للمرة الأولى: نساء سوريات يَقدْن الحافلات العامة
اعتاد المجتمع السوري مشاهدة رجالٍ يقودون حافلات المدارس. لكنّ المشهد يختلف الآن، فظروف الحرب وتهجير الشباب في تزايد، ما دفع المرأة السورية لدخول مجالات لم تكن متاحة من قبل. فبخطوة جريئة، وللمرة الأولى في سوريا، حصلت مؤخراً عشر سيدات دفعة واحدة على شهادات تخوّلهنّ قيادة الحافلات العامة.
أحدثت هذه الظاهرة ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا أن قيادة المركبات العامة كباصات النقل الداخلي تتطلب جهداً كبيراً في مدينة دمشق التي تشهد ازدحاماً مرورياً خانقاً. وبين القبول والرفض من المجتمع، كانت للسيدات دوافعهنّ الخاصّة.
تقول السيدة هالة العاصي، المشرفة الإداريّة في مدرسة «دار الفرح» وإحدى السيدات اللواتي حصلن على شهادة قيادة عامة، إنّ قيادة الحافلة هي جزء من المسؤولية تجاه الأطفال للحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية في حالات الطوارئ، خصوصًا في الظروف الراهنة. موضحة أن عاطفة الأمومة تجعل خوف المرأة على الأطفال مضاعفًا.
تضيف العاصي: «كانت الفكرة جماعية لنشر ثقافة المبادرة والمشاركة وإحداث تغيير إيجابي حقيقي في المجتمع، فالأوضاع الحالية فرضت اعترافاً بحاجة المجتمع إلى المرأة، وبروزها في مجال الأعمال وميادين كثيرة بالتساوي مع الرجل».
تكمل العاصي حديثها بفخرٍ مؤكّدة أن تجربة قيادة الحافلات كغيرها من التجارب التي خاضتها المرأة السورية للمرة الأولى، وأثبتت أنها قادرة على إنجاز جميع المهمات على الرغم من صعوبتها.
لاقى الأمر تعاونًا وتشجيعًا من قبل الجهات الحكومية، هذا ما أكدته صفاء عرفات، المشرفة الإدارية في المدرسة نفسها. «قدّرت قيادة المرور هذه الخطوة، وحصلنا على شهادة فئة (ج)، ونتمنى الحصول في أقرب وقت على شهادة (د1) لنوسّع مهامنا».
يقول معاون وزير النقل السوري عمار كمال الدين عن هذه الظاهرة إن الفتيات أبدين تفوقاً في اختبارات السلامة المرورية والمواد النظرية، كما تمّ تدريبهن على برنامج عمل خاص بنقل طلاب المدارس وخضعن لاختبارات قيادة على باصات وميكروباصات معدّة للنقل العام».
أما رئيس قسم الإجازات في المرور محمود صالح، فيؤكد أنها المرة الأولى التي تحصل فيها مجموعة من السيدات على شهادة قيادة عامة. «حصلت السيدات على شهادة فئة (ج)؛ وهو ما يؤهلهن قانونياً لقيادة المركبات العمومية الصغيرة والمتوسطة التي لا يزيد عدد مقاعدها على 10، وسيارات النقل العمومي التي لا يزيد وزنها الإجمالي على 4 طن. «تُعَدّ هذه الحالة فريدة وغير معتادة في مجتمعنا، لكننا نفخر بهنّ ونقدم لهنّ الدعم قدر المستطاع، فالمرأة السورية دائماً ما تثبت جدارتها في مختلف المجالات».
من جهتها تعيد هند جميل، إحدى النساء العشر، المبادرة إلى حادثة حصلت مع إحدى المدارس المجاورة، حيث طُلب السائق للاحتياط على أحد الحواجز في دمشق أثناء إيصال الأطفال إلى بيوتهم. وتوضح: «كانت فكرة حصولنا على شهادة قيادة عامة للتعامل مع المواقف الطارئة، ومحاولةً لترميم الفجوة الحاصلة في المجتمع نتيجة نقص الكوادر». مشيرة إلى أن المجموعة التي حصلت على شهادة قيادة عامة جميعهنّ مشرفات صفوف وإداريات في مدرسة «جوقة الفرح»، متمنية أن تنتشر الفكرة في المدارس السوريّة كلها.
حسانة سقباني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد