من يعترف بحماس لتعترف بإسرائيل؟
إن الكيان الصهيوني هو تجسيد لإقرار الأمم المتحدة بخلق مستعمر يحتل أرض فلسطين الحرة وجعلها مستعمرة لهذا المستعمر المتشكل بإقرار هيئة الأمم المتحدة، إن هذا لتناقض فاضح مع أهداف الأمم المتحدة من حيث أنها أوجدت لتسن القوانين للمجتمع الدولي وتضع الضوابط التي تمنع الاعتداء على أي دولة أو أي شعب كان.
فكيف يكون ذلك؟! من يمنع الاعتداء هو نفسه من يصوغه، وهكذا بدأنا مع هيئة متناقضة كلياً تعبث بالقوانين وبالحقوق لتجمع الأقوياء في جبهة واحدة على استغلال الضعفاء، فخلق دولة يهودية على أرض فلسطين كان قراراً مستنده التعاطف مع اليهود والعطف عليهم من جراء أكاذيب خلقوها وهو يبتعد عن أي مستند منطقي أو قانوني بل مستنده عاطفي (إمبريالي) فهل تستند هيئة الأمم المتحدة والتي تمثل أعلى مرجعية قانونية في العالم في سن قوانينها على العاطفة حتى وإن كانت تناقض المنطق والقانون، فما معنى أن تلم شمل اليهود من أنحاء العالم لتعطيهم أرض لها من يملكها ويقطنها، أوليس معناه أن أبيدوا ذاك القوم القاطن لهذه الأرض لترثوها أنتم، أم إن لها معنى آخر؟.
وعلى أي مرجع قانوني يمكن الاستناد في أخذ حق الحياة من شخص لتعطيه لآخر؟
والآن يأتونا بتناقض آخر توأم للأول في سطوته، وغفلته عن أي مستند شرعي، فالخيار الفلسطيني الذي جسد الديمقراطية كواقع وحقيقة ملموسة على أرضهم المحتلة من قبل محتل قمعي يبني ديمقراطيته على ديكتاتوريته لم تناسب هيئة الأمم المتحدة (الأم المنجبة للكيان الصهيوني)، إذ إن خيار الشعب الفلسطيني كان حماس، وحماس هذه لا تؤمن بالسياسة العالمية الصهيونية بل تؤمن بالمنطق والوقائع، فكان من الواجب محاربتها ومحاربة كل صوت حر صوّت لها لإسقاطها وإبراز فشل الديمقراطية العربية وبخاصة الديمقراطية في فلسطين الدولة التي تعاني من مرض عضال (كيان الصهيوني)، فبدأت المناوشات والمناورات الرامية لهز الشجرة الصامدة في وجه الاحتلال ومن ثم رميها أرضاً، فما كان من هيئة الأمم المتحدة والدول الغربية مجتمعةً أن طالبت حماس بالاعتراف بإسرائيل كدولة تحكم أرض فلسطين لا على أنهم كيان يحتل أرضهم ويمارس شتى أنواع الإرهاب عليهم، فهل تناست هذه الدول ومعهم هيئة الأمم المتحدة بأنهم لم يعترفوا بحماس كممثل للشعب الفلسطيني!.. فكيف يمكن لمن ليس له وجود الاعتراف بوجودية الموجود؟ والأمر الآخر الذي تناسته هذه الدول أن الاتفاق الذي
حماس مطالبة به وبتنفيذ بنوده، هو نفسه الاتفاق الذي لم ينفذ بنوده الكيان الصهيوني، أوليس الأجدر الاعتراف بشرعية حماس حتى هذه الأخرى تستطيع أن تأخذ القرار في الاعتراف أو عدم الاعتراف بوجود إسرائيل كدولة على أرض فلسطين بصفتها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، أيضاً الاتفاق والمعاهدة هي بين طرفين أو أكثر يقوموا من خلال هذه المعاهدة بتنفيذ شروط معينة تذكر في نص المعاهدة وذلك لحل خلاف ما نشب بينهم، فإذاً يجب أن يطلب من حماس بالتوازي مع الكيان الصهيوني على تنفيذ هذه الشروط لينال كلٌ منهم حقه وإلا فإن الأمم المتحدة تطلب أو تفرض على الشعب الفلسطيني مرة أخرى الانهزام أمام الكيان الصهيوني وتسليمه أرضهم دون أي جدل أو مناقشة وعليه فإن حماس ليست مطالبة بتنفيذ أي اتفاق قام بين الشعب الفلسطيني وبين الكيان الصهيوني وإنما هي تُطالب بتنفيذ القرار الذي اتخذته هيئة الأمم المتحدة من خلال الدول العظمة مجتمعة والذي أقر إنشاء دولة إسرائيل كوطن قومي لليهود على أرض فلسطين، ويسقط بذلك أي مطلب للأمم المتحدة ولدول العالم من حماس بتنفيذ بنود أي اتفاق جرى بين الشعب الفلسطيني من خلال من يمثله والكيان
الصهيوني.
وليصح للأمم المتحدة ولدول العالم الطلب من الشعب الفلسطيني بتنفيذ الاتفاقات مع الكيان الصهيوني يجب أولاً الاعتراف بمن اختاره الشعب الفلسطيني ليمثله دون أن تملي على هذا الشعب من يمثله، وثانياً الطلب بشكل قانوني بتنفيذ أي اتفاق من خلال مطالبة كافة الأطراف بتنفيذه. وما خلا ذلك فإنه مطلب ساقط قانوناً وشرعاً ومنطقياً..
وأرى أنه من الأفضل لهيئة الأمم المتحدة أن تصدر بياناً تعلمنا فيه بأن شرعيتها امتداد للعواطف العالمية وبأن تشريعاتها تستند على الحس المرهف والشعور الرقيق، وأن دمعها السخي تذرفه قوانين عاطفية يجب علينا التسليم به وإلا اتهمنا بالوحشية وبقسوة القلب.
نبهان السيد
alssayednabhan@yahoo.com
إضافة تعليق جديد