مخرج فلسطيني يستبدل الممثلين بالدمى
الحاجة أم الاختراع.. هذا ما قام به المخرج والممثل المسرحي الفلسطيني فرانسوا أبو سالم عندما أستخدم الدمى في مسرحية "جلجامش" التي عرضها مساء الخميس على خشبة مسرح القصبة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة للتعويض عن النقص في عدد الممثلين .
وقال أبو سالم اليوم لرويترز "ان عرض مسرحية ملحمة "جلجامش " التاريخية بحاجة الى 25 ممثلا وهو امر متعذر في ظل الازمة التي يواجهها المسرح الفلسطيني وهو ما تم التغلب عليه عبر استخدام الدمى .
وقدم أبو سالم وزميله الممثل المسرحي الفلسطيني عامر خليل ونجله يزن الذي يبلغ عشرة أعوام على مدار ساعة ونصف الساعة عرضا مسرحيا لملحمة "جلجامش" أختلط فيها الماضي بالحاضر.
ويعود تاريخ هذه الملحمة البطولية التي أكتشفت في القرن التاسع عشر الى ما قبل خمسة الاف عام في عهد الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين (العراق) والتي تتضمن العديد من الابعاد المتعلقة بالانسان والالهة والصداقة والنساء وبحث الانسان عن الخلود.
وفي محاولة لاستحضار الماضي عمل أبو سالم الذي أعد هذا العمل المسرحي الذي ترجمه الى العربية الكاتب العراقي فراس السواح بعض الادوات القديمة من كراسي خشبية و أكياس بلاستيكة وجدار من الكرتون و شموع ودمى مصنوعة من أدوات بسيطة من أوراق الصحف وعلب البلاستيك .
ولم تخلو المسرحية من الارتجال و الخروج عن النص في استعراض للمعاناة التي يمر بها المسرح الفلسطيني.
وقال أبو سالم "اردت أن أجعل الجمهور يعيش القصة المكتوبة لحظات حقيقية من خلال الارتجال والمواقف الحقيقية رغم ضعف الامكانيات . وبدا ان الدور الاكبر للفتى يزن الذي أقتصر دوره على بعض الجمل في المسرحية كان متابعة النص المسرحي مع الممثلين بينما كان يجلس وتحيط به الشموع أسفل دمية تمثل أحد ألهة أوروك (قلعة جلجامش ) .
وعرض أبو سالم مسرحية "جلجامش" في فرنسا في عام 2003 بمشاركة 25 ممثلا من جنسيات عربية وأجنبية مع أداء حي للمؤثرات الموسيقية والغناء الا أنه عرضها أمس بثلاثة ممثلين وقال "أريد التاكيد على أن الارادة تصنع المستحيل رغم أن الملاحم التاريخية يمكن أن تقرأ من قبل ممثل واحد الا أننا قدمناها أمس كنص مسرحي وغيرنا فكرة أن الدمى تستخدم فقط في العروض المسرحية للاطفال."
وظهرت الدمى المستخدمة وكأنها تعكس الشخصيات التي تمثلها حيث بدا القائد جلجامش كأنه محارب فيما بدا صديقه أنكيدو الذي تربى مع الحيوانات في الغاب قبل أن تنقله كاهنة الحب للعيش في أوروك وظهرت عشتار ألهة الحب يعكس وجها صورة لامرأة جميلة.
واستخدمت في المسرحية بعض العبارات التي تتحدث عن الجنس وكيف تبدي المرأة مفاتنها وتخلع رداءها لاغواء أنكيدو (أحد أبطال ملحمة جلجامش) قبل أن تنقله الى قلعة أوروك ويصبح صديقا لجلجامش (القائد الذي يعتقد أن ثلثيه اله وثلثه الباقي بشر ويخوضا الحروب معا ليموت أنكيدو ويبدأ جلجامش رحلة البحث عن الحياة.
وقال أبو سالم أنه حاول قدر الامكان تلخيص هذه الملحمة لتقديمها في عرض مسرحي دون الاخلال في بنيتها الاساسية موضحا أن عرض الملحمة بشكل كامل يحتاج الى يوم كامل من العرض.
وشهد العرض المسرحي عدد من الاجانب رغم أنهم لا يعرفون العربية وقالت سهير هنني الالمانية من أصل فلسطيني بينما كانت تجلس الى جانب صديقتيها الفرنسية و السويسرية اللتين لا تتحدثان العربية أنهن استمتعن بالعرض المسرحي رغم أنهن لم يفهمن كل ماقيل فيها.
وأضافت هنني "أردت مشاهدة هذا العرض المسرحي لملحمة طالما سمعت عنها."
وقال مصطفى وهو في الستينات من العمر "ان أهم ما ميز هذه المسرحية أنها اعتمدت على البساطة والصدق في العرض."
فيما قال الشاب طارق أنه مازال يفكر بما تتناولته هذه المسرحية الرائعة من مواضيع وأهمها البحث عن المصير والخلود.
وتشهد الاراضي الفلسطينية مؤخرا محاولات جادة لاعادة الحياة المسرحية اليها من خلال انشاء العديد من المراكز الهادفة الى احياء الحياة الثقافية الفلسطينية .
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد