نتنياهو يقدم للكنيست تشكيلته الحكومية اليوم
تواصلت حتى وقت متأخر من مساء أمس مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو لوضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة حكومته. ورغم وضوح الصورة النهائية إلا أن الغموض ظل يحيط ببعض مكونات الحكومة وتحديداً من جانب وزراء الليكود، إذ أبدى البعض خيبته من الوزارات التي منحت له وأنها كانت أقل قدراً مما كان ينتظر. وتساءل البعض عما إذا كان نتنياهو قد بدأ يوميات حكومته الجديدة بمواجهة ليس مع معارضة خارج الائتلاف وإنما داخل الائتلاف في الليكود والعمل على حد سواء.
وانطوى التشكيل الحكومي، الذي يعرض اليوم على الكنيست، على الكثير من المفارقات التي أبرزها تعيين زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان وزيراً للخارجية. غير أن الحملات التي شنتها أحزاب اليمين في العامين الأخيرين على السياسة الأمنية لحكومة أولمرت جعلت من الإصرار على تعيين زعيم حزب العمل إيهود باراك وزيراً للدفاع مفارقة أخرى. غير أن مفارقة لا تقل أهمية عن ذلك تتمثل في أن نتنياهو أفلح بسبعة وعشرين نائباً فقط، هم كتلة الليكود في الكنيست، في نيل خمسة عشر منصباً وزارياً ورئاسة الحكومة، وهو ما يراه الليكود إخفاقاً.
فمن بين الوزارات الهامة لم يتبق لليكود بعد توزيع الحقائب على زعماء إسرائيل بيتنا والعمل وشاس سوى وزارة المالية التي احتفظ نتنياهو بها لنفسه. وهكذا فإن أحداً من وزراء الليكود لا يستطيع الإدعاء بأنه «رفيع المستوى» في حكومة ليس فيها «رفيع مستوى» سوى قادة الأحزاب. ولكن نتنياهو يواجه مشكلة أخرى وهي أن حكومته البالغ تعداد أعضائها ثلاثين وزيراً وسبعة نواب وزراء تتشكل في ظروف اقتصادية بالغة السوء. فكبر هذه الحكومة وأعباؤها لم يوفرا لنتنياهو فرصة كبيرة لادعاء الارتياح لاكتمالها، خاصة في ظل استمرار التذمرات.
وأشار معلقون إسرائيليون إلى أن قادة الليكود يتقاتلون على ما تبقى من فتات بعد أن نال قادة إسرائيل بيتنا والعمل وشاس الحصة الأكبر من المناصب الهامة. وثمة من يقول إن نتنياهو بعد توزيع الحقائب الوزارية لن يجد في كتلة الليكود «عشرة يفتحون زجاجات الشمبانيا». وإذا استمر سيلفان شالوم على موقفه ورفض الانضمام للحكومة في منصب «وزير السلام الإقليمي» فإن سن الحراب في الليكود يكون قد بدأ قبل نيل الحكومة الثقة في الكنيست.
ومع ذلك يمكن لنتنياهو أن يسجل في خانة إنجازاته أنه أفلح في تشكيل حكومة تحفظ لليكود, رغم كل شيء، دوراً مركزياً. فالليكود الذي يشكل حوالى ثلث الائتلاف الحكومي نال نصف مقاعد الحكومة, 15 وزارة من أصل ثلاثين. كما أنه كسب أرجحية لليكود فيها من خلال أنه كرئيس حكومة يملك الصوت المرجح في حال التعادل.
لقد أفلح نتنياهو في تفكيك وتركيب وزارات من أجل أن يوفر لأعضاء كتلته حقائب وزارية. وهكذا فإنه عندما ضم حزب «البيت اليهودي» لائتلافه منحهم منصب وزير العلوم, وهو ما كان جزءاً من وزارة العلوم والرياضة. كما أنه بعد دقائق من منحه وزارة الإعلام لموشيه كحلون استدعاه ثانية ليأخذ منه الإشراف على مصلحة الإذاعة ليمنحها عملاً للوزير يولي أدلشتاين. وتناثرت هنا وهناك نكات حول أنه سيقسم حقيبة «حماية البيئة» ليجعل البيئة وزارة والحماية وزارة أخرى.
لقد تطلب تشكيل الحكومة من نتنياهو وقتاً أطول مما أراد أو ظن كما أنه اضطر لأن يدفع أثماناً لشركائه فاقت التوقعات. وفي نظر الليكوديين فإن نتنياهو تعامل بسخاء مع شركائه الائتلافيين وبتقتير شديد مع أعضاء حزبه.
فنيل إسرائيل بيتنا حقائب الخارجية والأمن الداخلي يثير غيرة قادة الليكود ممن هرعوا للوقوف خلف نتنياهو الذي سيجلب لهم المناصب الكبرى وخابت آمالهم. كما أن نيل حزب العمل خمسة مقاعد وزارية بينها وزارة الدفاع ومناصب نواب وزراء ورؤساء لجان مهمة في الكنيست جعل زعماء الليكود يغيرون من زملائهم في حزب العمل الذين لم يبق منهم أحد من دون رتبة ومنصب.
ومن الجائز أن هذه المسائل وأشباهها هو ما يخلق, منذ الآن, توترات واضحة في قيادة الحزب الحاكم. فرفض نتنياهو تسليم وزارة المالية لـ«الرجل الثاني» في الليكود سيلفان شالوم وحصر شغلها بنفسه أو بأبرز مقربيه, يوفال شتاينتس, يوفر أرضية لصراع يمكن أن يتعاظم. كما أن وجود أشخاص مثل موشيه يعلون ودان ميريدور وبني بيغن في مواقع هامشية أو وزراء دولة كفيل بتسخين الأجواء لاحقاً.
وفي كل الأحوال فإن من تبقى يساراً في إسرائيل يطلقون على حكومة نتنياهو اسم حكومة المستوطنين. فهذه الحكومة اليمينية لا يقلل من تطرفها وجود حزب مثل حزب العمل فيها. ومع ذلك فإنها في نظر الكثـيرين ستكون حكومة التجاذب بين أفيغـدور ليـبرمان وإيـهود باراك. ولا ريب أن هذا التجاذب سـيبقى في الغالب في الدائـرة اللفظية حيث أن من اندفع لإبقاء حزب العمل في حكومة اليمين لن يسارع للخروج منها عـند أول مفترق طرق.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد