لقاءات حافلة في باريس: محاولة لنزع الفتيل الأوكراني
طغت اللقاءات المباشرة، الأولى منذ التلويح بتدخل عسكري لموسكو في أوكرانيا، بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وعدد من نظرائه الغربيين، أبرزهم الأميركي جون كيري والألماني فرانك فالتر شتاينماير، على مشهد الأزمة الأوكرانية أمس، والتي أعرب في ختامها الوزير الروسي عن «قلق» مشترك، معلناً في الوقت ذاته التوافق «على مواصلة المباحثات... لنرى كيفية المساعدة في إرساء الاستقرار وتطبيع الوضع وتجاوز الأزمة»، فيما قال نظيره الأميركي «بدأنا اليوم عملية، ونأمل في ان تقود الى نزع فتيل التصعيد».
وفي سياق المفاوضات المستمرة، برز مساءً إعلان الكرملين أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل بحثا «سيناريوهات» يمكن أن تتيح «تطبيع» الوضع في أوكرانيا. وأضاف الكرملين أنّ الزعيمين «ناقشا سيناريوهات تعاون دولي بهدف تطبيع سياسي للوضع في أوكرانيا»، لافتا إلى أنّ ميركل بادرت إلى الاتصال بالرئيس الروسي.
جدير بالذكر أنّ هذه المحادثة، وهي ليست الأولى خلال الأسبوع الحالي بين بوتين وميركل، تأتي بعد تسريبات أشارت إلى أنّ الولايات المتحدة تبحث، بالتواصل مع ألمانيا، في سبل تقديم مخرج للرئيس الروسي في الأزمة الأوكرانية. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، في وقت متأخر أمس الأول، إنّ الفكرة التي أشار إليها الرئيس باراك اوباما خلال الاتصال الهاتفي مع بوتين السبت الماضي، تقضي بالرد نقطة بنقطة على القلق الذي عبّرت عنه موسكو حيال الوضع في أوكرانيا. وأضاف أنّ الرئيس اوباما تطرق أيضا إلى هذا المخرج خلال محادثات هاتفية أجراها، أمس الأول، مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، لافتا إلى العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية الوثيقة بين ألمانيا وروسيا الأمر الذي من شأنه أن يسهل إجراء حوار.
وكان الرئيس الروسي قد قال، في وقت سابق أمس، أمام أعضاء مجلس الوزراء «نمر بتوتر سياسي مألوف وينبغي ألا يؤثر على التعاون الاقتصادي الحالي»، مضيفاً أنه «من الضروري ألا نزيد الموقف صعوبة... نحن بحاجة إلى التعاون مع كل شركائنا التقليديين ـــ مع حماية مصالحنا بالتأكيد. لا حاجة إلى استثارة المشاعر».
وبالعودة إلى اللقاءات الباريسية، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من باريس، أمس، أنّ المباحثات في محاولة لإيجاد حل للازمة الأوكرانية «ستتواصل»، وذلك لدى مغادرته الخارجية الفرنسية من دون أن يلتقي نظيره الأوكراني اندريه ديشتشيتسا، برغم ضغوط غربية. وفي مكتب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، اجتمع لافروف مساء بنظرائه الأميركي جون كيري والألماني فرانك فالتر شتاينماير والبريطاني وليم هيغ ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون. وخلال لقاء لافروف وكيري تبادلا المزاح كعادتهما أمام الصحافيين. وقال لافروف عندما رأى كيري يفتح ملف الأوراق الرسمية الذي يحمله «إنه ملف كبير». وأجاب كيري «هذا أمر لا يعنيك».
وأعلن وزير الخارجية الروسي، في تصريح مقتضب للصحافيين لدى مغادرته الخارجية الفرنسية مساءً، «أجرينا يوما طويلا من المشاورات حول أوكرانيا. نحن جميعا قلقون حيال ما يحصل هناك»، مضيفاً «توافقنا على مواصلة المباحثات في الأيام المقبلة لنرى كيفية المساعدة في إرساء الاستقرار وتطبيع الوضع وتجاوز الأزمة». وردا على سؤال للصحافيين عما إذا كان التقى نظيره الأوكراني، أجاب «من هذا؟ لم أر أحدا».
وبعد مغادرة لافروف، استؤنفت المشاورات بين فابيوس وكيري وهيغ وشتاينماير واشتون وانضم اليهم وزير الخارجية الأوكراني، الذي قال «اعتقد فعلا اننا متجهون الى مخرج ايجابي». وبعيد انتهائها، أعلن كيري أن اتفاقا تم التوصل لمواصلة «المشاورات الكثيفة»، مضيفاً «لقد بدأنا اليوم عملية ونأمل في ان تقود الى نزع فتيل التصعيد» في اوكرانيا، موضحاً «لم يكن لدي اي طموح» للقاء يجمع وزير الخارجية الروسي ونظيره الأوكراني.
في المقابل، وبانتظار نتائج القمة الأوروبية اليوم، فإنّ الحديث عن البحث عن مخارج و«تطبيع» الوضع لا يعني عدم انكشاف خريطة النفوذ الروسي الإقليمي أمام محاولات للتأثير عليه، حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، أمس، أنّ بلاده قررت تكثيف التدريبات الجوية المشتركة مع بولندا وزيادة مشاركتها في حماية المجال الجوي لدول البلطيق.
وقال وزير الدفاع الأميركي، أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، «هذا الصباح (أمس)، تتخذ وزارة الدفاع إجراءات لدعم حلفائنا بينها تكثيف التدريبات المشتركة عبر وحدتنا الجوية في بولندا وزيادة مشاركتنا في مهمة شرطة الأجواء التابعة للحلف الأطلسي في دول البلطيق»، وهي استونيا ولاتفيا ولتوانيا. وفي ما يتصل مباشرة بالأزمة الأوكرانية، شدد وزير الدفاع الأميركي على الحاجة إلى «قيادة حكيمة وصلبة»، مضيفا «علينا أن نكون جميعا إلى جانب الشعب الأوكراني لدعم وحدة أراضيه وسيادته، إضافة إلى حقه في أن تكون له حكومة تلبّي تطلعاته».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد