نساء في دوامة العنف
طيلة عقود طويلة، كانت تغطية الحروب حكراً على الرجال. وطالما اعتبر المشرفون على التلفزيونات في العالم (وأغلبهم رجال) أن قسوة الحروب لا تتماشى مع طبيعة النساء الحساسة ورقّتهن. وبالتالي، لم يكن أحد منهم ينتدب سوى الرجال لمثل هذه المهمات الصعبة والمحفوفة بالمخاطر. لكن إعلاميات بدأن اقتحام الساحة تدريجاً، منذ الثمانينات. وتعدّ مارين جاكمان إحدى أبرز الإعلاميات الفرنسيات الرائدات في هذا المجال. وقد سارت على خطاها لاحقاً مراسلات حرب كثيرات أسّسن «مدرسة نسائية» متميزة في تغطية الحروب: الطبع النسائي، وإن جعل الصحافيات أكثر تأثراً بما يصادفهن من بشائع خلال تغطياتهن، يكسبهن في الوقت نفسه حساسية مرهفة. حساسية تجعل مقارباتهن وأساليب تناولهن لمواضيع الحروب مغايرة لأساليب الرجال. هنّ يركّزن أكثر على الألم الإنساني، فيما يركّز المراسلون الذكور على التحاليل والأرقام، ما يجعل تغطيات المراسلات أكثر قوة وتأثيراً في المشاهدين وجذباً لهم. ومنذ منتصف التسعينات، تكرّست هذه الظاهرة وأصبحت رائجة، عبر تجارب مراسلات عدة. ومن أبرزهن في فرنسا: كاترين جانتيل، الحائزة جائزة ألبير لوندر عام 2004، عن كتابها «مذكرات على خط النار». هناك أيضاً ناهدة نقاد، اللبنانية الأصل. وهي تتقاسم مهنة مراسلة الحروب مع زوجها الفرنسي جان بيار أبّو. وقد أصدرا معاً، العام الماضي كتاباً بعنوان: «زوجان على جبهات الحروب». ثم تأتي إيزابيل ألسن التي تمّ اقتباس كتابها «كنت أريد أن أرى الحرب»، ويروي يومياتها كمراسلة حرب في سراييفو، في فيلم هوليودي بعنوان Harrison flowers (إنتاج عام 2000، بطولة أندي ماكدويل، وإخراج إيلي شوراقي).
لكن التجربة الأكثر قسوة هي تلك التي روتها الفرنسية أنّا نييفا في كتابها «الحرب القذرة»، وتناول قصة اختطافها من قبل البوليس السري الروسي خلال تغطيتها لحرب الشيشان. وكانت نييفا مقربة من زميلتها الروسية آنا بوليكوفسكايا التي اغتيلت السنة الماضية في موسكو. وعايشت نييفا وبوليكوفسكايا الكثير من الوقائع التي سردتها الأخيرة في كتابها المدوّي: «رحلة إلى الجحيم: يوميات من الشيشان».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد