بالتواصل والتنسيق مع وزارة الخارجية، أهمها «تأليف لجنة قانونية مشتركة لمتابعة هذا الموضوع، ومتابعة معرفة الأشخاص والشركات التي تساهم في سرقة النفط لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها وهذه اللجنة مستمرة في عملها». والمشكلة الثانية تتمثل في تدمير وتخريب ونهب المنشآت النفطية من حقول إنتاج وخطوط نقل ومعامل، وفي هذا السياق يؤكد أن «هناك أضراراً كبيرة نتيجة الاستثمار العشوائي في سرقة آبار النفط، وسفحه في الأودية والأراضي الزراعية أثناء عمليات تكريره بطرق بدائية، وما ينتج عن ذلك من تلويث للتربة والهواء والمياه. وآثار هذا التلوث بالمواد النفطية والمواد المشعة ستبقى لسنوات طويلة، وتؤثر في الإنسان والحيوانات والزراعة، إضافة إلى التخريب الذي حصل للطبقات المنتجة للنفط والآثار السلبية على مردود المكامن من خلال هدر طاقة المكمن بفتح الآبار على نحو عشوائي».
وعلى ذلك، فإن إعادة إصلاح منشآت القطاع النفطي ووضعها في الاستثمار، تمثل أولوية قصوى نظراً لأهميتها في مرحلة إعادة الإعمار الشاملة، وهذا ما دفع الحكومة وفق ما يشرحه العباس إلى «إعداد خطط إعادة تأهيل المنشآت المتضررة نتيجة تعديات المجموعات الإرهابية المسلحة، وصنفت هذه الخطط وفق فترات تنفيذها إلى:
ــ خطط إسعافية: يجري تنفيذها خلال عام على الأكثر، وهي ترمي إلى إعادة تأهيل المنشآت والحقول ذات الأولوية من حيث الإنتاج، والكلفة، والفترة الزمنية اللازمة لإعادة وضعها بالإنتاج.
ــ خطط متوسطة وطويلة الأمد: وهي تلي الخطة الإسعافية، وترمي الى إعادة تأهيل وتطوير جميع المنشآت المتضررة واستئناف المشاريع وأعمال الحفر التطويري والاستكشافي، والعودة التدريجية الى الإنتاج الطبيعي وقد تحتاج هذه الفترة من 3-5 سنوات. ومن الناحية العملية بدأ العمل للإعداد لتنفيذ الخطة الإسعافية، حيث جرى إعداد قوائم بالمعدات ومستلزمات هذه المرحلة، وجرى الإعلان لشراء العديد منها، والقسم الآخر قيد الإعداد للإعلان وجرى تخصيص مبلغ وقدره 1370 مليون ليرة سورية خلال عام 2014 لهذا الغرض»، علماً أن «هناك حالياً صعوبة في تقدير تكاليف إعادة الإعمار، نظراً لكون العديد من المواقع تحتاج الى إجراء كشف ميداني عليها لإحصاء الأضرار والخسائر».
وماذا عن الكادر النفطي الكبير الذي كان متوافراً في سوريا... ونسبة من تسرب إلى الخارج؟
يجيب الوزير: «الكوادر النفطية والخبرات الوطنية، ورغم حالات التسرب ومن مختلف فئات العاملين (وخاصة الفئة الأولى من مهندسين وجامعيين)، لا تمثل عائقاً جدياً أمام إعادة تأهيل وإصلاح ما تخرب عندما تسمح الظروف بذلك...، وهناك تشغيل مستمر للمهندسين من مختلف الاختصاصات، ويجري إعداد تدريب وتأهيل أولي لهم».
لا تواصل
في ملف الاستثمار النفطي والتواصل مع الشركات التي كانت تستثمر في سوريا، يكشف وزير النفط أن التواصل مع الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في البلاد «يعتمد على جنسية الشركة، إذ إن الشركات الغربية ممنوع عليها حتى الاتصال والسؤال عن أي شيء نظراً لتقيدها بالعقوبات المفروضة علينا». وبناءً على ذلك فإنه «ما من تواصل رسمي، ولا سيّما على مستوى الشركات الأجنبية المتذرعة بالعقوبات الغربية، وخاصة تلك المفروضة على قطاع النفط وشركاته».
ورداً على مطالبة شريحة من السوريين بتأميم قطاع النفط بعد الموقف الغربي، يؤكد العباس أن قطاع النفط لم يكن يوماً إلا قطاعاً وطنياً، يجري استثماره بأيدٍ وطنية وبإشراف شركات وطنية وبمشاركة الكوادر الوطنية، لكن إبرام عقود خدمات أو مشاركات أو تنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البرية والبحرية، لا يلغي دور الجانب الوطني صاحب القرار والرأي السيادي في هذه العقود. ونظراً إلى خصوصية عمليات التنقيب عن النفط والغاز، المتمثلة في حاجتها إلى تقنيات متطورة باهظة الثمن، وتحملها أعباء مخاطرة الاستثمار، لجأت الوزارة منذ عدة عقود الى التعاقد مع شركات عالمية لإجراء أعمال التنقيب والاستكشاف من خلال عقود عالمية لا تمس السيادة الوطنية، وهذا النوع من العقود لجأت إليها معظم الدول ومنها الصين وروسيا وإيران ودول أميركا اللاتينية».
لا مصافيَ في المنطقة الشرقية
إلى الآن ليست هناك أي معلومات أولية عن نتائج استهداف طائرات «التحالف» للقطاع النفطي في المنطقة الشرقية، فالمصافي التي تستهدفها طائرات التحالف ليست سوى براميل وخزانات صغيرة تستخدم بطريقة بدائية لتكرير النفط الخام، إضافة إلى بعض المصافي الصغيرة التي جرى تهريبها من دول مجاورة كتركيا، لكنها غير نظامية وتنتج مشتقات نفطية رديئة النوعية. وتشير مصادر متابعة إلى أنّ بعض الآبار، التي تتولى المجموعات المسلحة سرقة النفط منها، جرى استهداف مآخذها التي يجري عبرها استخراج النفط، إنما لم تتوافر بعد معلومات تفصيلية أكثر تتيح تقدير نتائج ذلك الاستهداف، وما تكبدته المجموعات المسلحة من خسائر وأضرار، وإن كانت الآبار قد تعرضت للضرر أم لا.
يذكر أنه تعمل في سوريا مصفاتان للنفط فقط، واحدة في مدينة حمص، والأخرى في مدينة بانياس على الساحل السوري، ووفقاً لبيانات وزارة النفط فقد بلغت كمية النفط الخام المكرر في المصفاتين خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 3.111 ملايين طن.
زياد غصن
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد