مصر: جولة انتخابية حاسمة وسط اتهامات متبادلة بانتهاكات

17-06-2012

مصر: جولة انتخابية حاسمة وسط اتهامات متبادلة بانتهاكات

أدلى المصريون أمس بأصواتهم في جولة الحسم في انتخابات الرئاسة التي يتنافس فيها مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي والمرشح المحسوب على المجلس العسكري الحاكم الفريق أحمد شفيق، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بارتكاب انتهاكات كانت أكثر وضوحاً من الجولة الأولى من الانتخابات التي تنافس فيها 13 مرشحاً، وإعلان مراقبين رصد انتهاكات بينها تصويت جنود بالمخالفة للقانون.

وباتت صناديق الاقتراع ليلة أمس في اللجان في حماية قوات الشرطة والجيش وأنصار المرشحين بعد أن أغلقت المقار الانتخابية أبوابها في التاسعة مساء تنفيذاً لقرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات فاروق سلطان مد فترة الاقتراع ساعة واحدة.

وظهرت أمس «الورقة الدوارة» في لجان اقتراع عدة، وهي وسيلة للتزوير يحصل بموجبها الناخب على ورقة مسوّدة لمصلحة مرشح ليضعها في الصندوق ثم يخرج بورقة اقتراع بيضاء تسوّد لمصلحة المرشح ليقترع بها ناخب آخر مقابل الحصول على أموال أو خدمات. وتبادل المرشحان الاتهام باللجوء إلى هذه الحيلة.

وتكررت شكاوى حملة مرسي من تصويت عناصر من الشرطة والجيش في دوائر عدة لمصلحة شفيق، بالمخالفة للقانون الذي يمنع تصويت العسكريين، كما أكدت أنها رصدت تكراراً لأسماء متوفين في كشوف الناخبين في لجان عدة. وقدمت شكاوى إلى اللجنة العليا للانتخابات بهذه الوقائع، لكن اللجنة نفتها، مؤكدة أن كشوف الناخبين تخلو من أسماء العسكريين، كما سارعت وزارة الداخلية إلى نفي تلك الاتهامات عنها، مؤكدة «حيادها» في العملية الانتخابية.

لكن تقارير مراقبين بينهم «الجمعية المصرية لدعم التطور الديموقراطي» ذكرت أنها رصدت تصويتاً لمجندين في لجان عدة وحررت محاضر بهذه الوقائع، كما أشارت إلى اكتشاف بطاقات اقتراع مسودة سلفاً لمصلحة مرسي. واتهمت كلا المرشحين بشراء أصوات في أكثر من محافظة، وكذلك تصوير بعض الناخبين بطاقات الاقتراع للحصول على المقابل المادي.

وفي مقابل رفضها التحقيق في شكاوى حملة مرسي، أحالت اللجنة المشرفة على الانتخابات على التحقيق شكاوى قدمتها حملة شفيق عن حالات تسويد بطاقات اقتراع لمصلحة مرسي، اتهم فيها عمال مطابع، خصوصاً أن البطاقات وصلت مسوّدة إلى لجان الاقتراع. ونفت حملة مرسي أي نية لديها للتزوير أو تواطؤ لتمرير هذه البطاقات، معتبرة أن الأمر لا يخرج عن كونه «خطأ مطبعياً».

وذكرت «مؤسسة عالم واحد للتنمية» التي تراقب الانتخابات في عشرين محافظة أن نسبة الإقبال تفاوتت من محافظة إلى أخرى، لكنه في المجمل «متوسط». ولفتت إلى وقوع تجاوزات وخروق عدة، في مقدمها تأخر في فتح اللجان أمام الناخبين، وخرق الصمت الانتخابي أمام عدد من لجان الاقتراع.

أما «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» فقال إن مراقبيه البالغ عددهم 1600 رصدوا أن بعض أوراق التصويت ذهبت إلى بعض اللجان الانتخابية من دون أختام، كما رصدوا عمليات لشراء الأصوات ودعاية انتخابية وتوجيهاً للناخبين خارج اللجان، فيما أكد «مركز سواسية لدراسات حقوق الإنسان» أن مراقبيه رصدوا استخدام «الورقة الدوارة» وحرروا محضراً في الجيزة. وأشار إلى رصد بطاقات ثبوتية مزورة يحملها أشخاص للتصويت في أكثر من لجنة، إضافة إلى عمليات توجيه للناخبين خارج اللجان وشراء أصوات. وذكر «مركز الشهاب» الحقوقي أن مندوبيه رصدوا ظهوراً مكثفاً للبطاقة الدوارة لمصلحة شفيق في مناطق عدة في الإسكندرية.

واستنكرت حملة مرسي إصرار اللجنة العليا على عدم إعلان نتيجة انتخابات المصريين في الخارج رغم ورود كل النتائج من كل الدول بالمخالفة لما قامت به اللجنة في الجولة الأولى. وأكدت وجود أسماء متوفين في كشوف الناخبين، ولمحت إلى عدم حياد الشرطة عبر حشد مجندين للاقتراع بالمخالفة للقانون. وشكت طرد بعض مندوبيها من لجان، كما اتهمت اللجنة العليا للانتخابات بالتقاعس عن مواجهة «تزوير» لمصلحة شفيق عبر استخدام «الورقة الدوارة».

في المقابل، اتهمت حملة شفيق أنصار مرسي باستخدام المساجد لتشويه صورته، واتهمت عدداً من القضاة بتوجيه الناخبين للتصويت لمصلحة مرسي. وكذلك «استخدام النساء للتأثير على الناخبين عبر الادعاء بأنهن أمهات الشهداء ومحاولة كسب تعاطفهم والهجوم على الفريق شفيق لمصلحة منافسه». ورفض شفيق الحديث إلى الصحافيين بعد تصويته في ضاحية التجمع الخامس على أطراف القاهرة وسط حراسة مشددة أغلقت لجنته الانتخابية في وجوه الناخبين، وأكد مرسي أن الشعب سيختار رئيسه بإرادته الحرة، معتبراً أن «اليوم يوم الوفاء للشهداء وبداية التنمية واستكمال الثورة المجيدة». وأضاف عقب إدلائه بصوته في مسقط رأسه مدينة الزقازيق في دلتا مصر، أن «لا مكان على الإطلاق لأعداء الوطن وأعوان مبارك الذين أفسدوا البلاد»، متعهداً «القصاص لدماء شهداء الثورة».

ولوحظ خرق حملات المرشحين فترة الصمت الانتخابي، إذ استمر أنصارهما في الدعاية لكليهما قرب بعض مقار الانتخاب، وهو ما سعت السلطات إلى مواجهته، فأوقفت قوات الشرطة والجيش عشرات من أنصار المرشحين أثناء الدعاية لهما وأحالتهم على النيابة العامة للتحقيق، كما اعتقلت ناشطين رفعوا صور الشهداء.

ووقعت اشتباكات محدودة بين أنصار المرشحين في محافظات عدة بعد أن نشبت بينهم مشادات بسبب الحماسة الزائدة لأنصار كل مرشح أو بسبب توجيه الناخبين من قبل أنصار مرشح معين، وهو ما قوبل باعتراض من أنصار المرشح الآخر. كما تأخرت لجان عدة كالعادة عن فتح أبوابها أمام الناخبين بسبب تأخر وصول القضاة المشرفين على العملية الانتخابية أو عدم توافر بعض الحاجات اللوجستية لبدء الاقتراع.

وكان الاقتراع بدأ وسط حديث عن استخدام أقلام فوسفورية في بعض اللجان يزول حبرها بعد ساعات، وهو ما أكدته اللجنة العليا للانتخابات بعد أن اكتشفت واقعتين لوجود هذه الأقلام في لجنتين انتخابيتين، ما دفعها إلى التشديد على القضاة بتوجيه الناخبين إلى استخدام أقلام وزعتها على اللجان.

وبدا الإقبال على الاقتراع متوسطاً طوال ساعات النهار ربما بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لكن كثافة الاقتراع زادت مع انتصاف النهار وغروب الشمس، فيما لوحظت زيادة حدة الاستقطاب في هذه الجولة ما بين الإسلاميين من جهة وأعضاء الحزب «الوطني» المنحل والأقباط من جهة أخرى، إذ صوّت الفريق الأول بكثافة لمرسي، فيما حشد الفريق الثاني لشفيق.

وكثفت قوات الشرطة والجيش تواجدها حول المقار الانتخابية وأمامها وظلت سيارات الجيش تجوب الشوارع والمناطق المحيطة بمقار الاقتراع بمكبرات صوت تردد أغنيات وطنية وتحض الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع، وسط دعوات للمقاطعة أو إبطال الصوت الانتخابي في ظل رفض قطاع واسع من الجماهير كلا المرشحين، إذ ينظر إلى شفيق على أنه مرشح نظام مبارك والمجلس العسكري، فيما يتخوف آخرون من «أسلمة» مصر في ظل حكم مرسي.

وحذر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم من أن «أي شخص مدني سيرتدي ملابس عسكرية أو شرطية ستتخذ ضده إجراءات قانونية رادعة». وأوضح خلال تفقده غرفة عمليات أقامتها الوزارة لمتابعة سير العملية الانتخابية أن «أجهزة الأمن تلقت معلومات عن اعتزام مجموعة من الأشخاص ارتداء ملابس عسكرية أو شرطية وحملهم مستندات وبطاقات تشير إلى أنهم من الجيش أو الشرطة وارتكاب أعمال عدائية في البلاد، وستتم مواجهتهم في شكل حاسم ورادع».

وأقر رئيس الحكومة كمال الجنزوري بأن «المرحلة الانتقالية شهدت بعض المشاكل»، متوقعاً «تحسن الأمور مع وجود رئيس جديد منتخب». وشدد على أن «الحكومة ومعها الشرطة العسكرية والشرطة المدنية تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تقف في صف مرشح ضد آخر».

وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوى قام بجولة سريعة صباح أمس في منطقة قريبة من مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، تفقد خلالها عدداً من المقار الانتخابية، ثم عاد سريعاً إلى مقر الوزارة لحضور انعقاد المجلس العسكري بكامل هيئته، لمناقشة إصدار إعلان دستوري جديد يمنح الجيش صلاحيات واسعة ويحدد صلاحيات الرئيس ويشكل جمعية تأسيسية جديدة لكتابة الدستور. وأصدر قراراً يؤكد حل البرلمان. وكرر قائد القوات البحرية الفريق مهاب مميش أن «القوات المسلحة لم ولن تتدخل في العملية الانتخابية وتقف على مسافة واحدة من المرشحين».

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...