ليس بوش فقط والكونغرس أيضاً فيه شيء من الغباء

01-07-2006

ليس بوش فقط والكونغرس أيضاً فيه شيء من الغباء

إنها لحظة تاريخية ، لاتنسى .. تتمثل في ليلة 20 أيار 2006، وهي الليلة التي خدعوا فيها الكونغرس الأمريكي للمرة الثانية .. بعد أن خدعوه المرة الأولى في تشرين الأول  2002م ..
لقد حدث الكثير والكثير في الفترة الواقعة بين الخدعة الأولى والثانية، وتراكمت الوقائع.. بما يشبه وقائع التاريخ القديمة.. أو فلنقل، إن ذلك يمثل على الأقل، ماترغبه إدارة الرئيس بوش، في جعل الرأي العام الأمريكي يعتقد بصحته. وذلك لأن ثمة موضوعاً واحداًَ ظل ينبعث دوماً من البيت الأبيض، يتمثل في، مهما وكيفما تم ارتكاب الأخطاء في الفترة الماضية، فإن الأسباب المقدمة لتبرير وتجويز عملية شن الحرب ضد العراق، يجب احترامها" لأنها تقع خارج إرادة الامريكيين" حسب مايؤك الرئيس بوش دائما.
المثال الأخير لمحاولة نسج خيوط هذه الشبكة الشريرة، حدث في مدينة فيينا، العاصمة النمساوية، بتاريخ 21 ايار الماضي، خلال مؤتمر صحفي رئاسي، أعقب اجتماع قمة الولايات المتحدة – الاتحاد الأوروبي. عندما تساءل الرئيس بوش عن الأسباب التي جعلت الرأي العام الأوروبي في آخر المسوحات والاستطلاعات يرفض اعتبار الولايات المتحدة كقوة للسلام في العالم..، وعلى مايبدو فإن الرئيس بوش لم ينظر لأخطاء أمريكا كسبب وعلة لتوجهات  الرأي العام الأوروبي تجاه أمريكا.. بل رأى بأن قصور الإدراك والنظر لدى الأوروبيين.. هو الذي "يعمم السلام والحرية في العالم".. طالما أن أمريكا  تتخذ قراراتها بشكل صحيح ، ولكن  (سوء حظ) الأوروبيين هو الذي جعلهم لا يدركون ويفهمون ذلك..
في تشرين الأول 2002م، عندما صوت الكونغرس، مؤيداً تجريد نفسه من أهم صلاحيات واجباته الدستورية، مسلماً إياها للرئيس جورج دبليو بوش، خاصة الواجبات والصلاحيات المتعلقة بإعلان حالة الحرب، ومايرتبط بذلك من استخدام كل الوسائل، في لحظة الإعلان، وذلك من أجل إرغام صدام حسين على تسليم كل أسلحة الدمار الشامل التي بحوزته.
وقد ضغط الرئيس جورج دبليو بوش على "الزناد" في 19 آذار 2003م، مقحماً الولايات المتحدة الأمريكية بتهور في الحرب ضد العراق، والتي أزهقت أرواح حوالي 50 ألف مدني عراقي، و2500 جندي أمريكي، و 226 من القوات المتحالفة الأخرى، و 100 صحفي، وأكثر من 350 متعاقداً، وقد كلفت الحرب حتى الآن حوالي 400 مليار دولار، وحوالي 200 ألف نازح من أصحاب الخبرة، لن يستطيعوا العودة لمزاولة أعمالهم إلا بعد سنين طويلة، إضافة إلى حوالي 500 ألف معاق. سوف يظل مشوهاً طوال عمره الباقي، ومعتمداً على الأطراف الصناعية.
ظل عدد من كبار الرسميين في الكونغرس، وبالذات الجمهوريين والذين يتبؤون المناصب في الإدارة الأمريكية، يعملون على ترتيب المراحل والخطوات ضمن مخططات تحمل نفس الأسانيد والموازييك السامة: الدول والجمهوريات" البرتقالية"، الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، وغير ذلك. وهدفهم الوحيد البارز والأكثر أهمية حالياً، هو: إقناع الرأي العام، بأن إيران، مثلها مثل العراق، تشكل خطراً يهدد جيرانها، ويهدد الولايات المتحدة، ويهدد كل بقية العالم..
وحالياً، هناك كثير من "الأشرار" في إدارة الرئيس بوش، يؤكدون بإصرار، أن التفويض الذي منحه الكونغرس للرئيس بوش من أجل استخدام القوة ضد العراق، سوف يظل سارياً، وملزماً، بالتالي يمكن للرئيس بوش إعلان الحرب ضد إيران دون الرجوع للكونغرس، طالما أن الحرب ضد إيران هي مرحلة "تكميلية" وفصل من فصول الحرب ضد العراق، والتي لم تنته بعد..
في تمام الساعة السابعة وخمس وثلاثين دقيقة، مساء 20 أيار 2006م، تقدم النائب موريس هاينشي إلى مجلس النواب بعريضة تطالب بتعديل صلاحيات واختصاصات وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2007م، والتعديل الذي تقدم به هذا النائب يقول "الأموال المخصصة وفقاً لهذا القانون – أي قانون وزارة الدفاع- لايسمح باستخدامها واستغلالها في شن العمليات الحربية ضد إيران إلا وفقاً للمادة (1)، الفقرة (8) من دستور الولايات المتحدة.
والملاحظة الدقيقة تؤكد أن التعديل كان "فضولياً"، ولا حاجة إليه، وذلك لأنه يؤدي إلى تأكيد قسمة السلطات بين الكونغرس من جهة والرئيس بوش من جهة ثانية، خلال وقت الحرب، وقد كان التعديل الذي تقدم به هذا النائب عبارة عن محاولة لجس النبض، ودعم الاتجاه السائد في الإدارة الأمريكية، بأن يقوم الرئيس بوش بشن الحرب ضد إيران وفقاً للمادة (1)، الفقرة (8) من دستور الولايات المتحدة، وبالتالي عندما يوافق مجلس النواب على هذا التعديل.. يكون بالفعل قد وافق على الاستثناء .. وبالتالي .. تكون عملية إعلان الحرب ضد إيران.. يمكن أن يعلنها الرئيس دون الحاجة إلى الرجوع إلى الكونغرس.. لأنها "مُستثناه" .. وبرغم معارضة بعض النواب إلا أنه وعند إجراء التصويت في ليلة 20 أيار 2006، كانت النتيجة لصالح التعديل 296 مقابل 133 صوتاً..
وهكذا انخدع مجلس النواب للمرة الثانية.. في 20أيار 2006 بعد أن خدعوه  المرة الأولى في تشرين الأول 2003 حول أسلحة الدمار الشامل العراقية.. والتي لم تعثر عليها القوات الأمريكية حتى الآن ..

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...