مصر: قرار قضائي يُغرق الانتخابات في الغموض

10-05-2012

مصر: قرار قضائي يُغرق الانتخابات في الغموض

ازدادت الانتخابات الرئاسية تعقيداً، بعدما قررت محكمة إدارية مساء أمس بطلان قرار اللجنة العليا للانتخابات دعوة الناخبين للاقتراع في هذه الانتخابات، وذلك بعد ساعات على إصدار محكمة إدارية أخرى قراراً ببطلان إحالة قانون العزل السياسي إلى المحكمة الدستورية، ما أثار جدلاً قانونياً حول استبعاد رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق من سباق الرئاسة.
وقضت محكمة القضاء الإداري في بنها بوقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رقم 5 لسنة 2012 في ما تضمنه بدعوة الناخبين للاقتراع في انتخابات رئاسة الجمهورية يومي 23 و24 أيار الحالي، مشددة على أن دعوة الناخبين للاقتراع هي من اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة، باعتباره يمثل السلطة التنفيذية في البلاد، وأن اللجنة العليا تخطت اختصاصها، وتوسعت في سلطتها من دون وجه حق.
وقررت المحكمة إحالة قانون العزل السياسي إلى المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أشهر، لكنها قضت بعدم صلاحيتها للنظر في الطعن بعدم دستورية المادة 28 من الإعلان الدستوري، الذي يحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات.
وتنص هذه المادة على أن «تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء».
وتباينت التفسيرات بشأن قرار المحكمة، حيث نقلت وسائل إعلام مصرية عن مصادر قضائية قولها إن الحكم لا يعني بالضرورة بطلان إجراءات انتخابات الرئاسة، إذ إن بإمكان المجلس العسكري تدارك الموقف بإصدار قرار بدعوة الناخبين للاقتراع، فيما ذهبت مصادر أخرى إلى القول بأن لا قيمة تطبيقية لقرار المحكمة مستندة بذلك إلى أن قرارات اللجنة العليا للانتخابات محصنة بموجب المادة 28 من الإعلان الدستوري.
وكان لافتاً أن التباين قد شمل أيضاً أعضاء محكمة القضاء الإداري في بنها، إذ نقلت صحيفة «الشروق» عن رئيسها لمستشار الدكتور محمد حاتم عامر نفيه أن يكون معنى الحكم هو وقف انتخابات الرئاسة، مؤكدا أن المحكمة أبطلت فقط المادة الأولى من قرار اللجنة العليا رقم 5 لسنة 2012.
لكن صحيفة «الأهرام» نقلت عن عضو المحكمة المستشار احمد غنيم، وهو نائب رئيس مجلس الدولة، أن «الحكم يترتب عليه وقف انتخابات رئاسة الجمهورية نظراً لبطلان قرار دعوة
الناخبين للانتخاب». وشدد على أن «الحكم يجب أن يتم تنفيذه فورا، وذلك لأن أحكام القضاء الإداري واجبة النفاذ، ومشمولة بالنفاذ المعجل»، مشيراً إلى أن «الطعن على الحكم لا يوقف تنفيذه الفوري، ما لم يصدر حكم من المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ الحكم».
وقال مصدر قضائي في المحكمة لـ«الشروق» إن «الحكم لم يتضمن شرح وسيلة تنفيذه»، لافتاً إلى أن «التنفيذ مسؤولية الجهة الإدارية ممثلة في اللجنة العليا والمجلس العسكري، وإن تعديل الموقف القانوني يتطلب إصدار قرار دعوة الناخبين للاقتراع من المجلس العسكري دون غيره».
وفي ما يدعم وجهة النظر القائلة بعدم وجود قيمة تنفيذية لقرار المحكمة، ذكرت وكالة «أو أن إيه» الإخبارية أن «اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة قررت تجاهل حكم القضاء الإداري بوقف الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن الانتخابات ستجرى في موعدها». وأوضحت الوكالة أن «اللجنة أصدرت بياناً مقتضباً للتعليق على قرار محكمة القضاء الإداري في القليوبية بوقف الانتخابات، وأكدت فيه أن الانتخابات الرئاسية في موعدها».
من جهته، قال النائب في مجلس الشعب عصام سلطان («حزب الوسط» الإسلامي المعتدل) إن «ثمة اتجاهاً لدى المجلس العسكري لوقف الانتخابات الرئيسية. وأشار سلطان، خلال مشاركته في برنامج «90 دقيقة» على قناة «المحور» إلى أن «قرار دعوة الناخبين للانتخابات لا يصدر من اللجنة العليا الانتخابات الرئاسية، بل يتم بدعوة من المجلس العسكري، وأتصور أنه من المحتمل عدم الطعن في هذا القرار، وبهذا يستطيع المجلس العسكري حل هذه الأزمة إن أراد ذلك».
وكانت الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري في القاهرة برئاسة المستشار عبد السلام النجار، أصدرت حكماً أخر بوقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات الرئاسية بإحالة قانون العزل السياسي للمحكمة الدستورية العليا وما يترتب على ذلك من آثار».
وكان قانون العزل السياسي قد أبعد أحمد شفيق من الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، لكنه تظلم أمام لجنة الانتخابات الرئاسية التي قبلت تظلمه وأحالت القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فيه.
وجاء في حيثيات الحكم أن «اللجنة (الانتخابية) لا تعد هيئة ذات اختصاص قضائي ولا يجوز لها أن تحيل نص قانون للمحكمة (الدستورية العليا) للبت فيه».
وأشارت محكمة القضاء الإداري إلى أن «تشكيل اللجنة (الانتخابية) من قضاة رفيعي الشأن لا يضفي عليها الصفة القضائية».
يذكر أن لجنة الانتخابات يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأعضاؤها رئيس محكمة الاستئناف والنائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نائب لرئيس محكمة النقض وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة.
وتقضي المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا بإحالة القوانين المطعون بدستوريتها عبر المحاكم والهيئات ذات الاختصاص القضائي بعد تضرر من تنطبق عليهم أمامها.
وأثار قرار محكمة القضاء الإداري جدلاً قانونياً آخر حول ما يمكن أن يترتب عليه بالنسبة لاستمرار شفيق في خوض الانتخابات.
لكن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة تجاهلت هذا الحكم، إذ أكدت استمرار شفيق في السباق الرئاسي.
وبرر عضو اللجنة الانتخابية المستشار أحمد شمس الدين خفاجي هذا القرار بأن حكم محكمة القضاء الإداري يقضي بوقف إحالة قانون العزل السياسي إلى المحكمة الدستورية العليا، «لكن القانون تمت إحالته بالفعل وتم تقييده بجداول المحكمة»، مشيرا إلى أن القرار الآن في يد المحكمة الدستورية، التي ستحسم المسألة في نهاية الأمر.
من جهته، قال شفيق إن الهدف من «شائعات» استبعاده من سباق الرئاسة هو «التأثير على تصويت المصريين في الخارج المرتقب (غداً) وإقناعهم بأنني لست موجودا في الانتخابات».
في هذا الوقت، أعرب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في بيان، عن «تقديره وثقته الكاملة في قضاء مصر الشامخ واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وأعضائها»، مؤكداً «ضرورة التزام كافة السلطات بأحكام الدستور والقانون، ومراعاة عدم تدخل سلطة في أعمال سلطة أخرى».
ودعا المجلس العسكري إلى «الالتزام بتنفيذ الانتخابات الرئاسية في مواعيدها المحددة»، مجدداً تأكيد «وقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين من دون تفضيل لأحد أو رغبة في إقصاء آخر».
من جهة ثانية، وفي خطوة مفاجأة، قرر رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري إجراء تغيير وزاري محدود، شمل أربعة وزراء، هم وزير الثقافة شاكر عبد الحميد، ووزير شؤون مجلسي الشعب والشورى محمد عطية، ووزير التعليم العالي حسين خالد، ووزير القوى العاملة والهجرة فتحي فكري.
ويأتي هذا التعديل، بالتزامن مع الأزمة التي تكتنف العلاقة بين البرلمان والحكومة، بعدما طالب البرلمان أكثر من مرة بإقالة الحكومة لفشلها في إدارة المرحلة، لكن مصادر في مكتب الجنزوري نفت ذلك، بشكل غير مباشر، قائلة إن التعديل جاء بناء على طلب الوزراء المذكورين.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...