مصر: تهدئة غير معلنة تنتظر الحل أو الحسم والقاهرة تنتقد تجاوز الضغوط الدولية كل الأعراف

07-08-2013

مصر: تهدئة غير معلنة تنتظر الحل أو الحسم والقاهرة تنتقد تجاوز الضغوط الدولية كل الأعراف

ما زالت الأزمة السياسية في مصر تراوح مكانها، بانتظار الخيار الذي ستستقر عليه السلطات الانتقالية في التعامل مع مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، سواء الخيار السياسي، المتمثل بإقناع «الإخوان المسلمين» وحلفائهم بالمشاركة في «خريطة المستقبل» للمرحلة الانتقالية، أو الخيار الأمني، المتمثل في تنفيذ خطة فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة استناداً إلى التفويض الذي منحه الشعب المصري للفريق أول عبد الفتاح السيسي، والضوء الاخضر الذي منحته الحكومة لوزارة الداخلية لإنهاء الاعتصامات.
ويبدو أن القرار النهائي بشأن هذا الخيار أو ذاك، ينتظر انتهاء عطلة عيد الفطر من جهة، وما ستسفر عنه الوساطات الغربية والعربية بين «إمارة» رابعة العدوية والعهد الجديد من جهة ثانية، علماً بأن الحراك الديبلوماسي هذا، قد بدأ يثير حفيظة دوائر عدّة في سلطات المرحلة الانتقالية، وفي مقدّمتها مؤسسة الرئاسة، التي رأت أن الضغوط الدولية على مصر تجاوزت كل الأعراف، فيما بدأ البعض يعرب عن مخاوفه بشأن «التدويل»، خصوصاً أن الإعلام العربي والغربي قد بدأ يستخدم مصطلحات من قبيل «الأزمة المصرية» و«القضية المصرية» و«المسألة المصرية».
آخر من تقاطر إلى مصر، كانا عضوي مجلس الشيوخ الاميركي جون ماكين وغراهام ليندسي، الذين اجريا سلسلة لقاءات في القاهرة شملت نائب رئيس الجمهورية للشؤون الدولية محمد البرادعي والقائد العام للقوات المسلحة الفريق اول عبد الفتاح السيسي.
وأكد البرادعي بعد اللقاء مع ماكين وليندسي، أن «أولويات مصر هي تأمين المواطنين، والحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم، وحفظ الأمن والنظام والقانون، مع مراعاة نبذ العنف وحقن الدماء، والمضي قدماً في إتمام المصالحة السياسية الشاملة، وتنفيذ خريطة الطريق، لوضع آفاق مستقبل ديموقراطي لمصر».
وكان البرادعي التقى كذلك نائب وزير الخارجية الأميركي ويليم بيرنز والمبعوث الأوروبي لجنوب المتوسط برنارديو ليون، حيث أطلعهما على ما آلت إليه الجهود المصرية لحل الأزمة الراهنة.
وأفادت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري على موقع «فايسبوك» اليوم بأن اللقاء بين السيسي والوفد الأميركي تناول «تبادل وجهات النظر بشأن المستجدات في المشهد السياسي المصري، والجهود المبذولة لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي ونبذ العنف، والمضي قدماً في تنفيذ خريطة المستقبل للمرحلة الانتقالية بمشاركة جميع الأطياف السياسية من دون تمييز أو إقصاء»، كما تطرق إلى «عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».
وكان السيسي أكد، في برقية تهنئة أرسلها إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور لمناسبة عيد الفطر، «انحياز رجال القوات المسلحة للشعب المصري العظيم وإرادته الحرة في الحياة الآمنة الكريمة»، مشدداًعلى أن «رجال القوات المسلحة... يؤكدون استعدادهم الدائم لحماية الوطن أرضاً وشعباً، والدفاع عن سلامته ومقدساته وتاريخه الحضاري العريق».
وكانت وزارة الدفاع الأميركية أعلنت في وقت سابق أن السيسي أكد لنظيره الأميركي تشاك هايغل، في اتصال هاتفي، «التزامه بالحل السلمي في التعامل مع الاحتجاجات الحالية». وأشار متحدث باسم البنتاغون إلى أن السيسي شدد على التزامه بالحل السلمي في التعامل مع الاحتجاجات الجارية، كما أكد التزام الحكومة المدنية المؤقتة بخريطة الطريق السياسية الشاملة لكل المصريين.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع زميله ليندسي، دعا ماكين إلى «إطلاق سراح السجناء السياسيين»، وإجراء «حوار وطني» و«نبذ العنف»، ووضع «جدول زمني يشمل تحديد مواعيد الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية».
وردا على سؤال حول توصيف واشنطن لما حدث في 30 حزيران في مصر، وهل هو انقلاب أم لا، قال ماكين: «لا يمكننا أن نجبر دولة على الالتزام بقانوننا، وعلى كل الأطراف أن تنخرط في الحوار الوطني». وعن الفارق بين «ثورة 25 يناير» و«ثورة 30 يونيو» قال ماكين إن «العنف كان يرتكب من قبل النظام، وبالتالي كان من الضروري أن يرحل (حسني) مبارك، وقد دعمتم الانقلاب وقتها، فلماذا لا تدعمونه الآن؟».
وأضاف ماكين أن الديموقراطية «تعني أكثر من مجرد انتخابات، إنها الحكم بشكل ديموقراطي عبر عملية سياسية شاملة يشارك فيها جميع المصريين بحرية طالما يقومون بذلك بشكل غير عنيف، ويحترمون حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأحكام القانون والدستور».
ودعا ماكين الحكومة المؤقتة والقوات المسلحة إلى الحفاظ على حقوق المتظاهرين السلميين، كما حث على «تعديل الدستور ووضع جدول زمني محدد للانتقال إلى الديموقراطية».
بدوره، قال السيناتو غراهام ليندسي إن «سبب وجودنا هنا كي نقول في ظل هذه الأوقات العصيبة إننا سنظل أصدقاءكم، ولا أتحدث باسم الإدارة الأميركية». وأعرب عن خشيته من ان «يتغلب العنف على السلام»، محذراً من ان «فشل مصر سيؤثر على المنطقة كلها، لذلك يجب أن يتوقف العنف، ولابد من مصالحة وطنية وأن تتحاور جميع الأطراف مع بعضها البعض».
يأتي ذلك، في وقت نقلت صحيفة «الشروق» عن مصادر سياسية ورسمية قولها إن خطوطاً عريضة لـ«صفقة شاملة» بين «الإخوان» والسلطات الانتقالية بدأت في التبلور بعدما تحقق «التوافق» بين الطرفين بصورة مرحلية على «تجنب سيناريو المواجهة الكاملة».
وقال مصدر للصحيفة إن ثمة «قراراً مرحلياً» بعدم التحرك نحو إجبار معتصمي «الإخوان» على العودة إلى منازلهم، شريطة التزام القيادات بالتوقف عن التحريض ووقف تحريك مسيرات «تعرقل المرور وتثير توجس المواطنين»، وذلك لمنح فرصة للتفاهم على اتفاق ينهي الأزمة القائمة.
واتفقت المصادر فى القول إن «الإخوان» أصبحت مدركة بما لا يدع مجالا للشك أن ثمة خطوط حمراء عدّة لن يقبل «العهد الجديد» بتجاوزها، وأولها عودة مرسي إلى الحكم. وسبق أن رفضت السلطات المؤقتة اقتراحا بعودة مرسي إلى الحكم لساعات يعلن بعدها استقالته (على غرار ما حدث مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح)، كما رفضت بشكل قاطع مطلباً «إخوانياً» باعتزال السيسي عن منصبه لمصلحة جنرال آخر تتوافق عليه القوات المسلحة.
وفي هذا الإطار، فإن مصادر مطلعة على كواليس التفاوض تشير إلى أن مرسي لم يعد يشكل أولوية لدى «الإخوان»، ذلك أن اهتمام الجماعة منصب حالياً على انقاذ قيادييها الآخرين وفي مقدمتهم خيرت الشاطر.
وفي المقابل، تطرح «الإخوان» «خطوطاً حمراء» في عملية التفاوض، حيث ترفض الجماعة اسقاط دستور العام 2012، مع انفتاحها على ادخال بعض التعديلات عليه بشرط أن تحظى هذه التعديلات بـ«موافقة إسلامية». وتطالب «الإخوان» كذلك بضمانات بعدم حل الجماعة والاحزاب ذات التوجه الديني.
ويبدو أن زيارات المسؤولين الغربيين والعرب الراغبين في القيام بدور المصالحة قد أدت إلى نفاد صبر المسؤولين عن المرحلة الانتقالية، إذ قال المتشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية أحمد المسلماني إن «الضغوط الأجنبية تجاوزت الأعراف الدولية»، مؤكدا أن «مصر قادرة على حماية الثورة والدولة»، فيما أعرب مستشار الرئيس للشؤون الإستراتيجية مصطفى حجازي عن رفضه وصف الجهود التي تقوم بها حاليا بعض الأطراف الدولية والعربية في المشهد السياسي المصري بأنها جهود.
بدوره، نفى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التعليم العالي حسام عيسى ما يتردد عن صفقات مع «الإخوان» لفض اعتصامهم. وقال عيسى إن «الحكومة الحالية هي حكومة الثورة، وليست حكومة باراك أوباما حتى تقبل التدخل الأميركي في أعمالها أو بشؤون القوات المسلحة تحت أي ظرف»، واصفاً ما يقال عن عقد صفقات مع «الإخوان» لإنهاء الاعتصام بأنها «عبث».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...