لماذا تحتل الجامعات السورية مراكز متأخرة في أنظمة التصنيف العالمية؟
تغيّبت معظم الجامعات السورية عن التصنيفات الأكاديمية العالمية، واحتلت موقعاً متأخراً بالنسبة للجامعات العربية وجامعات الجوار، وفق أنظمة التصنيفات العالمية التي تصنف الموقع الإلكتروني للجامعات.
وتؤثر أنظمة التصنيف العالمية على جميع المعنيين بالتعليم العالي من طلاب ومؤسسات اقتصادية ومنظمات حكومية أو خاصة، وبغض النظر عن فوائد التصنيف الجيد، يؤدي التصنيف السيء إلى إضعاف مكانة المؤسسة وسمعتها.
وبحسب دراسة أعدّها ونشرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات”مداد”، فإن “إهمال البحث العلمي، الذي تعطيه التصنيفات العالمية أهمية كبرى، إضافة إلى مجموعة مشاكل أخرى تعد السبب الأساسي في تراجع أو غياب معظم مؤسسات التعليم العالي السورية من التصنيفات الأكاديمية”.
وأوضحت الدراسة أن “دورة البحث العلمي في الجامعات السورية غير كاملة، فالأبحاث المنجزة غير مترابطة مع بعضها وليست تراكمية، كما أنها ليست موجهة للاستثمار والاستخدام الأمثل في عملية التطوير والتنمية، إنما تعدّ كواجب للترفيع بالنسبة لعضو الهيئة التعليمية”.
وأكملت الدراسة “ويؤدي الكم المتزايد للطلاب، إلى اختزال عملية التعلم باكتساب المعرفة، على حساب المهارات، ولاتزال الجامعات السورية الكبرى ، على الرغم من عراقتها، تسير على النظام التقليدي للتعليم، ومنشغلة بمسألة الاستيعاب الجامعي للأعداد المتزايدة من الطلاب”.
وبينت الدراسة أن “الترهل الإداري والنظام الداخلي للجامعات، إضافة إلى عدم مواكبة التحولات الرقمية في التعليم العالي واستخدام تكنولوجيا المعلومات، يعتبر من العوامل الحاسمة في مسألة تكيّف الجامعات السورية مع أنظمة التصنيفات العالمية”.
ومن جملة المشاكل التي تواجه الجامعات السورية، بحسب الدراسة “غياب خطط إستراتيجية لدى الجامعات لتحسين ترتيبها في سلم التصنيف العالمي، والفجوة الكبيرة بين أعداد الطلاب المتزايدة، والتي وصلت إلى700 ألف طالب جامعي، وأعداد الهيئة التعليمية، حيث شهد الطاقم الأكاديمي تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة”.
وأرجعت أسباب هذا التراجع إلى “إغلاق بعض الجامعات، وهجرة العقول وعدم عودة الدارسين بالخارج، إضافة إلى تفضيل العمل في القطاع الخاص وعمليات الإعارة للمدرّسين التي تتم مع الجامعات في الدول الأخرى”.
وأشارت الدراسة إلى أن “عدم انضمام سوريا لاتفاقيات اليونسكو الخاصة بالتعليم العالي، والاتفاقية الدولية للاعتراف بمؤهلات التعليم العالي بين الدول المتوسطية، ترك أثراً واضحاً في قدرة الجامعات على المنافسة وفق المعايير التي تتطلبها أنظمة التصنيف”.
ونوهت الدراسة إلى أن “هذه التصنيفات نشأت أساساً لأغراض تجارية وربحية، وفي إطار الترويج والتنافس بين الجامعات العريقة لاستقطاب أفضل الطلاب في سوق التعليم العالمية، ويأتي صدورها في إطار الموجة الليبرالية، التي تدفع باتجاه خصخصة التعليم العالي”.
واعتبرت الدراسة أنه ” ورغم وجود 23 جامعة خاصة إلى جانب 7 جامعات حكومية، فإنها جميعا تتبع إستراتيجيات أدت إلى هيمنة الكم على النوع، وتعطي مخرجات متقاربة ينقص معظمها المهارات والقدرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل”.
وعزت الدراسة أسباب هذا التقارب إلى أن ” الجامعات الخاصة تعتمد أساساً على الطاقم الأكاديمي في الجامعات الحكومية، ووجود جامعة خاصة واحدة فقط هدفها غير ربحي”.
وبالنسبة لأنظمة التصنيف التي تعتمد على الموقع الإلكتروني للجامعة، نفت الدراسة وجود علاقة سببية بين جودة المؤسسة وتصنيفها العالمي، فصورة الجامعة على موقعها لا تعكس قدراتها الواقعية”.
وكمثال على ذلك، نشرت المجلة الأمريكية المحكّمة دراسة تبّين أن 2749 من خريجيّ جامعة دمشق حصلوا على الترخيص للعمل كأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، وهذا الرقم هو أكبر من عدد طلاب الجامعة السورية الخاصة التي تفوّقت على جامعة دمشق وفق تصنيف الويبوماتريكس.
سبب آخر لغياب الجامعات السورية عن هذه التصنيفات، هو أن سياسات الجامعات في سوريا، لم تأخذ أنظمة التصنيف بجديّة في الماضي، ولا تعتمد سياسات وزارة التعليم العالي في سوريا على أنظمة تصنيف الجامعات العالمية في توجهات إيفاد طلابها.
واعتبرت الدراسة “أن التصنيفات العالمية أحادية البعد، حيث تطبق معايير وقياسات للأداء تنطبق على جميع الجامعات، بدون أخذ السياق الإجتماعي والبيئة الإجتماعية والاقتصادية والسياسية بعين الاعتبار”.
وتصدر التصنيفات الأكاديمية العالمية دورياً عن الشركات التجارية، ومؤسسات إعلامية وبعض الجامعات وهيئات الاعتماد، ومنظمات حكومية وغير حكومية.
ويعود الدافع وراء هذه التصنيفات لتقديم قائمة للجامعات الجيدة، لمساعدة الطلاب في عملية اختيار الجامعة المناسبة لمتابعة دراستهم، ومؤشراً لأرباب العمل في اختيار الموظفين، وأداة معلوماتية لصانعي سياسات التعليم العالي.
وتعتمد التصنيفات على مؤشرات تتعلق بالبحث العلمي والتعليم والابتكارات، وحجم المؤسسة التعليمية وامكانياتها وحجم موقعها على الانترنت، وكذلك ” البرستيج” أو السمعة الأكاديمية للمؤسسة التعليمية.
يذكر أن جامعة دمشق تحتل المرتبة 3654 عالمياً، وفق تصنيف الويبوماتريكس، والأولى محلياَ، تليها جامعة حلب في المرتبة 4564، وجامعة تشرين في المرتبة 4736.
تلفزيون الخبر
إضافة تعليق جديد