لبنان: سليمان يضغط لتسريع الحكومة... وعون ما زال مصرّاً على مطالبه
دخلت الاتصالات من أجل معالجة إصرار زعيم تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي اللبناني و «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، على الحصول على حقيبتي الاتصالات والأشغال العامة والنقل، إضافة الى وزارتي الشؤون الاجتماعية والصناعة (أو الاقتصاد) نصف إجازة، أمس واليوم، فجمّد رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة جهوده واقتراحاته في شأن مطالب عون. لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أخذ على عاتقه إجراء الاتصالات اللازمة لتسريع تشكيل الحكومة «خلال اليومين المقبلين، كما أعلن قبل ظهر أمس في كلمة له أمام أعضاء السلك القنصلي في القصر الرئاسي.
في غضون ذلك، تجدّدت المخاوف من التفجيرات الأمنية التي كانت عنصراً ضاغطاً من أجل تسريع تأليف الحكومة، نظراً الى أن غياب المظلة السياسية التي يشكلها وجود هذه الحكومة، يساهم في التفجيرات المتنقلة. إذ وقع حادث جديد صباح أمس حين قُتل مواطن وجرح زهاء 30 آخرين في محلة الملولة الواقعة بين منطقتي بعل محسن العلوية وباب التبانة السنّية في طرابلس، بانفجار عبوة ناسفة قُدِّر وزنها بنحو 25 كلغ من المواد المتفجرة، وذلك في مبنى سكني قديم، ما أدى الى عودة التوتر وظهور مسلح في شوارع وأزقة عدة من باب التبانة.
وأثار التفجير الجديد تنديداً واسعاً في المدينة وخارجها، خصوصاً من رئيسي الحكومة السابقين عمر كرامي ونجيب ميقاتي والمفتي مالك الشعار الذين أجروا اتصالات بكبار المسؤولين، ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وعقد اجتماع لفعاليات ووجهاء منطقة عكار التي تسود إشاعات منذ أسبوع بأن الصدامات قد تمتد اليها. وركز الاجتماع على التهدئة وعدم الأخذ بالإشاعات والابتعاد عن الفتن، وطالب المجتمعون باستعجال تشكيل الحكومة للخروج من المأزق.
وأجرى السنيورة اتصالات بكل من الرئيس كرامي، المفتي الشعار، ثم بقائد الجيش بالنيابة اللواء شوقي المصري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي «للاطلاع على ملابسات التفجير الآثم الذي تعرض له أحد المباني السكنية في مدينة طرابلس والإجراءات الأمنية المتخذة والتحقيقات الجارية».
وشدد السنيورة على ضرورة «تنفيذ كامل الإجراءات الأمنية التي تحاصر الفتنة وتحمي المواطنين».
وكان السنيورة، بعدما أبلغ العماد عون ليل الجمعة، عبر مستشاره السفير محمد شطح، أن عرضه إسناد حقيبة الاتصالات إضافة الى منصب نائب رئيس الحكومة وحقائب الشؤون الاجتماعية والصناعة والاقتصاد، الى تكتل عون، قد سُحب إثر إصرار عون على الاحتفاظ بحقيبة الأشغال العامة كحقيبة أساسية، إضافة الى الاتصالات، أجرى ظهر أمس اتصالين بالرئيس سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، أبلغهما خلالهما أنه قدّم أقصى ما يستطيع من تسهيلات لإرضاء مطالب العماد عون. وأبلغ السنيورة سليمان وبري أن عون يصر على طلب المزيد في تشكيل الحكومة، وأنه سحب عرضه الأخير في شأن إسناد حقيبة الاتصالات ومنصب نائب رئيس الوزراء الى كتلته بسبب إصرار عون على الحصول على حقيبة الأشغال العامة. وقالت مصادر ان السنيورة طلب الى سليمان وبري القيام بما يستطيعان في شأن حلحلة هذه العقدة، لأنه لم يعد لديه ما يقدمه في هذا الصدد.
وقالت مصادر قريبة من السنيورة إن الأخير وفريقه الذي كان يعمل في طبخة الحكومة «أطفأ المحركات» وتوقف عن إجراء أي اتصال أو طرح أي فكرة بديلة، باعتبار أن مخرج إسناد منصب نائب رئيس الحكومة وحقيبة الاتصالات الى عون اقترحه «حزب الله»، وطرحه أحد أركان المعارضة الوزير السابق سليمان فرنجية على الرئيس سليمان الذي تبناه وأقنع السنيورة به، لأن أركان المعارضة أبلغوا رئيس الجمهورية أن هذا المخرج كفيل بتسريع إصدار مراسيم الحكومة التي طال انتظارها، إلا أن عون لم يكتفِ به وأصر على الاحتفاظ مع هذه الحقيبة بالأشغال العامة ولم يقدم أسماء «توحي بالثقة» من فريقه لتولي الاتصالات، بناء لطلب سليمان والسنيورة نظراً الى حساسية هذه الحقيبة.
وإذ أعلنت مصادر حكومية ان السنيورة «أبدى مرونة واسعة وكبيرة بتعاون طيب مع رئيس الجمهورية»، وقالت: «يبدو ان سياسة المرونة تقابلها سياسة التطلّب من البعض فيما الناس تئن من أوجاع التوتر الأمني»، فإن الرئيسين سليمان وبري أبديا انزعاجهما من موقف عون. ونقل عن بري قوله ليل الجمعة أنه سيوقف بدوره الاتصالات لحلحلة العقد من أمام الحكومة. وأبدى بعض حلفاء عون استغرابهم من أنه طالب في الاتصالات الجارية معه أيضاً بعدم إسناد حقائب خدماتية أساسية للمناوئين له من مسيحيي قوى 14 آذار وانه يصر على المعرفة المسبقة بأسماء وزراء «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب والحقائب التي سيتولونها.
وفيما قالت مصادر السنيورة انه يفترض أن يتولى الرئيس سليمان الاتصالات بقادة المعارضة لحلحلة الموقف وأنه يفترض بالرئيس بري و «حزب الله» بذل جهودهما مع عون كي يعدّل موقفه، أبلغ سليمان زواره أمس أنه سيتولى إجراء الاتصالات الضاغطة مع جميع الفرقاء لتسريع ولادة الحكومة.
وهو قال في كلمته أمام السلك القنصلي إن «ليس من سبب يبرر عدم تأليف حكومة الوحدة الوطنية ومن لا يسهل ذلك يرتكب خطأ جسيماً في حق الوطن والشعب الذي يحتاج الى استقرار...»، ورأى رئيس الجمهورية ان على «الجميع المساهمة في تسهيل تأليف الحكومة، ولو من حساباته الشخصية أو من الوعود المقطوعة لبعض محازبيه...».
وبررت مصادر قريبة من السنيورة وقفه الاتصالات حول تذليل عقدة عون بالقول: «يصعب التفاوض معه لأن لديه مطالب وأهدافاً متحركة وثابتة وكلما اقترحت عليه مخرجاً يغيّر. وعلى رغم أن «حزب الله» والرئيس بري أكدا أنهما ما زالا عند التزامهما بأن العرض الأخير يساعد في حلحلة الموقف، إلا أنه لا يبدو أنهما مستعدان لممارسة ضغوط على عون كي يبدي مرونة مقابل مرونة السنيورة والأكثرية». وأضافت المصادر ان «مسيحيي 14 آذار حذروا السنيورة من أن تساهله مع عون سيؤدي به الى طرح المزيد من الشروط، إذ سيأخذ كل تنازل ويضعه في جيبه ويطلب المزيد، في وقت كان البعض من الأكثرية يعتقد بأن عون سيتعاطى مع حصوله على حقيبة الاتصالات باعتباره انتصاراً له أمام جمهوره... لكنه لم يفعل».
في المقابل قالت مصادر عون مساء أمس أنه مصرّ على مطلبه الاحتفاظ بحقيبة الأشغال إضافة الى الاتصالات. وذكرت المصادر انه لم يتصل به لا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ولا الرئيس بري ليغيّر موقفه. وأوضحت مصادر عون انه «على قناعة كاملة بأن حلفاءه لن يدخلوا الحكومة إذا لم يدخلها هو».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد