مياه الفرات تروي حلب والحياة تعود إلى نهر قويق
نجح التشغيل التجريبي لمحطة ضخ المياه إلى نهر قويق.. ورأينا في الساعة 12 ظهراً من يوم السبت 29 كانون الأول 2007 ماء على شكل شلال يتساقط رذاذاً... ليملأ بحيرة تندفع مياهها في مجرى نهر قويق الذي أضنى حلب تاريخياً بصفته نهرَ مجارير ونفايات صناعية سامة وماء أسود آسن تفوح منه الروائح الكريهة، وعلى الرغم من ذلك تُروى به الحقول والبساتين للأسف الشديد لعدم وجود مياه في حلب!!.
وبعد نجاح هذا العمل الانشائي الإروائي الكبير خُلق نهر جديد جدير باسم آخر يعبّر عن التصميم والاصرار على البقاء والتطوير والازدهار، انه نهر الحياة نهر التغيير نهر حلب الأجمل والأكثر نضارةً.
لقد جرى تجميل حلب في وقت مضى من خلال تغطية جزء من مجرى نهر قويق الآسن... أما الآن فإن هذا النهر الرقراق سيغدو تباعاً سرَ ألق هذه المدينة النابضة بالحياة في النهار والليل.. مدينة عرفت ان تعيش بزخم وقوة دون نهر فكيف بها عندما تملك نهراً..؟.
ووسط ذهول الناس وسؤالهم باللغة العامية الدارجة في حلب (اشو هاد واش صار) بمعنى ماذا نرى؟ وما هذا الذي حدث في قويق جرت مياه قادمة من بحيرة الأسد عبر محطة البابيري، وهي من أكبر محطات ضخ المياه في المنطقة العربية إذ تضخ 93 متراً مكعباً من المياه في الثانية... إلى قناة مسكنة غرب بطول 70كم... وقبل نهاية هذه القناة ببضع مئات من الامتار (عرض القناة ثمانية امتار تقريباً، وعمقها خمسة امتار وتدفقها 93 متراً مكعباً في الثانية)، بُني مأخذ للمياه يورد الماء إلى قناة اسمنتية جديدة تنتهي عند محطة تحتوي على أربع مضخات ترفع الماء القادم اليها سبعين متراً، وتدفعه في انابيب مطمورة إلى منطقة الشلال في المسلمية في حلب قرب مشفى الكندي التعليمي الجامعي.. ومن هناك جرى نهر قويق للمرة الثانية في التاريخ بعد انقطاع تام دام أكثر من خمسين سنةً !!.
قلتُ للدكتور تامر الحجة محافظ حلب: إنها لحظة تاريخية بكل معنى الكلمة.
أجاب: إنه حلم ثمين قد تحقق ، وقال المهندس إياد طه مدير مشاريع - متاع - المؤسسة التي نفذت هذا المشروع: إنه قرار سورية المزدهرة ولا سيما وانها تملك قطاعاً عاماً انشائياً قادراً على صنع المستحيل... والتقط الفكرة المهندس عبد المجيد المصري مدير فرع الفرات الأعلى في المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي المؤسسة المشرفة على تنفيذ هذا المشروع، وقال: عقبى احياء بردى !!
وبدت كل الوجوه مشرقة وضاءة وتجاوز بريق العيون دموع الفرح ولسان حال الجميع لمَ لا ..؟.
هتفتُ للاستاذ عبد الله درويش مدير عام المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي مهنئاً فهذا العمل الكبير، وهذا النجاح الهام كانا محصلة لدأب منظم ومبرمج ولجهود جبارة لم تقهر المستحيل وحسب بل قهرت كل الصعاب التي عرقلت في وقت مضى الكثير من مشاريعنا التنموية والإروائية تحديداً وأخرتها زمناً طويلاً.
لقد غدا نهر الشهباء حقيقةً.. وبات في حلب نهراً غزيراً 3 م3/ثا يضفي سحراً على المدينة ويروي سهول حلب الجنوبية (أكثر من سبعين ألفَ هكتار بالماء العذب، ويرتاح في بحيرة سد خان طومان في الشتاء والربيع).
إن وداعاً لعام جافٍ، شمسه المشرقة مرة كالعلقم في كانون وسط بهجة انطلاق المياه في نهر حلب الجديد، واقعة مفرحة تفتح آفاقاً رحبة على الحياة النابضة بالعطاء.
ميشيل خياط
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد