مؤتمر التطوير التربوي : المدرسة السورية القادمة يتعلم فيها الطالب بنفسه
اختتم أمس مؤتمر التطوير التربوي أعماله برعاية الرئيس بشار الأسد في قصر المؤتمرات في دمشق بعد أن استمر لثلاثة أيام عقدت خلالها عدة جلسات لمناقشة عشرات أوراق العمل التي طرحها عدد من الباحثين في مختلف القضايا التربوية الهادفة إلى النهوض بالواقع التربوي في البلاد، وحاولت ورشات العمل أن تحقق تكاملاً أكاديمياً في الطروحات المقدمة من خلال توصيفها الواقع واقتراح الحلول في شتى جوانب العمل التربوي.
ومن المشاريع التي عرضت خلال المؤتمر مشروع سورية الجديدة الذي طرحته الدكتورة أسمهان جعفر ووصفته بأنه مشروع وطني تربوي يهدف إلى إعادة إنتاج فكر وعقل الإنسان السوري من جديد وفق متطلبات وضرورات المرحلة الجديدة الحالية والمستقبلية بفعل استشرافي يؤسس لسورية المتجددة مستقبلاً، عبر تقديم جملة من المعطيات للتربية المعاصرة، ويؤكد على العمليات الموجهة نحو تغيير السلوك، انطلاقاً من أن التربية قضية مجتمعية متكاملة، مع المجال السياسي والاقتصادي والديني والفكري وغيره، ومن منطلق الشراكة الحقيقية بين الباحثين المهتمين وغيرهم من المؤسسات الرسمية والمدنية والاجتماعية، تم ذكر الخطوات العلمية والمنهجية لإعادة هيكلة المؤسسات التربوية ابتداء من الأسرة إلى المدرسة إلى الجامعة إلى الإعلام وغيره، والبدء بوضع الإستراتيجيات والخطط، والتوسع بالخطاب الجديد ليشمل فئات مستهدفة جديدة إلى جانب الفئات الأساسية، من هيئات رسمية ومدنية وأصحاب قرار لتصل إلى جودة أكثر من خلال إستراتيجيات أكثر عمقاً، وبذلك يتفق المشروع مع دراسات عديدة، ضمن التوجهات المعاصرة والتي تنادي به المنظمات العالمية، بضرورة تطوير وتحديث وتجديد وتجويد وتنويع النظام التربوي، بما يتناسب وتنوع وتعقد الحياة الإنسانية المعاصرة، والتحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الحديث القادر على تخريج إنسان يعرف كيف يفكر وكيف يتعلم وكيف يعمل وكيف يوظف تعليمه لصالحه وصالح الآخرين.
أخلاقيات التعليم
محمد قاسم عبدالله تحدث حول أخلاقيات التعليم، عبر دراسة أخلاقيات التعليم تركز على القيم الأخلاقية التي توجه الممارسة التربوية والسلوك التربوي لكل من المعلم والطالب والعاملين في الإدارة، والعمل على ترجمة المبادئ أو القيم الأخلاقية إلى سلوك عملي في أداء المعلم الذي لم يلق الاهتمام الكافي من قبل المتخصصين في الميدان، من هنا فإنه من الضروري وضع معايير للمعرفة، والمهارات، والسلوك أو الممارسة، بحيث تمكنه من الحكم واتخاذ قرارات أخلاقية ذات مصدر ضبط داخلي وبالتالي يصبح قادرا على تعميمها في مواقف مختلفة باعتباره المحور الأساس في العملية التعليمية وتحقيق أهدافها، ومن جهة ثانية فإن أنسب طريقة للتربية الأخلاقية هي من خلال الممارسة أثناء الأنشطة حيث يقرأ الفرد القواعد الأخلاقية ويتشكل الضمير الفردي، وأن روح النظام والتعلق بالجماعة يثبتان الترابط بين الواجب والخير.
من هنا تظهر أهمية تكامل مختلف المناهج الدراسية وأنشطتها ضمن سياق البيئة التعليمية التي تساهم جميعها، في نمو الشخصية المتكاملة للمتعلم والتي تعتبر الأخلاق هدفها جميعا. وتمثل هذه الدراسة محاولة لوضع دليل يشكل منطلقا لميثاق أخلاقيات مهنة التعليم في سورية.
مأسسة التعليم البديل
وعن مأسسة التعليم البديل في سورية أكد سعيد خرساني ضرورة وضع وثيقة سياسات محددة وواضحة تتعلق بالتعليم(غير النظامي وغير الرسمي) بشكل عام والتجسير مع التعليم النظامي بشكل خاص، وتعديل وتطوير التشريعات التربوية ذات العلاقة على ضوء وثيقة السياسات ووضع تشريعات جديدة لتأطير التعليم البديل(غير النظامي وغير الرسمي) ضمن رؤية وطنية واضحة تنسجم مع التوجهات الحديثة لإطار التعلم الشامل مدى الحياة، وإنشاء مديرية تعنى باعتماد برامج كافة التعليم البديل في النظام التعليمي الوطني ضمن إطار شامل للمؤهلات الوطنية. على أن تعمل هذه المؤسسة على اعتماد البرامج واعتماد مؤسسات التدريب ووضع معايير الاعتماد وتطويرها المستمر واعتماد المدارس الحكومية والخاصة، وإجراء البحوث والدراسات التطويرية، والتشبيك مع الصناعة والأعمال ومؤسسات التدريب والجمعيات والهيئات التطوعية، وتطوير القدرة المؤسسية المعنية بالتعليم البديل في الوزارة من حيث الهيكلية والتنظيم والوظائف.
تقويم البرامج التدريبية
عبد الحكيم حماد قال عن تقويم البرامج التدريبية للمدرسين: يجب بناء معايير وطنية لإعداد المعلم/المدرس في وزارة التعليم العالي في ضوء المعايير العالمية، وتحليل المناهج المطورة وبيان الجديد فيها، وبناء لائحة بمتطلبات تنفيذ المناهج المطورة ومؤشراتها، وبناء بطاقة رصد لأداء المعلمين والمدرسين في ضوء المتطلبات والمؤشرات إلى إجراءات قابلة للملاحظة والقياس وفق سلم تقدير لدرجات الأداء، ورصد احتياجات المعلمين والمدرسين في ضوء سلم تقدير الدرجات للأداء، وتصنيف الاحتياجات إلى معرفية وأكاديمية وتقنية وتدريبية، والتخطيط لبناء الأهداف التدريبية في ضوء متطلبات المناهج المطورة واحتياجات الأطر التعليمية، والتخطيط لبناء المحتوى التدريبي الذي يلبي المتطلبات ويحقق احتياجات الأطر التعليمية، وتدريب المدربين الذين يتم انتقاؤهم وفق الشروط ومتطلبات تنفيذ المناهج المطورة، ورفع نسبة الأنشطة العملية والإكثار من ورش العمل والعمل ضمن مجموعة، وبناء أدوات اختبارية لتعرف أثر التدريب من خلال مقارنة المستوى قبل التدريب وبعده للوقوف على القيمة المضافة من التدريب، ومتابعة أداء المتدربين في ممارساتهم التعليمية والتدريسية في الغرف الصفية ورصد جوانب القصور وإعداد الخطط المستقبلية لمعالجتها.
التعليم التقاني
وعن التعليم التقاني بين الدكتور رياض طيفور أن القراءة المتأنية لواقع التعليم التقاني ولاسيما المعاهد التقانية تؤكد وجود الكثير من الإيجابية في منظومة التعليم التقاني والتي يجب أن يتم التركيز عليها والعمل بشكل مستمر على تدعيمها وتحسينها، ولحل ذلك يجب توحيد تبعية المعاهد التقانية للجهة المعنية بالتعليم وهي وزارة التعليم العالي لكونها المسؤولة عن تقديم خدمات التعليم العالي للمجتمع، والتركيز على برامج التدريب لدى الجهات العامة بما يخدم رفع مستوى العاملين ومهاراتهم التي يحتاجونها في مكان العمل والنظر في إمكانية تسهيل التعيين والتعاقد مع الكوادر البشرية اللازمة وفق مقتضيات ومتطلبات الحاجة الفعلية من هذه الكوادر لدى الجهات العامة.
مدرسة المستقبل
وعن مدرسة المستقبل في سورية يرى الدكتور طاهر سلوم أن هذا المشروع التربوي يطمح إلى بناء نموذج مبتكر لمدرسة حديثة منشودة وهو نموذج يتخلص من كافة العيوب المدرسية الراهنة، هذه المدرسة التي نريدها هي مدرسة يتحمل فيها المتعلم مسؤولية تعليم نفسه بنفسه تحت توجيه وإرشاد المعلم الذي تكون مهمته تيسير عملية التعليم والتعلم وتلبي رغبات المتعلمين وميولهم واهتماماتهم وحاجاتهم من ناحية واحتياجات المجتمع بكافة قطاعاته من ناحية أخرى، هي مدرسة تؤهل طلابها للتكيف الناجح مع مجتمعهم بكل ما فيه من تكنولوجيا حديثة ومعلوماتية شاملة، مدرسة تعد أجيالها حاضرا ومستقبلا ليس فقط ليكونوا مستهلكين للمعلوماتية بل منتجين لها أيضا، مدرسة تعد الفرد القادر على التفكير الابتكاري الناقد والقادر على المشاركة بفعالية ونجاح بما لديه من مهارات حياتية مكتسبة مع بيئته محافظا عليها ومطوراً لمكوناتها.
الوطن
إضافة تعليق جديد