مصر: تعديل حكومي يثير حفيظة الشارع و«الإخوان» يشكّلون حزباً جديداً
اثارت انباء التعديل الوزاري الذي يعتزم رئيس حكومة تسيير الأعمال أحمد شفيق اعلانه اليوم، ويستثني الحقائب المهمة كالداخلية والدفاع والمالية، استياء شعبيا وسياسيا واسعا، لانه لا يلبي الحد الادنى من طموحات ثورة مصر التي تلح على تغيير جذري للنظام وأركانه، والتي اعتبرت ان تسريب بعض الاسماء الحزبية المرشحة لدخول الوزارة ليس سوى رشوة، او اثارة البلبلة في صفوف الاحزاب التي سارعت الى الاعتراض علنا على اختيار بعض الاسماء من صفوفها، وقال حزبا «الوفد» و«التجمع» ان المرشحين لدخول التشكيلة لا يمثلون سوى انفسهم، في حين أكدت جماعة «الإخوان المسلمين» أنه لم توجه إليها أي دعوة للمشاركة في الحكومة.
وذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» أن شفيق توجه، مساء أمس، للقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لعرض التشكيلة الجديدة لحكومة تسيير الأعمال، التي من المتوقع أن تؤدي اليمين القانونية اليوم أمام المجلس الأعلى.
وكان شفيق واصل مشاوراته ولقاءاته مع عدد من الوجوه الجديدة من المرشحين لتولي الحقائب الوزارية، الذين سرّبت اسماء بعضهم إلى وسائل الإعلام المصرية، بما في ذلك التلفزيون الرسمي والصحف القومية.
وبحسب ما نشر يوم أمس، فقد تم تعيين يحيى الجمل نائبا لرئيس الوزراء، وهو فقيه دستوري وأستاذ للقانون، كما أنه قيادي في «الجمعية الوطنية للتغيير»، التي يرأسها الدكتور محمد البرادعي.
وأصبح الأمين العام لـ«حزب الوفد» منير فخري عبد النور، وهو حزب ليبرالي، وزيرا للسياحة. وكان «الوفد» قاطع الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني الماضي.
وتم تعيين جودة عبد الخالق، وهو من «حزب التجمع» اليساري الذي شارك في الانتخابات التشريعية الماضية، وزيرا للتضامن الاجتماعي، في حين عيّن المحلل السياسي عمر حمزاوي وزيراً للشباب.
وعين محمد الصاوي، الذي يدير مركزاً سياسياً شعبياً في القاهرة، وزيراً للثقافة، في حين عينت النائبة جورجيت قليني وزيرة للهجرة. واختير أحمد جمال الدين وزيراً للتعليم، وعمرو عزت سلامة وزيراً للبحث العلمي.
ولم يتضمن التعديل الحكومي وزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية. كما لم يتضح ما إذا كان سيتم إعلان تغييرات لهذه الحقائب المهمة.
لكن المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية مجدي راضي أوضح أن «ما يتم تداوله ونشره في وسائل الإعلام حول التعديل الوزاري مجرد تكهنات»، مشيراً إلى أنّ «المشاورات ما زالت مستمرة في هذا الصدد، ولم تنته بعد».
وأعلن «الوفد» أن ترشيح عبد النور وزيراً للسياحة تم باتصال مباشر بينه وبين شفيق «بصفته مواطناً مصرياً وشخصية عامة، وليس بصفته ممثلاً لحزب الوفد»، معرباً عن رفضه «أي ائتلاف حكومي بقرار سلطوي».
وكان «التجمع» أصدر بياناً مشابهاً أكد فيه أن ترشيح عبد الخالق كان أيضا بصفة شخصية وليس حزبية.
وأشارت جماعة «الإخوان المسلمين»، أكثر الجماعات السياسية تنظيما في مصر، والتي منعت من تأسيس حزب سياسي في عهد مبارك، الى انه لم توجه لها الدعوة لتنضم للحكومة، ورفضت التعديل قائلة إنه يجب أن يرحل كل وزراء مبارك. وقال المتحدث باسم الجماعة عصام العريان «لم يعرض أحد علينا (أي مناصب)، ولو عرضوا لفن نقبل. نحن نطالب بما يريده الشعب بإلغاء الحكومة لأنها من النظام السابق»، مضيفاً «نريد حكومة جديدة من التكنوقراط لا صلة لها بالعهد القديم».
- في هذه الأثناء، واصلت اللجنة القانونية المكلفة تعديل الدستور اجتماعاتها، بانتظار أن تصدر توصياتها في موعد أقصاه يوم الأحد المقبل. وقال مقرر اللجنة المستشار حاتم بجاتو انه تم الاتفاق بصورة نهائية على تقليص مدة رئاسة الجمهورية، بحيث تكون أقل مما حدده الدستور المعطل حاليا (6 سنوات).
وذكرت مصادر مقربة من لجنة تعديل الدستور أن التيار السائد داخل اللجنة «يسير نحو خفض فترة ولاية رئيس الجمهورية إلى 5 بدلا من 6 سنوات، على ألا يجوز التمديد للرئيس لأكثر من فترة إضافية واحدة»، مشيرة إلى أن أعضاء اللجنة متفقون كذلك على حذف المادة 179 الخاصة بمكافحة الإرهاب، وبالتبعية إسقاط الفصل السادس من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم في الدولة، لأن هذا الفصل كان يتضمن هذه المادة فقط، وبالتالي تصبح المواد 41 و44 و45 الخاصة بالحريات الشخصية للمواطنين سارية من دون قيود.
وأضافت المصادر انه «بالنسبة للمادة 76 الخاصة بكيفية الترشح لرئاسة الجمهورية، عكفت اللجنة خلال الأيام الماضية على دراسة العديد من الاقتراحات الضامنة لترشيح المستقلين بحرية، ودون إخلال بسمو منصب رئيس الجمهورية، وحتى لا تتحول الانتخابات الرئاسية إلى صراع بين راغبي الشهرة».
ومن أهم الشروط الجديدة المقترحة، الحصول على عدد معين من توكيلات الشهر العقاري من المواطنين، الذين لهم حق الانتخاب (25 ألف توقيع من 15 محافظة)، مع إعفاء بعض الفئات على وجه التحديد من هذا الشرط، أو الحصول على إجازة من 150 عضوا في مجلسي الشعب والشورى.
- من جهة ثانية، أجرى شفيق محادثات مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، في أول زيارة لمسؤول دولي إلى القاهرة منذ الإطاحة بحسني مبارك. وقال كاميرون للصحافيين قبل وصوله الى القاهرة «اعتقد أنها فرصة جيدة للتحدث لهؤلاء الذين يديرون مصر حاليا للتأكد من أنه انتقال حقيقي من الحكم العسكري إلى الحكم المدني».
والتقى كاميرون كذلك رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة محمد حسين طنطاوي. ونقل عن كاميرون قوله لطنطاوي: «نحن على أتم الاستعداد لمساعدة بلادكم خلال الفترة الانتقالية. وأهم شيء بالنسبة لنا معرفة كيف تمكن لنا المساهمة في نجاح هذه العملية الانتقالية». وأضاف كاميرون «كأصدقاء قدامى للشعب المصري لم نأت كي نقول لكم كيف تديرون الأمور ولكن كي نستوضح الكيفية التي يمكننا بها مساعدتكم في إنجاز الأمر الذي نعرف أنكم تريدون انجازه».
ووصل كاميرون إلى مصر وسط تعتيم إعلامي في مستهل جولة شرق أوسطية غير معد لها سلفا. وقام كاميرون بجولة في ميدان التحرير بعد محادثاته مع شفيق.
واستقبل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية وليم بيرنز، الذي بدأ أمس زيارة للقاهرة تستمر يومين. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية إن أبو الغيط بحث مع المسؤول الأميركي سبل تعزيز العلاقة الثنائية حالياً في ضوء التطورات الكبرى التي شهدتها مصر، والتي تتطلب توفير دعم اقتصادي يسمح بتخفيف قدر الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد الوطني على مدار الأســابيع الأخيرة.
ودعا بيرنز إلى بناء الثقة في مرحلة الانتقال إلى الديموقراطية من خلال رفع حالة الطوارئ والإفراج عن مزيد من المعتقلين والإعداد بحرص للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.
- إلى ذلك، أعلن مكتب النائب العام المصري عبد المجيد محمود انه طلب تجميد أرصدة الرئيس المخلوع حسني مبارك وزوجته ونجليه وزوجتيهما في الخارج.
وأوضح محمود أنه تلقى «بلاغات بشأن تضخم ثروة الرئيس السابق وافراد اسرته وأنها مودعة خارج البلاد ما يستلزم تحقيقات للتأكد من صحتها». واضاف انه «بناء على تصديق مصر على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد» فإن النائب العام «قام بمخاطبة وزير الخارجية ليطلب بالطرق الدبلوماسية من الدول الاجنبية تجميد ارصدة محمد حسني مبارك وسوزان صالح ثابث ونجلهما علاء محمد وزوجته هايدي رائخ ونجله جمال محمد وزوجته خديجة محمود الجمال». وأكد البيان انه «تم ابلاغ جهاز الكسب غير المشروع (التابع لوزارة العدل) للتحقيق في الشكاوى المتعلقة باتهامات بالكسب غير المشروع» للرئيس السابق وأفراد اسرته.
وفي زيوريخ، قال مسؤولون إن الحكومة السويسرية جمدت أرصدة «بعشرات الملايين» من الفرنكات السويسرية المودعة في مصارف سويسرية من قبل الرئيسين المصري والتونسي زين العابدين بن علي السابقين لكنها لم تجمد أي أرصدة تخص ايا من القادة الحاليين في شمال أفريقيا والخليج.
من جهة ثانية، أصدر النائب العام المصري، قرارا بإحالة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ووزير السياحة السابق زهير جرانة على المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة. وقال المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد النائب إن «النيابة العامة نسبت إلى العادلي تهمتي التربح وغسل الأموال، فيما نسبت إلى جرانة الإضرار العمدي بالمال العام، وتمكين الغير من الحصول على منافع مالية».
- في هذا الوقت، قالت جماعة «الإخوان المسلمين» إنها قررت تشكيل حزب سياسي سيكون إحدى هيئاتها. ونقل موقع الجماعة على الإنترنت عن المرشد العام محمد بديع ان مكتب الإرشاد الذي اتخذ القرار اختار للحزب اسم «حزب الحرية والعدالة»، لافتاً إلى أن هيئة المؤسسين سيعلن عنها خلال أيام.
وأوضح بديع أنه «عندما يتم الانتهاء من الإعداد سوف يبدأ اتخاذ الإجراءات القانونية المنظمة لذلك». وأشار إلى أنه «تم تكليف المؤسسات المختصة داخل الجماعة بإعداد الصيغة النهائية لبرنامج الحزب وكافة ما يلزم لتأسيس الحزب من لوائح وسياسات، وسيتم ذلك بالتشاور مع مجلس شورى الجماعة ثم يعلن عنه في حينه».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد