لمحاربة الشخير عناق المنقّبة والجندي
ينجح الإعلان الذي يستخدم المحرمات كوسيلةٍ للإقناع، في أسر الانتباه. وعلى غرار إعلانات «بينيتون» المثيرة للجدل، باتت الشركات التجارية تميل إلى اللعب على ثيمة الاختلاف وجمع الأضداد، لجذب المستهلكين. هذا ما حصل مع شركة «سنورستوب» الأميركية لأدوية الرذاذ المعالج للشخير. أطلقت الشركة قبل أسبوع إعلاناً طرقياً في عدد من الولايات الأميركية بعنوان «نحافظ عليكم معاً». في الإعلان الذي انتشر بدايةً في طرق لوس انجلس، يظهر جندي أميركي بزيّه الرسمي يعانق امرأة منقّبة، في يدها اليسرى خاتم الزواج. خطف الإعلان الأنظار بسرعة، فاشتعلت مواقع الإعلام الجديد ومواقع الصحف الأميركية، خصوصاً أنَّ الاعلان مذيّل بوسم «كونوا معاً» الذي فتح مجالاً واسعاً أمام التعليقات.
وفي حديث صحافي، تشرح الناطقة الرسمية باسم الشركة الأميركية ميلودي ديفمارك علاقة المنتج بفكرة الإعلان، قائلةً: «هدف منتجنا إبقاء الأزواج معاً، وإذا نجحنا في الحفاظ على الثنائي الذي يظهر في الإعلان هذا، يعني أنّنا سننجح في الحفاظ على أيّ ثنائي آخر». إذاً اختار مصممو الإعلان جمع جندي في الجيش الأميركي بامرأة مسلمة ومنقّبة، في محاولة لجمع ما لا يُجمع، بهدف الترويج إلى مدى فاعلية المنتج الذي «ينقذ» الحياة الزوجية. تقول الشركة إن الاعلان مستوحى من قصة حقيقية، فضلاً عن أنّ الثنائي في الإعلان هما على علاقة في الواقع، والشاب هو جندي أميركي، والمرأة عارضة أزياء إيرانية الأصل.
في فيديو عن كواليس تصوير الحملة الدعائية، يحتفل مصمّمها مع الممثلين بالتعددية وبالتنوع وبتقبل الأخر. مجلس العلاقات الإسلامية ــ الأميركية من جهته، عبّر عن سروره بالإعلان، قائلاً بلسان المتحدثّة الرسمية باسمه في حديثٍ إلى صحيفة «ذا هافنغتون بوست»ـ «إنّ ظهور المسلمين في إعلانات تجارية لا علاقة لها بالدين، هو علامة أننا مقبولون في النظم الثقافية».
التفاعل مع الحملة في الإعلام الجديد لم يسر على خطٍ واحد، إذ استغرب كثر أن تكون فكرة كبيرة كالتي نراها في الإعلان، تروّج لمنتج معالج للشخير! وتساءل أحدهم: «في إعلان لمنتج مماثل، لماذا لا نرى إعلاناً يصور ثنائياً في السرير فقط؟ كيف لنا أن نحلّل ما يريد الملصق قوله أثناء القيادة؟»، كما اعترض البعض على مشاركة جندي في الخدمة، بإعلان تجاري، مطالبين بمقاضاة الشاب لأن ما فعله غير قانوني. كما أعتبر معلّقون آخرون أنّ الإعلان يروّج لفكرة مستحيلة، بحيث أنّ الجندي الأميركي قد يرتبط بامرأة مسلمة، لكنها حتماً لن تكون منقّبة كما يظهر في الإعلان، «فهذه مبالغة كاريكاتورية». كما ظهرت تغريدات تحتوي صوراً لجنود أميركيين يضربون طفلاً في العراق، مرفقة بتعليق «هذا ما يحصل في الواقع».
نجح الإعلان في مسعاه الأول والأخير: الجذب. لكن الأكيد أن فكرته تنطوي على كمِِّ كبير من السذاجة إضافةً الى التمييز المقلوب، عبر تكريس تنميطات مغلوطة وسطحيّة، مثل تصوير امرأة منقّبة كرمزٍ للمرأة المسلمة في العالم. ذلك ما تحدثت عنه الصحافية العراقية الأميركية أسيل ماشي في مقالٍ لها في صحيفة «ذا غارديان»، إضافةً إلى اعتبارها الإعلان عدائياً وعنصرياً. وتقول ماشي: «حين أرى جندياً في الجيش الأميركي يعانق امرأة مسلمة، أفكّر في الأعمال الوحشية التي ارتكبتها القوات الأميركية بحقّ النساء في سنوات «الديموقراطية والتحرير» في العراق. نساء وفتيات، من بينهن مَن لا يتجاوزن الخامسة عشرة، اغتصبن من قبل جنود أميركيين بين عامي 2003 و2004. وضع امرأة لا تمثّل الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة بين ذراعي رجل يمثّل مؤسسة مسؤولة عن الإرهاب وتعذيب الكثير من المسلمين في العالم (لا في العراق فقط)، هو أمر مزعج».
جوي سليم
المصدر : السفير
إضافة تعليق جديد