هل يكفيك مدخولك الشهري؟
قال مدير إحصاءات التجارة والأسعار في المكتب المركزي للإحصاء بشار القاسم إنه “وفقاً للدراسة الأخيرة التي أجراها المكتب المركزي للإحصاء، إن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة شهرياً”.
وبناء على هذه الدراسة الرسمية، طرحنا سؤلاً تهكّمياً على عدد من المواطنين السوريين بمستويات مُختلفة، رغم معرفة الإجابة على وجه الدقة بأنّه لا، لا يكفينا مدخولنا الشهري، فماذا كانت التعليقات وما هي الحلول المقترحة.
يعملُ أحمد البساتنة مُدرّساً لمادة الرياضيات في إحدى مدارس دمشق الخاصة، ويتقاضى مبلغاً قدره 78 ألف ليرة سورية، ويُحسد من باقي الأساتذة على أجره المرتفع نسبياً مُقارنة مع أساتذة العلوم والفلسفة، لكنّه يؤكّد أن هذا المبلغ لا يكفيه بدل “طعام وشراب ومواصلات”، ويقول المدرّس “أضطرّ للجوء إلى المعاهد من أجل تدريس حصص إَضافية، وأسعى لمزيد من الدروس الخصوصية (..) أحصّل مبلغ 2500 ليرة للدرس الخصوصي الواحد، ومع كل هذه الزيادات يبقى المدخول الشهري شحيحاً”.
يصل مدخول أحمد إلى حوالي 150 ألف شهرياً مع إضافات الدروس الخصوصية، ويبحث حالياً عن عمل آخر في ساعات الليل أو في يوم الجمعة.
لا يختلف حال سعيد كثيراً، فهو يعمل في وظيفة حكومية بمرتب شهري دون الـ 40 ألف ليرة، ويضطرّ للعمل على سيارة أجرة بعد الظهر، ويقرّ بأنّه يؤخذ بعض “المبالغ الرمزية” من المواطنين جراء تسيير أمورهم.
سعيد هم اسم حركي اختاره رجل أربعيني، هو ربّ أسرة لعائلة مؤلفة من ستة اشخاص، نزحوا من خان الشيح جنوبي دمشق، وقطنوا في الزاهرة بمنزل صغير يتجاوز ثمن أجاره المئة ألف ليرة.ويبدو أن أبو محمد اختار هذا الاسم لعلّه يحظى بنصيب منه، إلا أنّه يُعاني الأمرّين لتأمين أجرة المنزل أولاً، ومستلزمات أبنائه ثانياً، ويقول “حياتي حالياً هي مواسم، موسم المونة، ثم موسم المدرسة، ثم موسم الشتاء، ثم موسم المرض، ثم موسم رمضان… كل المواسم تحتاج لمبالغ إضافية وأنا لا أستطيع تحملها”.
يصل مرتّب أبو محمد مع “البرّاني” إلى حوالي مئتي ألف ليرة، لا يدري كيف يدبّر أموره حتى نهاية الشهر.
ليس أبو محمد وحيداً يعتمد على “البرّاني” فكذلك الحال بالنسبة لـ حسني الجوابرة، والذي يعمل في مقهى شعبي بدمشق القديمة، ويضع الفحم على النراجيل، ويقول الشاب الذي يدرس حالياً في كلية الاقتصاد “أعتمد على البخشيش، وماذا يقدّم لي كل زبون برّاني (..) يصل البخشيش أحياناً إلى ألفي ليرة في اليوم، ويوم الخميس يكون مدعوماً أكثر، مع ذلك لا يكفيني ما أجنيه، وأنا أساهم فقط في مصاريف المنزل ولا أتحمّلها كلها”.
ينتمي حسني لعائلة يعمل فيها هو وأخوه وأبوه، كي يؤمنوا أجرة المنزل وحاجياتهم الأساسية.
طرحنا ذات السؤال على أكثر من عشرة اشخاص آخرين، بينهم طلاب وموظفون ومهندسون ومحامون وسائقو سيارات أجرة وصحفيون، وأكّدوا جميعهم أنهم يعملون أكثر من 14 ساعة يومياً، في مكانين أو ثلاثة امكنة.
ولم يخف بعضهم عمل زوجاتهم وأمهاتهم داخل المنزل أو خارجه للمساعدة في مصروف الأسرة، واعترف البعض أيضاً بقبوله بعض المبالغ المالية تحت مسمّى “تمشاية حال” رافضاً أن يسمّيها رشوة.
تنحدر الأرقام الاقتصادية المتعلقة بالأسرة السورية لتصل إلى أدنى مستوياتها مع موجة فقر تعمّ البلاد، وتعترف الحكومة ببعضها، بعد أن تضاعفت الأسعار أكثر من عشر مرات منذ بداية الأزمة، ولم تزد المرتبات والأجور الشهرية بذات القدر.
شام اف ام
إضافة تعليق جديد