لماذا يعيد بوش فتح ملفّ تفجيرات الخُبر؟
يمكن الوقوف ملياً عند ورود اسم «حزب الله الحجاز»، على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش، عندما اتهمه في خطاب ألقاه في الخامس من أيلول الجاري، بالوقوف وراء تفجيرات الخبر شرق السعودية، حيث قُتل 19 أميركياً في 25 حزيران 1996، بانفجار صهريج مفخخ، وضع قبالة الأبراج السكنية التي يقطنونها
كما أن توقيت إعادة فتح ملف تفجيرات الخُبر ثانية، هو محل التساؤل والغرابة، لأنه تم التوافق على طي صفحته بين الرياض وطهران وبيروت. كما أن مرحلة جديدة من العلاقات دُشنت بين السعودية وإيران منذ عهد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني والملك فهد بن عبد العزيز.
والعلاقة بين الرياض وحزب الله، وإن شابها بعض الفتور إبان العدوان الإسرائيلي الأخير، إلا أنها شهدت قبله تطوراً ملحوظاً وسريعاً، وهي في طور مد الجسور من جديد خلال المرحلة المقبلة. لذا، فالإدارة الأميركية تحاول من خلال هذه الورقة، الضغط على إيران وحزب الله اللبناني، مذكرةً إياهما بصلاتٍ مزعومة عن ارتباط وثيق بينهما وبين حزب الله في السعودية. وفي الوقت نفسه، يصبو بوش إلى تخويف الخليجيين، وتحديداً السنّة، من نظرائهم الشيعة، محاولاً التقليل من التأييد الشعبي الواسع الذي حظيت به المقاومة، متجاوزة الحالة المذهبية الضيقة.
ويبدو من المفيد العودة إلى حزيران 2001، عندما أصدرت محكمة أميركية في مقاطعة فرجينيا الشرقية، لائحة مطولة ذكرت فيها بالتفاصيل روايتها لعملية الخبر، متهمة 13 سعودياً، ومعهم لبناني واحد (جون دو) بالتخطيط للعمل «الإرهابي» وتنفيذه.
في ملف القضية، وعبر التحقيقات التي أجريت، جرت تبرئة الشيخ سعيد البحار، من مدينة القطيف، ليطلق في عام 2003، رغم ورود اسمه على لائحة الاتهام الأميركية!
وفي الوقت نفسه، جاء ذكرٌ لأربعة أشخاص هم: فاضل العلوي، وعلي المرهون، ومصطفى المعلم، وصالح الرمضان. وجميعهم احتجزوا قبل العملية بين شهري آذار ونيسان 1996، على خلفية شحنة من مادة «سي 4» المتفجرة، كان ينوي العلوي تهريبها مخبأة في سيارته إلى السعودية عبر منفذ «الحديثة» الحدودي، إلا أنها كُشفت وجرى توقيفه في 28 آذار.
عبد الكريم الناصر (زعيم التنظيم)، أحمد المغسل (رئيس الجناح العسكري)، علي الحوري، وإبراهيم اليعقوب، أربعة أسماء وردت أيضاً في اللائحة. إلا أنه لا الإدارة الأميركية ولا السلطات السعودية، استطاعتا القبض عليهم.
غياب حيثيات محددة عن التحقيق، أبقى الملف شائكاً، وغير مكتمل، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على فتحه. وهي سنوات كانت كفيلة بأن تتبدل فيها أحوال كثيرة، أدّت إلى انتفاء مجمل الأسباب التي من رحمها ولد «حزب الله الحجاز» ليضمحلّ ويتلاشى معها الوليد المؤقت.
وبرغم وجود تسعة موقوفين على خلفية العملية وذيولها، إلا أن هذه التفصيلات الأمنية لم تحل دون انخراط عدد من قادة التنظيم السابق، ممن كانوا يعملون تحت إطار «تجمع علماء الحجاز»، في العمل الاجتماعي والسياسي السلمي.
وكان لافتاً توجيه «مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني» الدعوة إلى الشيخ حسن النمر، أحد رموز التجمع، للمشاركة في الحوار الوطني الأخير، وإبرازه إعلامياً في الصحافة السعودية وعدد من الفضائيات العربية.
مثال آخر، الشيخ عبد الكريم الحبيل، وهو من أبرز القادة التاريخيين لـ «خط الإمام»، والذي اعتقل لسنوات على خلفية التفجيرات التي طاولت منشآت صناعية ونفطية في الجبيل ورأس تنورة عام 1989، فهو الآخر، انخرط في العمل الوطني، في دلالة واضحة على حدوث تغيير عمليّ ومنهجي في الأداء، وسلوك طريقة ساعدت فعلياً على تفكيك بنية التنظيم، الذي خرج أفراده من السجن ليكملوا حياتهم بطريقة مختلفة عما كانت عليه سابقاً، من دون تسجيل خرق مهم، أو تحرك مشبوه من أي منهم.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد